بمجال أخضر يصل إلى 230 هكتارا وحزام أخضر تبلغ مساحته 1063 هكتار، استحقت مدينة الرباط أن يتم إعلانها مدينة خضراء، وذلك بمناسبة الذكرى الأربعين للاحتفاء بيوم الأرض. مكتسية حلتها الخضراء إذن، تستعد العاصمة الإدارية للمملكة، لتخلد في 22 أبريل المقبل الذكرى الأربعين لإعلان الاحتفاء بيوم الأرض، من خلال مجموعة من التدابير والترتيبات وكذا المشاريع المهيكلة المنجزة أو التي هي في طور الإنجاز، إضافة إلى المبادرات المقترحة من طرف منظمات المجتمع المدني الناشطة بالمدينة.
وفي سياق هذه الاستعدادات، تم أمس الجمعة بالرباط، خلال اجتماع حول الاحتفاء بهذا اليوم ترأسه الوزير الأول السيد عباس الفاسي تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، الإعلان عن اختيار يوم 14 يناير الجاري لإعطاء الانطلاقة للإعداد للاحتفاء بيوم الأرض، علاوة على تنظيم أيام جهوية للتشاور حول قضايا البيئة، وعلى الخصوص، مشروع الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة وذلك في الفترة من 18 يناير الجاري إلى 22 فبراير المقبل.
وتندرج هذه الدينامية الجديدة التي يشهدها المغرب، في إطار سعي المغرب الحثيث، نحو بلورة مشاريع تعكس الانخراط الجدي والعميق للمملكة، في سياق الانشغال العالمي بمستقبل الكوكب الأزرق.
++ انشغال متزايد للمغرب بمستقبل الكرة الأرضية وتحقيق التنمية المستدامة++
ودعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها إلى قمة كوبنهاغن حول المناخ، إلى قيام مؤسسة بيئية دولية، قوية وذات سلطة علمية ومعنوية، باعتبارها ضرورة ملحة، لرفع التحديات البيئية المصيرية، الراهنة والمستقبلية"، مجددا بذلك التأكيد على أولوية قضايا البيئة في صلب برامج التنمية المستدامة بالمغرب.
كما عبرت الرسالة الملكية إلى المشاركين في الندوة الدولية حول التغيرات المناخية، ( الرباط 16 أكتوبر الماضي )، أبلغ ما يكون التعبير عن هذه العلاقة، بقول جلالته " إن من شأن التدهور الشامل لجميع الأنظمة البيئية، الأرضية والبحرية والساحلية، أن يفضي إلى اختلالات نوعية في توازنها وإلى تهديد التنمية، سواء بالنسبة للأجيال الحاضرة أو المستقبلية "، مضيفا جلالته أن " الرهان يكمن في القدرة على المزاوجة بين التنمية، وبين الحرص على الحد من الغازات، والاقتصاد في الموارد الطبيعية".
فالرهان الذي يطرح نفسه بحدة، يتمثل في القدرة على تعبئة الطاقات والموارد من أجل النهوض بثقافة بيئية تزاوج بين الحفاظ على الثروات الطبيعية، ورفع تحدي التنمية المستدامة بالتجمعات السكانية المستقبلية.
بمثابة رئة خضراء، يمتد الحزام الأخضر المحيط بمدينة الرباط ونواحيها درعا منيعا يساهم في تحصين المدينة من تبعات الزحف العمراني المتواصل.
فالأحزمة الخضراء التي تحيط بعدد من المدن، تساهم بشكل كبير في التقريب بين المجال الطبيعي والتجمعات السكانية، كما تساعد المساحات الشاسعة من الأشجار والنباتات في ترطيب وتنقية الجو وامتصاص جزء من الملوثات الهوائية.
وتعد المساحات الخضراء المحيطة بمدينة الرباط، سواء في شطرها الجنوبي الذي تلتقي فيه مع مدينة تمارة، أو الشمالي الذي تلتقي فيه مع مدينة سلا حيث يطمح مشروع تهيئة وادي أبي رقراق إلى تعزيز الفضاء الأخضر، بمثابة صمام الأمان الذي يحافظ على التوازن الإيكولوجي.
++ المدن الجديدة: تصور جديد لمفهوم المدينة الإيكولوجية++
في قلب منطقة الرحامنة، تراهن "المدينة الخضراء محمد السادس" التي سيتم تشييدها ببن جرير، على الحصول على أرقى شارة تمييزية بيئية على الصعيد الدولي.
فبمناسبة إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشين وإطلاق وتقديم عدد من البرامج والمشاريع التي تترجم على أرض الواقع التوجيهات الملكية السامية في مجال الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة، تسعى المدينةالجديدة التي تعد الأولى من نوعها في إفريقيا، إلى انتزاع اعتراف دولي باعتبارها مدينة تحترم المؤشرات والمعايير البيئية.
وعلى غرار تامنصورت التي تنتصب مدينة خضراء على مشارف مراكش الحمراء، تفتح هذه المدينةالجديدة وكذا باقي التجمعات التي تدخل ضمن سياسة المدن الجديدة بالمغرب، الباب على مصراعيه أمام تنفيذ برامج واعدة تأخذ على عاتقها مسؤولية حماية التنوع الإيكولوجي والتوازن البيئي، وتسخيره لفائدة برامج ومشاريع التنمية المستدامة.
فالمسؤولية المطروحة بحدة الآن، أكثر من أي وقت مضى، تتمثل في جعل المدن قاطرة للتنمية الواعية بالعواقب الوخيمة للتلوث وتدهور الموارد الطبيعية والأنظمة البيئية على المناخ، من خلال تقليص استهلاك الطاقات التقليدية، والانفتاح بشكل أكبر على الطاقات المتجددة والبديلة.
إن الأمر يتعلق بتصور جديد يولي أهمية خاصة للتنمية المستدامة وحماية البيئة، يمثل ركيزة أساسية ضمن المخططات التنموية التي تقوم عليها سياسة المدن الجديدة بالمملكة، في أفق التخطيط لمستقبل أفضل للتجمعات السكانية التي ما فتئت وتيرتها تتسارع، لتطرح تحديات تنموية وبيئية جديدة.