دعا فاعلون مسرحيون أمس السبت من مكناس إلى مزيد من البذل لإعادة الاعتبار للمسرح واستعادة وهجه ولمشروعه الجمالي ولجمهوره عبر فعل مسرحي يعتمد تلك السجالية والدينامية في الجدل بين الخشبة وهوامشها الثقافية والفكرية. واستحضروا في مداخلات ساهموا بها في ندوة وطنية نظمتها جمعية رواد الخشبة حول موضوع "راهن الحركة المسرحية بالمغرب" احتفاء باليوم العالمي للمسرح، مراحل نشأة المسرح بالمغرب كثقافة كانت تلتقي مع الممارسة السياسية وجهود التربية ضمن جمعيات المجتمع المدني. كما استعرض المشاركون كحسن المنيعي وسالم الكويندي وعز الدين بونيت وهدي الحسين وليلى أكدي ومحمد منصور تجاربهم المسرحية وأخرى رائدة بزغ فيها مسرح الهواة كلون انخرط بأعماله وحركيته في الشأن السياسي والقضايا التي تهم القاعدة، فدخل من بوابة الحداثة عبر المجتمع المدني. ويرى الباحث بونيت أن المسرح عندما دخل المغرب دخل مجال الجمعية والمدرسة وأعطى حركة واسعة من التجريب خاصة في ستينيات القرن الماضي. ونبه إلى أن المسرح الحالي شهد تحولا مع الجيل الجديد للمسرحيين خاصة خريجو المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، الذين عاشوا ظروفا سياسية مختلفة ساهمت في اصطفافات وهيكلة جديدين للمسرح وأسست لبداية الاعتراف بضرورة الممارسة المسرحية والمهم بالنسبة إليه هو خلق نموذج لمسرح جيد يعطي الآليات لاسترجاع حب المسرح ويكرس المهنية. أما ليلى أكدي فقد تحدثت عن الاستهلاكية في الحركة المسرحية الراهنة ، وتطرقت إلى مفهوم الاستهلاك كغاية أساسية لكل الأنشطة الاقتصادية، الخاضعة لشروط الإنتاج والترويج وتحقيق الربح، معتبرة أن هذا المفهوم طغى على نوع معين من المسرح وغيب آخر لم يكن هدفه الربح. وأضافت أن من بين تجليات المسرح الاستهلاكي الاقتصار على الإثارة والرقص الرخيص بحثا عن الربح المادي مع غياب حتى الانسجام بين المسرحيين وطغيان المصلحة الخاصة على العامة. وخلصت إلى طرح مجموعة من التساؤلات من قبيل هل استطاع المسرح المغربي فعلا الانتقال من مرحلة التأسيس، وهل فقد بريقه الذي تميز به في حقبة من تاريخه. ونفس الطرح ذهب إليه عبد الرحمان بن ابراهيم ، بعد أن استحضر هو الآخر الماضي الجميل للمسرح خاصة بمدينة مكناس التي شهدت نهضة مسرحية حيث الدافع كان جامحا لانجاز أعمال في مستوى التطلعات وأنجبت مسرحيين محترفين، معتبرا أن الرهانات المستقبلية لا يمكن أن تتحقق إلا بعودة المدينة إلى ريادتها لإنجاز فعل مسرحي حقيقي. أما هدي الحسين فيرى أن النقاشات والكتابات التي تناولت أعمال أب الفنون، كانت بأقلام لها قيمتها ووزنها في المشهد الثقافي خلافا لما هو حاصل اليوم، معتبرا أن المشهد المسرحي وكأنه يعيش شبه استقالة معنوية للمثقفين والمسرحيين. وكانت الندوة مجالا للمهنيين لمساءلة واقع المسرح حيث الاستشعار بأنه سياق متصل تشد مفاصله وشائج عضوية لا يستقيم معها التحقيب ولا تقاسم النفوذ ولا المحاصصة ولا يفصل في صياغة وثائقه التاريخية بذريعة الأصل ولا استنبات قصب السبق ولا شجر السنديان.