اغتيل قبل منتصف نهار الخميس العقيد علي تونسي المدير العام للأمن الوطني في مكتبه بطلقات نارية غادرة وجهها إليه مسؤول وحدة عتاد الطيران بجهاز الشرطة حيث لفظ العقيد تونسي أنفاسه مكان الحادثة متأثرا بجراحه البليغة. قال شهود عيان للواقعة التي اهتزت لها المديرية العامة للأمن الوطني وباقي مؤسسات الدولة أن الجاني المدعو ولتاش شعيب (64 سنة) وهو عقيد متقاعد في الجيش الوطني الشعبي تم توظيفه من طرف المديرية العامة للأمن الوطني كمسؤول على وحدة الطائرات العمودية التابعة لجهاز الشرطة، حيث اغتنم هذا الأخير طلب لقاء خاص بالضحية قبل انطلاق اجتماع كان مزمعا عقده في مكتب علي تونسي هناك وبعد مناوشات كلامية حول ما كان سينتظر هذا المسؤول من عقوبات اثر تحقيقات حول تجاوزات ارتكبها الجاني أخرج هذا الأخير مسدسه ووجه للضحية أكثر من خمس طلقات نارية أردته قتيلا. وقالت المصادر التي أوردت الخبر ل "الشروق " أن القاتل بعد إطلاقه عدة رصاصات على الضحية حاول الانتحار بمسدسه فأطلق رصاصة صوب صدره ليصيب نفسه بعيار آخر في القدم اليسرى ويوجد الآن في حالة غيبوبة في مستشفى مايو، وقد خضع لعملية جراحية، فيما نُقل جثمان الفقيد علي تونسي إلى مخابر الشرطة العلمية بشاطوناف "الأبيار". من جهة أخرى أفادت مصادر مطلعة ل"الشروق" أن الخلفية الحقيقية لفعلة القاتل هي نتائج تحقيقات قامت بها مصالح المديرية العامة للأمن الوطني أشارت إلى ضلوعه في قضايا فساد تتعلق بالتجهيز و العتاد و صفقات كانت محل تحقيق بأمر من الراحل علي تونسي و انتهت التحقيقات إلى تورط الجاني في عدد من الصفقات المشبوهة حول اقتناء قطع غيار الطائرات العمودية و عتاد الصيانة و اقتناء أجهزة الإعلام الآلي وملحقاتها. وأكدت ذات المصادر أن الجاني لم يتقبل خضوعه لأية عقوبة إدراية أو متابعة قضائية بناء على نتائج التحقيقات وكان هذا دافعا لفعلته بعدما تسربت إليه معلومات بأنه سيلاحق في المحاكم بعد تنحيته لاحقا من منصبه بوحدة عتاد مروحيات جهاز الشرطة . كما قالت مصادر متابعة لما حدث داخل مبنى المديرية العامة للأمن الوطني انه شرع في تحقيقات منذ شهر رمضان الماضي حول عدة قضايا في جهاز الشرطة وطالت هذه التحقيقات عددا من إطارات الشرطة ، من بينها مسؤول الوحدة الجوية للشرطة (الجاني) الجاني كان سيرتكب مجزرة وروايات تنفي محاولة انتحاره غير أن مصدرا مسؤولا بوزارة الداخلية أكد في تصريح ل"الشروق" أن الخلفية الحقيقية للحادثة تعود إلى حالة الغضب والهستيريا التي انتابت الجاني بعد اطلاعه على ما أوردته الصحافة اليوم حول اتهامه بالفساد , الأمر الذي دفع القاتل للذهاب إلى مكتب المدير العام علي تونسي ليطلب مقابلة على انفراد ,وقد حظي طلبه بالقبول فحدثت مناوشات بينهما انتهت بإطلاق المجرم النار على الراحل على تونسي . وحسب ذات المصدر في وزارة الداخلية فلكون جدران مكتب الضحية كاتمة للصوت فلم يسمع احد صوت الرصاص ولذلك اغتنم القاتل الفرصة ليطلب من سكرتير المدير العام المقتول استدعاء كل من المدير المركزي لشرطة