أكد رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج السيد إدريس اليازمي، اليوم الثلاثاء بستراسبورغ، أن مسلسل تجذر الجالية المسلمة بأوربا حقيقة تاريخية حتمية جعلت من الإسلام، وبشكل تدريجي، حقيقة أوربية. وأوضح السيد اليازمي، خلال الجلسة الختامية للندوة الدولية حول الاسلام في أوربا التي نظمها المجلس، أن هذا التجذر يضع هذه الجالية وكذا السلطات العمومية ومجموع الفاعلين الأوربيين أمام عدة تحديات "غير مسبوقة تاريخيا". وأضاف، في هذا السياق، أن مختلف أجيال الجالية المسلمة تواجه ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التعدد السياسي، والديني والثقافي للمجتمعات الأوربية، وكذا موروثهم وتقاليدهم المطبوعة بالأساس بالعلمانية الثقافية. وأشار إلى أنه إلى جانب التنوع الخاص بالمجتمعات الأوربية، يتعين على المسلمين في نفس الوقت الأخذ بعين الاعتبار تعددهم وكذا موقعهم الاجتماعي والسياسي. وحسب السيد اليازمي، فإن السلطات العمومية والفاعلين الأوربيين يجدون أنفسهم أمام تحدي "التفكير" في تدبير ديموقراطي لتنوع متنام لمجتمعاتهم، من خلال ضمان إنصاف في التعامل مع الأديان القائمة تاريخيا والمعتقدات الجديدة. وقال إنه يتعين عليهم أيضا رفع التحدي السياسي الصرف المتمثل في مكافحة التمييز والنهوض الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بالساكنة المسلمة، التي أصبحت أوربية بشكل كامل. ولاحظ رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج أن "البلدان الأوربية، التي تعي بدرجات متفاوتة هذه الرهانات الجديدة، تواجه في ذات الوقت، تحديا ثلاثي الأبعاد يتمثل في الضغط الأمني، والرؤية الجدلية للإسلام، والتي تضطلع فيها وسائل الإعلام بدور مهم، والاستغلال السياسوي لقضية الإسلام، الذي أصبح حاضرا بشكل متكرر خلال الاستحقاقات الانتخابية. وتابع قائلا إن التحدي بالنسبة للبلدان الأصلية يتمثل في التفكير في العلاقات الجديدة التي يتعين إقامتها مع هجرة تتميز بتوسع جغرافي أساسي، شهد هرمه السوسيوديموغرافي تغيرا عميقا بفعل شيخوخة الأجيال الأولى، وبروز أجيال أخرى. من جانبها، نوهت السيدة غابرييلا باتاني دراغوني المديرة العامة للتربية والثقافة والتراث والشباب والرياضة في مجلس أوروبا، بتنظيم هذه الندوة في أوروبا، معربة عن ثقتها بالتبادل "الصريح والصادق" الذي ميز أشغالها. وأعربت عن استعداد مجلس أوروبا لمواصلة الحوار حول هذا الموضوع الهام المتعلق بالدين الإسلامي، معبرة عن أملها في التوصل إلى تحقيق اندماج ناجح للجالية المسلمة داخل أوروبا. وشددت أيضا على أهمية الانفتاح والتنوع واحترام الحريات الفردية مهما كانت الأصول والأديان. من جانبه، أبرز الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج السيد عبد الله بوصوف أهمية سلسلة الاجتماعات التي بادر المجلس الى تنظيمها، موضحا أن هذه الندوة تعد مساهمة في دراسة وتحليل الوضع الحالي وآفاق التعليم الديني، وتكوين الأطر الدينية وتدريس الدين في أوروبا. وتعد هذه الندوة التي تنظم بعد اللقاءين الأولين بكل من فاس والدار البيضاء فضاء مهما للتفكير المشترك والتشاركي حول قضية الإسلام في أوروبا ، والذي يتعين مواصلته لتعميق دراسة ومناقشة القضايا ذات الصلة بالدين الاسلامي. وشدد، في هذا الإطار، على أهمية تطوير شبكة للشراكة بين عدد من مؤسسات البحث والتكوين والمجلس قصد إغناء النقاش ومأسسة الشراكة حول القضية الدينية المرتبطة بالهجرة. من جانبه، دعا الأستاذ أحمد الخمليشي مدير دار الحديث الحسنية، الجالية المسلمة بأوروبا إلى تحمل مسؤوليتها "بأمانة" واحترام بلدان الاستقبال لتحقيق اندماج ناجح. وأكد على أهمية الانفتاح على الآخر ومبادئ التسامح، مؤكدا أن الإسلام لا يتناقض والتطور، وأنه اضطلع بدور المحفز في معالجة العديد من القضايا ذات الصلة بالمرأة على الخصوص. من جهة أخرى، حذر الأستاذ الخمليشي من التأويلات المغلوطة للنص الديني والتي تتسبب في صراعات ثقافية، مؤكدا على أهمية الرجوع إلى المؤسسات المعترف بها في مجال الإرشاد أو الفقه. وانعقدت الندوة الدولية حول "الإسلام في أوروبا.. تكوين الأطر والتربية الدينية وتدريس الدين" يومي 29 و30 مارس بمقر مجلس أوروبا بستراسبورغ. وشارك في هذه الندوة 150 متخصصا من جامعيين وفاعلين في المجالات الدينية والجامعية والثقافية والجمعوية التي قدمت من كل فرنسا وبلجيكا وهولندا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا ولبنان والمغرب.