قصة التونسي أحمد الورغمي محزنة كثيرا، فعلى مدار سنوات طويلة وهو يعيش في فرنسا من غير وثائق برغم طلبه للجوء السياسي، "مرايا بريس" إلتقته وكان معه هذا الحوار. بعد 23 عاما في فرنسا، لم يتحصل أحمد الورغمي على اللجوء السياسي ولا حتى إقامة عادية، فماهي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ذلك؟ صحيح لقد طالت بى مشقت الغربة وعذاب الهجرة والحرمان ثلاثة وعشرون سنة من الغياب عن الوطن والأهل والأسرة كما أني لم أرى زوجتي وأبنائي المحجوزين عني إلى اليوم من طرف النظام التونسي بداية من شهر جوان 1994 ومع طول هذه المدة لم أتحصل على بطاقة الإقامة لا العادية ولا عن طريق اللجوء السياسي بتحريض من البوليس التونسي برغم من حصولي في 4 فيفري 2005 على الحماية من طرف مكتب إدارة اللجوء (OFPRA) إلا أنّ مكتب الهجرة من عنصريتها ضدي رفضت أن تسلمني بطاقة الإقامة بتحريض من المخابرات والداخلية الفرنسية. هل يعقل هذا أن المخابرات الفرنسية تنزل لهذا المستوى؟ سأروي لك القصة، في شهر جوان 1994 بعد عودة زوجتي وإبنتي المولودة في باريس إلى تونس وقع الإعتداء عليها بدون أي سبب إلا أنها ترتدي الحجاب الممنوع والمعصية الكبيرة في عين الحكومة التونسية فأصبحت أتحرك أكثر ضد النظام التونسي الذي إعتدى على حرمتي بدون سبب مما جلب لي الإنتباه من طرف عملاء النظام والبوليس التونسي مع علمهم بأني لا أنتمي لحركة النهضة. وفي يوم من الأيام إتصل بي أحد أعوان البوليس العاملين بالسفارة التونسية عن طريق عميل لهم يدعى محمد بالطاهر وكان يعرف جيدا أصلي وطلب مقابلتي في مقهي قريبة من الدائرة عشرين ومن باب النصيحة أن يتدخل لى في الداخلية التونسية طالما أني بعيد عن كل الإنتماءات الحزبية وغيرها وأن يبعدوهم عن أسرتي ويحسن وضعيتي وأعمل معه جاسوس ضد المعارضين والإسلاميين وخاصة المنتميين لحركة النهضة. فقد أهانني بهذا الطلب السخيف فدفعت عليه القهوة التي كان يشربها مع كلام لم يعجبه وذهبت في حال سبيلي. فقام بتحريض عليّ معارف له من المخابرات الفرنسية التي ضيقت عليّا كل العيش بباريس وخاصة لما طلبوا مني نفس المهمة أكثر من عشرة مرات ورفضت. فمن يومها وأنا أعاني من التوقيف والحجز لأيام والتهديد بالترحيل وخاصة عندما يشاهدونني دائما في الصفوف الأولى في كل المظاهرات والتحركات التي تقام عند كل الإعتدءات الصهيونية والعنصرية الصليبية الأمريكية والغربية ضد الفلسطينيين أو لبنان أو العراق أو أفغانستان أو الأنظمة الدكتاتورية ضد شعوبها يقع دائما توقيفي بعدها ولمّا راسلت وزير الداخلية عن طريق الجمعية التونسية للمناضل السيد منذر صفر بأن يبعد عني مخابراتهم. زاد إنتقامهم مني وإستعرت عداوتهم نحوي وغلقوا جميع الأبواب أمامي وحرموني من جميع الحقوق والإقامة إنتقاما. بعض المتتبعين لقضيتكم يدعون أنه لا علاقة لكم بالمعارضة التونسية المعترف بها، لذلك تم إقصاءكم من كل الحقوق التي يتمتع بها هؤلاء في الخارج؟ لم أكون في يوم من الأيام تابع أو منخرط في أي حزب أو جمعية معترف بها أو حتي غير معترف بها كنت دائما معارضا مستقلا أدافع عن المظلومين والمضطهدين والحقوقيين والحقوق المسلوبة منا والكرامة المهتوكة والحرية والتعبير والديمقراطية التي نفقدها والتداول على الحكم بالطرق السلمية الممنوعة على الأمة العربية كما أني ضد النظام العسكري و البوليسي الذي لا يجلب للوطن والشعب إلا الدكتاتورية الحمقاء والعمياء والإرهاب الذي يدمر ولا يعّمر. من خلال تجربتكم ماهي النتيجة التي خرجتم بها وخاصة أنكم وجهتم رسالة تشبه الندم على كل مواقفكم ومناصرتكم للمعارضين لنظام الحكم في تونس؟ النتيجة التي خرجت بها واقتنعت منها هو أنّه بعد ثلاثة وعشرون سنة من النضال ضد النظام التونسي وكل الأنظمة العربية سواسية في الدكتاتورية والإستبداد والقمع وكلها محمية من طرف أعداء هذه الأمة الكبيرة والمهزومة من طرف حكامها. كما أننا المعارضين في الوطن العربي لا نزال متأخرين وبعيدين كل البعد على أن نكون معارضين في المستوى المطلوب منا من طرف شعوب هذه الأمة المتعطشة لإسقاطها وتبديلها بنظام ديمقراطي وعادل. وأما ما تفضلتم به من السؤال عن إرسالي رسالة ندم على مواقفي ومناصرتي للمعارضين فأنا لست من حركة النهضة التونسية حتى أرسل رسائل الندم منها السرية وغيرها علانية لما سببوه من المشاكل والمصائب والحرمان والعذاب والسجون والقتل والنفي والتشريد والتشتيت للشعب التونسي المسلم والمسالم وطلاق نسائنا وتيتيم أطفالنا وخراب بيوتنا كلها بسببهم. لقد خضت تجربة وكنت أحلم بالتغيير الحقيقي ولكن لم أوفق فيها وكلنا بشرا نخطئ ونصيب وعندما تبين لي ولو متأخرا بعدا ثلاثة وعشرون سنة من الحرمان من أسرتي أن هذه المعارضة الخاوية لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تغير ذبابة من الحكم ولم أنتفع منها ولم تجلب لى خيرا مثل سماسرتها الذين يرتزقون من ورائها ماديا وأعلاميا أعلنت خروجي منها والبعد عنها والتفكير في مصلحتي ومصلحة عائلتي المحروم منها. رددتم كثيرا مؤامرة تعرضتم لها من طرف صحفي جزائري اسمه محمد سيفاوي فماهي قصتكم معه؟ ليس لى أي معرفة أو علاقة بهذا الحقير والعميل والمنافق محمد سيفاوي الذي قدمه لى صديق جزائري أعرفه في نفس المسجد الذي كنت أصلي فيه يدعى عبد الكريم، وهو الذي خدعني به وكان على علم بمظلمتي من طرف النظام التونسي والمخابرات الفرنسية وكان في ذلك اليوم من شهر رمضان أمام باب المستشفي الكائن (ببرباس باريس 18) يقومون بالتصوير لكل من الداخل والخارج وكنت أعالج في نفس المكان من أوجاع في رجلي ولمّا رآني خارجا من المستشفي سارع نحوي وقال لي بأنه قد جاء بي الله وأنّ صديقه جمال ويقصد محمد السيفاوي صحافي ومدافع على حقوق الإنسان إذا كنت أريد أن يساعدني عبرا الصحافة المرئية والمكتوبة عن كل معاناتي من الحرمان من زوجتي وأبنائي والإقامة الشرعية التي انا حرمت منها بدون سبب إجرامي إرتكبته بفرنسا إلا الأكاذيب الملفقة ضدي من طرف المخابرات الفرنسية التي لم أرضخ لها وأعمل معها كجاسوس على المسلمين في المساجد الباريسية مثل كلبهم سيفاوي. لماذا إختاركم أنتم بالضبط؟ بالنسبة لي كما قلت لك كانت الصدفة في ذلك اليوم المشئوم الذي عرفني به عبد الكريم وكنت قبلها أبحث عن من يساعدني إعلاميا ضد العنصرية الفرنسية للإسلام والمسلمين وحرماني إلى اليوم بعد ثلاثة وعشرون سنة من كل الحقوق في دولة تكذب علينا باسم الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان الغائبة عن المسلمين بفرنسا، ولكن للأسف الشديد وقعت في فخ وراح يسجلني بكاميرا سرية وإستعمل الملف في طريق آخر. شهدت المرحلة الأخيرة رجوع بعض المعارضين إلى تونس، فلماذا لم تكونوا من بينهم وخاصة ان عائلتكم وابناءكم هناك؟ أولا لم أطلب العفو الذي طلبه العائدون ثانيا لم يأت اسمي مع المعفى عنهم ثالثا ليس لي جواز السفر الذي طلبته من 16 مارس 2006 ولا أزال محروم منه إلى اليوم. ماهي المطالب التي ترفعونها للسلطات الفرنسية؟ أن تكف عن ملاحقتي بدون أسباب وأن ترفع عني هذه المعانات والعنصرية التي أرهقتني منذ ثلاثة وعشرون سنة وأنا محروم من كل حقوقي بفرنسا وأن تمنحني بطاقة الإقامة مثل كل اللاجئين أو المقيمين الأجانب لأعيش بسلام قبل فوات الأوان. فإني مللت هذه الوضعية المزرية ومعاناتي والحرمان من زوجتي وأبناء الذين لم أراهم من 16 سنة حولت حياتي جحيما. والأخرى التي توجهونها للسلطات التونسية؟ وأما من الحكومة التونسية أطلب جواز سفري ومشاهدة زوجتي وأبنائي وخاصة ابنتي كوثر التي لا أعرفها ولا تعرفني. كما أني بعدت عن طريق المعارضة والآن ليس لي أي عداوة ضد النظام أو رئيس الدولة الذي أتمنى له الشفاء العاجل حتي يُتم مهامه التي كلفه به شعبه. وأتمنى من رئيس الدولة أن يسن عفو رئاسي بعد الشفاء عن كل من بقي من المنفيين والسجناء حتي يغلق الأبواب أمام المستفيدين من وراء القضية من العملاء والمرتزقة من المخابرات الأجنبية. وتونس لجميع أبنائها وهو رئيس لجميع شعبه بلا إستثناء. كلمة أخيرة تود تسجيلها على صفحات مجلتنا أخيرا أشكركموتقديري لكل من يعمل في هذه المجلة المحترمة وأتمنى من الله لكم الصحة والخير وطول العمر وأن يجمع شمل جميع المسلمين على ما يحبه ويرضاه وأن يهدي حكامهم العرب لنصرة الدين ونزع الحدود بين شعوب هذه الأمة وكل عام والمسلمين بخير.