القضائية و مدير الإدارة العامة بنية ارتكاب مجزرة , غير أن رئيس امن ولاية العاصمة كان مارا قربه تفاجأ بالجاني حاملا مسدسه وباغته بضربه بعقب "كروس" المسدس ثم أطلق النار على نفسه بعد تيقنه من مصيره المحتوم و انه دخل نفقا مسدودا. لكن من جهة أخرى وفي رواية مصدرها عاملون بالمديرية العامة للأمن الوطني كانوا بمحيط قسم الانعاش بمستشفى " مايو" حيث يخضع القاتل للعناية المركزة، فان الجاني لم ينتحر لكنه تلقى طلقات نارية من أحد الحراس الخاصين للمدير العام للأمن الوطني الفقيد علي تونسي مباشرة بعد تنفيذ الجريمة حيث تدخل ضابط من الحرس الخاص للمرحوم بعد سماعه صوت اطلاق الرصاص موجها مسدسه اتجاه الجاني ، وحدث تبادل لاطلاق النار أصيب خلاله الجاني برصاصتين واحدة في الصدر وأخرى في رجله اليسرى ، بالمقابل تعرض الحارس الخاص للاصابة نقل على اثرها للمستشفى على غرار الجاني. وحسب برقية وكالة الأنباء الجزائرية فان وزارة الداخلية و الجماعات المحلية قالت أن "على تونسي توفي على الساعة 10و45 دقيقة في جلسة عمل قام خلالها احد إطارات الشرطة يبدو انه تعرض لنوبة جنون باستعمال سلاحه حيث أردى العقيد علي تونسي قتيلا قبل ان يوجه السلاح صوب نفسه ليصاب بجروح خطيرة"،حسب الوكالة الرسمية. هذا و أعلنت وزارة الداخلية و الجماعات المحلية أن جنازة الفقيد علي تونسي ستكون غدا بعد صلاة الجمعة بمقبرة العاليةبالجزائر العاصمة . وستلقى النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد على الساعة العاشرة صباحا بالمدرسة العليا للشرطة بشاطوناف، على أن تقام صلاة الجنازة بمسجد حي مالكي ببن عكنون. بيان وزارة الداخلية و الجماعات المحلية أصدرت وزارة الداخلية و الجماعات المحلية اليوم الخميس البيان التالي: "تلقى وزير الدولة وزير الداخلية و الجماعات المحلية ببالغ الحزن و الأسى اليوم الخميس على الساعة 10:45 نبأ وفاة السيد علي تونسي المدير العام للأمن الوطني. "لقد توفي السيد علي تونسي خلال جلسة عمل قام خلالها أحد إطارات الشرطة يبدوأنه قد تعرض لنوبة جنون باستعمال سلاحه و أردى العقيد علي تونسي قتيلا قبل أن يوجه السلاح صوب نفسه ليصاب بجروح خطيرة و نقل إثرها إلى المستشفى. "و أمام هذا المصاب الجلل يقدم وزير الدولة وزير الداخلية و الجماعات المحلية تعازيه الخالصة ويعرب عن تعاطفه العميق مع أسرة الفقيد و كافة أفراد سلك الأمن الوطني و يبرز الروح الوطنية التي كان يتسم بها الفقيد علي تونسي رفيق السلاح و الإطار الشجاع الذي أفنى حياته لخدمة الوطن ومكافحة الارهاب طوال السنوات الستة عشر الماضية و عصرنة الأمن الوطني. "ويدعو وزير الدولة وزير الداخلية و الجماعات المحلية كافة مستخدمي المديرية العامة للأمن الوطني للحفاط على الحركية التي باشرها الفقيد في مهامهم بما يخدم مؤسسات الجمهورية . "و لقد فتح تحقيق قضائي لتحديد ملابسات هذا الحدث الأليم" الرئيس بوتفليقة يتقدم بتعازيه لعائلة المرحوم بعث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الخميس ببرقية تعزية