أكد مشاركون في ندوة دولية حول "الاقتصاد الأخضر" اليوم الجمعة بالدار البيضاء أن التنمية المستدامة ينبغي أن تستجيب لمتطلبات الحاضر وتحديات المستقبل لضمان بيئة أفضل للأجيال اللاحقة تمكنها من العيش في كوكب أخضر. وشددوا، خلال افتتاح هذه الندوة، التي ستتواصل على مدى يومين، على أهمية ترجمة هذا المبدأ من خلال السلوكات اليومية ونمط الاستهلاك من جهة، وعبر وضع ركائز لاقتصاد يحترم البيئة ويحافظ على الموارد الطبيعية عبر التجديد الاقتصادي والتكنولوجيا البيئية والبحث التنموي. وأضافوا أنه يتعين مواكبة هذه المقاربة بعمل متواصل للتحسيس يستهدف السكان وأصحاب القرار والفاعلين السياسيين والمنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة بالمغرب. وبهذا الخصوص، أوضح الكاتب العام لوزارة الطاقة والمعادن السيد محمد يحيى زنيبر أن هذه الرؤية الشمولية لمسألة حماية البيئة تتمظهر من خلال ثلاث مقاربات تشمل المقاربة الترابية والمقاربة البراغماتية والمقاربة التشاركية. وأشار إلى أن البرامج المعتمدة في هذا الإطار، والتي تهم على الخصوص التطهير السائل والصلب والتلوث الصناعي والاحتباس الحراري، يواكبها تعزيز الترسانة التشريعية والقانونية ووضع آليات متجددة للتمويل، مضيفا أن المغرب يعد من بين البلدان الأكثر تحركا في مجال توفير التمويل اللازم لوضع آليات التنمية النظيفة. وقال إن الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة يسعى إلى تعزيز الحكامة وتدعيم الجهود الرامية إلى حماية البئية المحلية عبر تحديد المسؤوليات الفردية والجماعية. ومن جهته، أبرز مدير المياه والطاقات المتجددة بالمكتب الوطني للكهرباء السيد عبد الله كريش الخطوات المتقدمة التي حققتها البلاد في مجال الإنتاج النظيف خاصة في قطاع الكهرباء حيث يتم استغلال الطاقات المتجددة بشكل متزايد. وأوضح أنه في أفق 2020 ستصل حصة الموارد الطاقية النظيفة إلى 42 بالمائة (14 بالمائة من الطاقة الريحية، 14 بالمائة من الطاقة الشمسية، 14 في المائة)، مشيرا إلى أن الطاقة الريحية لم يتم اعتمادها إلا في سنة 2000 والطاقة الشمسية في 2003. وأكد سفير كندا بالمغرب السيد كريستوفر ويلكي استعداد بلاده لمواكبة المغرب في سياسته الرامية إلى النهوض باستغلال الطاقات المتجددة، مضيفا أن عددا من المقاولات الكندية تستقر حاليا بالمغرب وتقوم بدورها في مجال تنمية الطاقات النظيفة بالمملكة. وألحت السيدة سيلفي فوشوه رئيسة جامعة فيرساي سانت كينتان ومؤسسة (فونداتيرا) على أنه بات من اللازم النهوض بالتجديد التكنولوجي والبحث الموجه نحو التنمية المستدامة على الصعيد العالمي لإعطاء دفعة قوية للاقتصاد الأخضر. وتوقعت السيدة فوشوه أن يبلغ السوق الأخضر على المدى المتوسط 4500 مليار دولار، مسجلة أن السوق المتعلق بألواح الطاقة الشمسية تضاعف خلال سنة 2008، فيما تصدرت السيارة الكهربائية، وللمرة الأولى، قائمة المبيعات باليابان مما يبرز الأهمية المتنامية للاقتصاد الأخضر عبر العالم. وأشارت إلى أن الاقتصاد الأخضر يملك من المهلات ما يؤهله ليصبح رافعة للتنمية بالنسبة لقطاعات المقاولات والشغل والتنمية المجالية، مستعرضة في الوقت نفسه الأهداف الكبرى التي تعمل المؤسسة الأورو-المتوسطية على تحقيقها في مجالات البيئة والطاقة والتنمية المستدامة. وأجملت هذه الأهداف في التسريع من وتيرة الانتقال بين الحقول العلمية وتطبيقاتها في اقتصاد الأعمال وتثمين التجديد الاقتصادي والبحث التجريبي وتكوين الكفاءات في مهن الحاضر والمستقبل، مسجلة أن المؤسسة مدعوة أيضا إلى النهوض بالشراكة بين الجامعة وعالم الاقتصاد والمقاولات والمؤسسات العمومية. فيما اعتبر عالم الاجتماع إدغار موران أن السعي إلى بناء اقتصاد أخضر لا يمكن إلا أن يتقوى بالنتائج الجيدة التي يمكن أن يحققها في المجالين الاجتماعي والسياسي. في حين سجلت السيدة بشرى بوكيلي رئيسة جمعية (أجيسون فير)، التي تشرف على تنظيم هذا الملتقى، أن الأمر لا يتعلق بتقنين الاستهلاك وإنما تحسين الاستهلاك مع ضمان الشعور بسعادة أكبر.