انتقدت الصين مجددا الدعوات الغربية لرفع قيمة عملتها اليوان، وقالت إن عملتها غير منخفضة، كما أن الضغط سواء من الولاياتالمتحدة أو الاتحاد الأوربي لرفع قيمة هذه العملة "غير معقول" ولن يحقق نفعا للجانبين. وقال وزير التجارة الصيني تشن ده مينغ إن رفع قيمة اليوان يساعد بشكل محدود على حل مشكلة اختلال التوازن التجاري العالمي، اذ أن الصين تشهد فائضا تجاريا ضيقا مع يوان مستقر. وأضاف مينغ الذي كان يتحدث خلال مؤتمر اقتصادي دولي في بكين أمس الأحد إنه على الرغم من رفع قيمة اليوان بأكثر من 20 فى المائة من عام 2005 حتى عام 2008، إلا أن الفائض التجاري الصيني ازداد في فترة السنوات الثلاث. واستطرد قائلا " وعلى النقيض عندما حافظت الصين على استقرار عملتها منذ عام 2009، تراجع إجمالي الفائض التجاري للبلاد بأكثر من 30 بالمائة في عام 2009 مقارنة بعام 2008، واستمر في الانخفاض بنسبة 50 فى المائة أخرى على أساس سنوي في الشهرين الأولين من العام الحالي" . وتعتبر البلدان الغربية أن اليوان منخفض بشكل متعمد من أجل دعم الصادرات الصينية باعتبارها أكبر محرك لنمو اقتصاد التنين الآسيوي. ويسعى النواب الأمريكيون حاليا الى تمرير مقترح قانون يقصد بشكل غير مباشر الصين ويرمي إلى حمل الخزينة الأمريكية على تقوية تعزيز مراقبة نسب الصرف. وينص المشروع على إجبارية قيام الخزينة الأمريكية بتحديد وحصر البلدان التي تعمد التخفيض من قيمة عملتها، والدخول في مفاوضات سريعة معها، وينص على عقوبات تشمل التسجيل ضمن قوائم سوداء ثم سحب اسم البلد من لائحة اقتصاد السوق، وفي حال اذا لم يتخذ البلد المعني خلال 90 يوما إجراءات لإصلاح نسبة صرف عملته فإن مشروع القانون يمنع على الدولة الفيدرالية الأمريكية شراء منتجات من هذا البلد إلا في حال كان البلد موقعا على الاتفاق متعدد الأطراف حول الصفقات العمومية للمنظمة العالمية للتجارة وهو الاتفاق الذي لم توقع عليه الصين بعد. وبخصوص هذا الموضوع اعتبر وزير التجارة الصيني أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي في حالة ما اذا كانت هناك أي عقوبات أو تمادت واشنطن في إجراءاتها ضد الصين تحت تسمية التلاعب بالعملة. وقال إن الصين سترد إذا اتضح أن لهذا الوصف إجراءات قانونية في إطار نظام قضائي متعدد الأطراف. وانضم صندوق النقد الدولي الأربعاء الماضي الى الولاياتالمتحدة، معتبرا أن العملة الصينية دون قيمتها الحقيقية بشكل كبير. وقال مدير الصندوق الفرنسي دومنيك ستراوس خان "من دون شك أنه في بعض الحالات فإن معدلات الصرف لبعض العملات يجب أن تتحسن وهذا النقاش معروف عندما يتعلق الأمر بالصين، وقيمة اليوان ورأي صندوق النقد الدولي كان دائما هو أن اليوان مقوم دون قيمته الحقيقية". وبرأي ستراوس خان فإن منطق التوازن في الاقتصاد العالمي يفرض أن ترفع من قيمة اليوان، وهذا الأمر يمر عبر تحقيق الصين لنمو ينتقل من ثنائية الاستثمارات الخارجية الكبرى المتوافدة سنويا على الصين والصادرات الضخمة التي تحققها الى تطوير الاستهلاك الداخلي ليكون أبرز محرك لنمو الاقتصاد. ويدفع الاتحاد الأوربي بدوره في هذا الاتجاه ، ويضيف انتقادات أخرى أبرزها أن الصين تمارس الحمائية وتفضل شركاتها بشكل أساسي. وقال سيرج عبو ممثل الاتحاد الأوربي في بكين في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي في بكين "نحن في أوربا لا نعتمد الحمائية وليس لدينا بنود تفضيلية لأناس أو شركات على آخريات والشركات الأجنبية على قدم المساواة مع الأوربية". وأضاف عبو لقد حازت شركة صينية على صفقة بناء طريق سيار في بلد أوربي هو بولونيا وآمل أن أرى شركات أوروبية تستطيع بناء طرق سيارة في مقاطعات صينية، وقال " إننا قلقون لرؤية الإجراءات تصبح أكثر تعقيدا وكلما كان هناك منافسون صينييون مثلا كلما تعقدت الأمور. وأكد وين جيا باو رئيس الوزراء الصيني مؤخرا أن مطالبة البلدان الغربية الصين برفع قيمة عملتها أمر غير مفيد بل يعد شكلا من أشكال السياسات الحمائية ، وتعهد بأن تتمسك بكين بنهجها الخاص لإصلاح العملة داخل الاوساط الاقتصادية التي تكتنفها المخاطر. وفي المقابل قال وين "نحن قلقون بشأن عدم استقرار الدولار الأمريكي. إذا كنت أعربت عن قلقي العام الماضي، أقول إنني ما زلت قلقا هذا العام". وتعتبر الصين أكبر مالك لسندات الدين الأمريكية على مستوى العالم باجمالي 8ر894 مليار دولار. وقال "لا نتحمل تبعات أي خطوة خاطئة بشأن استثماراتنا مهما كانت ضالتها. الحكومة الأمريكية تضمن الدين الأمريكي لذا آمل أن تتخذ الولاياتالمتحدة خطوات ملموسة لطمأنة المستثمرين الدوليين". ويقول الخبراء إن أي ارتفاع فجائي في قيمة اليوان بنحو 10 في المائة مثلا سيعرض قطاع التصدير لتباطئ حاد مع تقلص هامش ربح الشركات الى أدنى مستوياتها، كما سيفقد الصين نحو 240 مليار دولار من حجم احتياطياتها الخارجية بالعملة الصعبة والبالغة 2400 مليار دولار فيما اي ارتفاع فجائي ب 40 في المائة كما يطالب الأمريكيون سيفقد هذا الاحتياطي قرابة التريليون دولار.