قال الناقد والباحث المغربي حمادي كيروم إن النقد السينمائي فعل جمالي وثقافي يقارب الزمن، وتنتج عنه متعة قابلة للاختلاف والاتفاق، مضيفا أن ميكانيزماته تستند على المعرفة العقلانية والحسية على اعتبار أن النقد يعتمد بالأساس على الحواس. وأوضح كيروم في مداخلة بعنوان "النقد السينمائي ووظائفه الحالية" خلال ندوة في موضوع "النقد السينمائي: تحديات واتجاهات جديدة"، تنظم على مدى يومين (29 و30 مارس) على هامش الدورة ال16 لمهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، أن هذا النقد "فتح للخلود إذ يضع الموت في قاعة الانتظار". وفي سياق تحديد ماهية النقد السينمائي، قدم لمحة عن تطور هذا الجنس بالمغرب. وأوضح أن ولادته كانت بين أحضان الأندية السينمائية حيث كان النقاد يتمرسون على أبجديات تحليل العمل السينمائي داخل هذه الأندية. وأبرز الباحث والرئيس السابق لمهرجان الرباط السينمائي الدولي منذ عام 2000 أن النقد في هذه المرحلة كان "منظما بشكل دقيق"، كما تميزت مرحلة الأندية السينمائية بنوع من الاتفاق على مفاهيم معينة ك"السينما الهوليودية" والمفاهيم الضدية ك"الإمبريالية والتحررية"" و"الرجعية والتقدمية" وغيرها. وفي إطار تأملاته حول وظيفة النقد السينمائي المغربي، اعتبر كيروم الستينات والسبعينات من القرن الماضي مرحلة موسومة بالتبشيرية والتعليمية، وهي الوظيفة التي "تعطلت" حسب اعتقاده في مرحلة الثمانينات، خاصة بعد "بيان السينما الوطنية" لتنتقل وظيفة النقد إلى ما أسماه ب"التحاور" بين المبدع والناقد. وكان العنوان البارز لهذه المرحلة أعمال خالدة كأفلام "حلاق درب الفقراء" و"وشمة" و"ألف يد ويد"، وهي الأعمال التي برز فيها ذلك التفاعل بين العملية النقدية والإبداع السينمائي. وسيبرز هذا التطور ، كذلك ، من خلال مجموعة من المجلات التي خصصت صفحاتها للنقد السينمائي خاصة مجلات "لاماليف" و"سينما3" و"دراسات سينمائية" التي كان يشرف عليها الناقد والسينمائي نور الدين الصايل. وفي سياق هذا التطور الطبيعي وعملية التأصيل لهذه الممارسة التي تتجاور حتما مع الإبداع، قال كيروم إن مرحلة التسعينيات تميزت بما أسماه "الوعي بالكتابة" أو بمعنى آخر "المرحلة التي يفكر فيها النقد في ذاته وفي المشروعية وفي العالم وفي اللغة" أو"الانتقال من الإيديولوجية العامة إلى الكتابة النقدية التي تنهل من منابع ثقافية أخرى والتي تعتمد على سؤالي الكتابة والذات والاحتفال بالأنا". وقال إن النقد في هذه المرحلة خلق نقاشا حول بعض القضايا المجتمعية الملحة نتج عنه إقناع المسؤولين بإدماج الصورة باعتبارها ركيزة أساسية للسينما وثقافة في المنظومة التعليمية، واستطاع الناقد بالتالي أن يفتح "حوارا مفكرا فيه ومسؤولا ومباشرا" مع المخرج. ويتجلى الهدف من هذا الحوار في "البحث عن الوضع الاعتباري للنقد وسلطته الرمزية في ظل اختلاط الحدود بين الأجناس". وفي استشراف للمستقبل، أكد أن وظيفة النقد تتمثل أولا في "الاهتمام بتاريخ السينما" أو بمعنى "اشتغال الناقد عموديا ليقاوم النسيان عبر استحضار الأفلام"، مشيرا إلى أنه من أجل شرعنة الخطاب النقدي، يجب التفكير في دعم خطاب حداثي يعتمده ناقد مثقف له رؤية للعالم يتعين تقاسمها من خلال طرح تساؤلات أفقية للتفكير. يذكر بأن حمادي كيروم ناقد وباحث سينمائي من مواليد 1951 بالدار البيضاء، وهو عضو في لجنة الدعم السينمائي ولجنة قراءة السيناريو، ورئيس نادي العمل السينمائي. ومن أهم مؤلفاته "تحليل الخطاب الروائي"، و"السينما والتربية"، و"أجنحة الرغبة".