«بسرعة، شارك في المسابقة الكبرى للسنة، أرسل كلمة Jeu عبر Sms إلى الرقم 2011 واربح سيارة رباعية الدفع من النوع الرفيع (سعر الرسالة 24 درهما)».. مثل هذه الرسائل يتوصل بها الكثير من المشتركين في خدمة الهاتف المحمول لاتصالات المغرب، فيعملون على إرسال رسائل كثيرة إلى الرقم المذكور قبل أن ينتبهوا إلى أن فاتورتهم الشهرية ارتفعت وأنهم كانوا ضحايا لعملية نصب لا تعرف خيوطها. من هؤلاء الضحايا (محمد و) من مدينة آزرو الذي يروي كيف سقط ضحية تلاعب كلفه فاتورة لم يكن يتوقعها بينما كان يحلم بسيارة رباعية الدفع. يقول محمد إنه توصل بمثل هذه الرسالة في نهاية دجنبر الماضي، تحثه على إرسال عدد كبير من الرسائل للفوز بسيارة وشاشات مسطحة للفائزين العشرة الأوائل. مباشرة بعد توصله بالرسالة قام، مدفوعا بالرغبة في الفوز، بإمطار الرقم 2011 بما مجموعه 198 رسالة وهو يظن بأن شركة اتصالات المغرب هي التي تقف وراء تنظيم المسابقة، وبسبب هذا الكم الكبير من الرسائل توصل محمد برسالة من نفس الرقم تخبره بأنه يوجد ضمن العشرين الأوائل المرشحين للفوز، فزادت فرحته إلا أنه أراد أن يطمئن أكثر فقام بالاتصال بخدمة المشتركين في اتصالات المغرب على الرقم 777 للاستفسار عن المسابقة، يقول محمد: «عندما طلبت منهم توضيحات حول المسابقة واسم الموثق الذي يشرف عليها، أجابتني العاملة في مركز النداء بأنها ستتصل بالمسؤولين لاستفسارهم وأنها ستعيد الاتصال بي، لكن العاملة لم تعد الاتصال». وبعد أيام أعاد محمد الاتصال بمركز النداء ففوجئ بالعاملة تخبره بأن شركة «اتصالات المغرب» لا علم لها بالهوية الحقيقية لأصحاب الرقم 2011، وأنها لا تتحمل أية مسؤولية عن نشاط هذه الشركة الوهمية، وأكثر من ذلك فإنه تم إخبار محمد بأن قاعدة بيانات شركة «اتصالات المغرب» تعرضت للقرصنة. أسئلة كثيرة بدأت تدور في رأس محمد منها: كيف تمكنت هذه الشركة الوهمية من الحصول على رقم هاتفه الشخصي، وما علاقة هذه الشركة الوهمية بشركة «اتصالات المغرب»، خاصة أن هذه الأخيرة هي التي ستستخلص فاتورته الشهرية، التي وصلت خلال شهر يناير الماضي إلى أزيد من 4600 درهم، في حين كان معدل فاتورته لا يتجاوز 700 درهم في الشهور العادية؟ ويتخوف محمد من أن فاتورته مرشحة للارتفاع من جديد في شهر فبراير لأن جزءا من الرسائل التي وجهها تم في الشهر الموالي. وللجواب عن الأسئلة التي لازال محمد وغيره من المواطنين الذين سقطوا ضحايا لهذه التلاعبات يطرحونها، كان لابد من البحث عن المسؤولية لدى كل من شركة «اتصالات المغرب» باعتبارها الشركة التي ينخرط فيها من تعرضوا للنصب، ولدى الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ANRT التي تعتبر الجهة الحكومية الوحيدة المكلفة بمراقبة قطاع الاتصالات ومنح الترخيصات. ومن خلال بحث أولي أجرته «المساء» تبين أن الرقم 2011 ليس الوحيد الذي تستخدمه الشركة الوهمية للإيقاع بالمواطنين، بل هناك أرقام أخرى مثل الرقم 2028، الذي ترسل عبره مثل هذه الرسائل التي تعلن عن وجود مسابقات من هذا النوع. الأجوبة التي حصلت عليها «المساء» من شركة اتصالات المغرب لم تزد هذه القضية إلا غموضا، فبتركيب الرقم 777 الذي يخص خدمة الاشتراك في الهاتف المحمول لشركة «اتصالات المغرب» تجيب عاملة مركز النداء عن تساؤل «المساء» حول هذه الأرقام الوهمية قائلة: «نحن آسفون، لا علاقة