لعائلة المدير العام للأمن الوطني علي تونسي، و نوه رئيس الجمهورية في هذه البرقية بمسار المرحوم في خدمة الجزائر. كما تقدم كل من رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح و رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري و الوزير الأول أحمد أويحيى بتعازيهم لعائلة المرحوم علي تونسي. من هو العقيد على تونسي الفقيد علي تونسي من مواليد 1936 ، أب لثلاثة ابناء (بنتان وولد) من مجاهدي ثورة التحرير، كان يُطلق عليه الاسم الثوري "سي الغوثي"، نشط ضمن جهاز الاستعلامات والأخبار (MALG) التابع للحكومة المؤقتة في منطقة الغرب الجزائري. كان الفقيد عضوا في الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين حيث شارك في إضراب 1956 ، وفي سنة 1957 التحق بصفوف الولاية التاريخية الخامسة قبل أن يتلقى تكوينا بالمدرسة السياسية-الإدارية ليتخرج ضمن دفعة الشهيد العربي بن مهيدي. وفي سنة 1958 وقع الفقيد أسيرا خلال اشتباك بسيدي بلعباس ولم يطلق سراحه إلا بعد أن تحصلت الجزائر على استقلالها الوطني سنة 1962 . التحق بعد الاستقلال بجهاز المخابرات العسكرية وكان من المقربين من الراحل هواري بومدين و مدير المخابرات قاصدي مرباح، وقد تولى الراحل عدة مهام داخل و خارج الوطن أداها بكفاءة ونجاح وقد تدرج في الرتب إلى أن أحيل على التقاعد نهاية الثمانينات برتبة عقيد. وبعد سنوات الأزمة الأمنية خلال التسعينيات و الضربات التي تلقاها جهاز الشرطة من طرف الإرهاب، استنجد به الرئيس السابق اليمين زروال ليضعه على رأس المديرية العامة للأمن الوطني سنة 1995 ويكلفه بمهام تتقدمها مكافحة الإرهاب و إعادة تنظيم و عصرنة جهاز الشرطة، لتصبح بعد سنوات مؤسسة البذلة الزرقاء من أقوى الأجهزة الأمنية . وبعد استتباب الأمن قاد الراحل حملة تطهير ومكافحة الفساد داخل المديرية العامة للامن الوطني بمعية الأجهزة الأمنية الأخرى، وشاءت الأقدار أن يكون مقتله على يد واحد من المتهمين بالفساد في جهاز الشرطة. و يذكر أن العقيد علي تونسي كان قد تعرض في الحادي عشر أبريل 2007 الى محاولة اغتيال بسيارة مرسيدس مفخخة وضعت بالقرب من منزله ، لكن تم تفكيكها قبل لحظات من انفجارها ، وهي المحاولة التي تزامنت مع التفجيرات الانتحارية التي استهدفت قصر الحكومة ومبنى المجلس الدستوري في نفس اليوم. "كلمة النهاية" ...عنوان آخر ما كتبه المرحوم شاءت الأقدار أن يكون عنوان آخر مقال كتبه الراحل علي تونسي معبرا و دالا وهو "كلمة النهاية" و كأن الفقيد تنبأ بدنو اجله . وقد تعرض المرحوم علي تونسي في هذا المقال إلى التطورات التي عرفها جهاز الشرطة ليكون من احدث و اكبر الأجهزة الأمنية في المنطقة وأشاد بدور العنصر النسوي داخل المديرية العامة لأمن الوطني معتبرا إياهن بأنهن سليلات مجاهدات وشهيدات الثورة التحريرية و ختم مقاله بأمثلة و حكم بالغة قال أنها جزائرية وهي على التوالي : "إذا أردت أن تضمن عاما فا زرع قمحا " "إذا أردت أن تضمن عقدا فاغرس شجرة" "إذا أردت أن تضمن قرنا فكون رجلا "