يرتكز نظام الجهوية المتقدمة كما يتصوره حزب الحركة الشعبية ، أساسا ، على التشبث بالقيم المقدسة وثوابت الأمة (وحدة الدولة، الوحدة الترابية، المرجعية الدينية، نظام الملكية الدستورية)، وذلك حسب المقترحات التي تقدمت بها الحركة الشعبية للجنة الاستشارية للجهوية. وتعتبر الحركة الشعبية أن تفعيل الجهوية المتقدمة يستلزم ، أيضا ، الدفع بمكانة الجهة بشكل يمكن من إدراج وتكريس التوازن بين الجهات في الدستور بناء على مبدأ التضامن. وأكد السيد محمد بوطالب عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية ورئيس الهيئة المكلفة بالجهوية المتقدمة ، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن تصور الحزب لهذه الجهوية يندرج ، كذلك ، في إطار مقاربة الإصلاح الداخلي التي اعتمدها المغرب. وأكد أن الحركة الشعبية، التي تعتمد الخطاب الملكي مرجعية لها، توافق على تكريس مبدأ التضامن، في إطار وحدة الأمة، موضحا أن الحزب يرى مشروع الجهوية انطلاقا من مبادئه الأساسية، ولاسيما تقوية النسيج الثقافي في تنوعه وبعد الأصالة الذي تندرج في إطاره "الأمازيغية كمكون أساسي". وبعدما تطرق إلى مكامن الخلل في تجربة الجهوية الحالية، والمتعلقة بالاختصاصات وهيئات التدبير والتقطيع الترابي، أوضح السيد بوطالب أن هذه المعيقات برزت ، أساسا ، من خلال "غياب هوية وانسجام جهوي"، وهو ما لم يساهم في بروز شعور حقيقي ب"الانتماء إلى الجهة". وقد اتفق أعضاء لجنة الحركة الشعبية في مقترحاتهم، على تقسيم الاختصاصات إلى ثلاث فئات، فئة تدخل في اختصاص الدولة (الدفاع والعملة والسياسة الخارجية ألخ)، وأخرى في اختصاص الجهة (القطاعات الاجتماعية على الخصوص)، بالإضافة إلى اختصاصات مشتركة من الممكن نقل صلاحياتها مثل المجال الرياضي والبحث العلمي والإنتاج والطاقة..). وتتمثل الأهداف المتوخاة من هذه الإصلاحات في تعزيز استقلالية اتخاذ القرار بالجهة، وتوسيع اللامركزية واللاتمركز، وتدقيق الاختصاصات بهدف تفادي النزاعات، وتطوير مجلس الجهة ليصبح هيئة بإمكانها سن قوانين في نطاق اختصاصها. وحسب السيد بوطالب، فإن المقاربة التي يتعين اعتمادها تستلزم مراجعة النمط الانتخابي عبر اعتماد الاقتراع المباشر أحادي الإسم لانتخاب رئيس الجهة... وحسب الحركة الشعبية، يتعين على رئيس الجهة أن يكون مستقلا عن الوالي مما يمكن من تحويل الجهة إلى فاعل رئيسي ومخاطب سواء بالنسبة للدولة أو الجماعات المحلية. ويقترح الحزب أيضا تعزيز الترسانة القانونية في مجال اللامركزية واللاتمركز، وسن قوانين توجيهية بالنسبة للتعليم والبحث والتكوين على المستوى الجهوي. وعلى الصعيد الاقتصادي والمالي، تعتبر الحركة الشعبية أنه يتعين مراجعة القانون التنظيمي للمالية بهدف القيام بتوزيع جديد للمداخيل، وخاصة الرفع من القدرة الجبائية للجهات من خلال مراجعة مساطر فرض الضرائب وتحصيلها، وضريبة النظافة، والضريبة المهنية وغيرها، وتطوير وإنعاش الصندوق الجهوي الخاص بالتدبير المتوازن لمالية الجهة. كما تفترض الجهوية المتقدمة مراجعة نسبة مداخيل الدولة (الضريبة على الدخل، الضريبة على الشركات، الضريبة على القيمة المضافة) ومراجعة القواعد بالأسواق العمومية من خلال، على الخصوص، اعتماد مفهوم الامتياز الجهوي. ومن أجل إحداث دينامية جهوية، أوضح السيد بوطالب أن الحركة الشعبية تعتبر العنصر البشري أساسيا، وكذا عملية إعادة تنظيم الإدارة الجهوية. ويتعلق الأمر على الخصوص بضمان التكوين المستمر للعاملين بالجماعات، وإحداث إطار مستقطب لفائدة الفاعلين المحليين وتحفيز النخب المحلية. وأضاف السيد بوطالب أنه يتعين كذلك إعادة تهيئة الروابط بين المصالح الخارجية للدولة وممثل هذه الأخيرة (الوالي). وخلص السيد بوطالب إلى أن الحركة الشعبية تتطلع إلى جهوية تدعم وجود فضاء "يتطور فيه المواطن ضمن هويته المغربية ويعزز الانسجام بين الاختصاصات لما فيه تقدم وصالح جهته".