لاتصالات المغرب بمثل هذه المسابقات ولا نعرف من هم أصحاب هذه الأرقام»، وتضيف العاملة في مركز النداء قائلة: «إن الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ANRT هي التي تمنح التراخيص لمثل هذه الشركات». أما مسؤول في قسم الاتصال بالشركة فيجيب بالقول: «إن اتصالات المغرب ملتزمة بعدم تقديم أرقام هواتف المشتركين لديها لأي شركة أخرى»، وعن الطريقة التي تحصل بها هذه الشركات على أرقام الزبناء يجيب قائلا: «هناك شركات أصبحت متخصصة في إعداد قاعدة بيانات واسعة لزبناء شركات الاتصالات، عن طريق حضور الندوات وتسجيل أرقام الهواتف وكل المعلومات الشخصية ثم بيعها للشركات التي تعمل في هذا المجال». وعندما سألت «المساء» المسؤول بخصوص الفاتورة الباهظة التي يؤديها المشارك ل«اتصالات المغرب» بسبب المشاركة في المسابقات الوهمية، وما إذا كانت الشركة تؤدي الفرق للشركة الوهمية التي تعلن عن المسابقة، أجاب مترددا « أرجو أن تمنحني بعض الوقت لاستفسار المسؤولين»، طالبا توجيه أسئلة إليه عبر البريد الإلكتروني لعرضها على المسؤولين، لكنه لم يقدم أي جواب فيما بعد. وبعيدا عن مسؤولية شركات الاتصالات، يبدو أن هناك غموضا أيضا في دور الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات التي تعتبر الوصي على هذا القطاع، فمن الناحية القانونية فإن «الشركة الوهمية» التي تتعامل مع المشتركين باستخدام الأرقام 2011 و2028 تدخل في إطار الشركات التي تقدم «خدمات ذات قيمة مضافة»، مثل خدمات الرسائل الإليكترونية والمخاطبة الصوتية، والرسائل السمعية وخدمات المعلومات على الخط.. وغيرها، والتي تخضع لترخيص الوكالة بناء على دفتر تحملات، وأداء مبلغ 1800 درهم. وحسب مصادر من الوكالة فإن عدد هذه الشركات في تزايد مستمر، حيث بلغ عددها إلى حدود أمس 7917، ونفت المصادر علمها بهوية الشركة التي تستخدم الأرقام 2011 و2028، مشيرة إلى أن الشركات التي تطلب الترخيص تعلن عن اسمها ولا تعرف لدى الوكالة بأرقامها التي تتعامل بها مع المشتركين في الهاتف. وبعد حصول شركة الخدمات ذات القيمة المضافة على الترخيص فإنها تبحث عن التعامل مع إحدى شركات الاتصالات العاملة في القطاع من خلال عقد اتفاق معها، حيث تشرع في تسويق خدماتها المتعلقة سواء بالمسابقات أو بتقديم معلومات معينة، لكنها تكون ملزمة بالإعلان عن ثمن الرسائل القصيرة عبر الهاتف، كم أنها تكون ملزمة، حسب القانون بوضع نص يشير إلى أن متلقي الرسالة يمكنه الضغط على علامة تتيح له رفض التوصل باستمرار بمثل هذه الرسائل. وحسب مصادر من وكالة تقنين الاتصالات فإن أرباح هذه الشركات تتم عبر استخلاصها جزءا من فواتير الزبناء المؤداة لدى شركة الاتصالات. وبخصوص مسؤولية الوكالة في زجر المخالفين للقانون والمتلاعبين بالزبناء، اعترف مصدر مطلع بأن هناك فراغا قانونيا يدفع شركات الاتصالات وشركات الخدمات ذات القيمة المضافة إلى استغلاله للإيقاع بالمشتركين. وقال المصدر إن كل ما تستطيع الوكالة فعله في حالة ما إذا لاحظت وجود خرق قانوني هو تنبيه شركات الاتصالات إلى ضرورة الانضباط للقانون.وفي ظل تنصل شركات الاتصالات من المسؤولية عن علاقتها بشركات الخدمات التي تعلن عن مسابقات وهمية، واعتراف الوكالة بأن هناك غموضا وفراغا قانونيا فإنه يبقى فقط تنبيه المواطن إلى ضرورة التزام الحيطة والحذر من مثل هذه «الخدمات».