دعا حزب التقدم والإشتراكية، في مذكرة ضمنها تصوره للجهوية الموسعة بالبلاد، إلى وضع قانون تنظيمي يضبط النظام الأساسي للجهات والمجموعة المتمتعة بالحكم الذاتي التي ستهم الأقاليم الجنوبية الغربية للمملكة. وجاء في هذه المذكرة، التي عرضها الحزب على اللجنة المكلفة بالبحث في موضوع الجهوية، أنه بالرجوع إلى الخطاب الملكي الذي يعتبر أن الجهوية المنشودة ستمثل ديناميكية جديدة لإصلاح مؤسساتي عميق، "فلا مناص من مراجعة دستورية تمكن من وضع قانون تنظيمي يضبط النظام الأساسي للجهات والمجموعة المتمتعة بالحكم الذاتي التي ستهم أقاليمنا الجنوبية الغربية، وتجعل من الغرفة الثانية بالبرلمان غرفة للتمثيل الترابي بشكل بارز". وعلى هذا القانون التنظيمي، تضيف مذكرة الحزب، أن ينص على كون السلطة الأصلية لفرض الضرائب تعود إلى الدولة مع منع الجهات من إنشاء وتحصيل أي ضريبة خارج ما ينص عليه الدستور والقانون التنظيمي للمالية وكذلك النظام الأساسي للجهة. كما أن على هذا القانون التنظيمي، وفق تصور الحزب، أن يكلف الدولة بالسهر على تطبيق مبدأ التضامن بين جهات المملكة وذلك بمنع الأنظمة الأساسية للجهات من إقرار امتيازات اقتصادية واجتماعية خاصة بها; وفي نفس الوقت منع هذه الجهات من تكوين فيدرالية أو فيدراليات مع قبول وضع اتفاقيات تعاون في ما بينها، بعد موافقة المجلس الوزاري على ذلك، مما يفرض تعديل الفصل 66 من الدستور الحالي. ويرى حزب التقدم والإشتراكية أن على القانون التنظيمي المنشود أن "يؤكد على حرية التنقل وإقامة الأشخاص وحرية تنقل السلع والخدمات عبر أنحاء التراب الوطني"، مقترحا كذلك تعيين لجنة من الخبراء تقوم بمراجعة التقطيع الحالي الذي "أبان عن نقائصه وذلك على أساس التكيف أكثر مع المعطيات البشرية والثقافية والتاريخية وعلى اعتماد المعطيات الاقتصادية المعاصرة". وبشكل موازي لإعادة النظر في التقطيع الجهوي، يعتبر الحزب أن الوقت قد حان لمراجعة التقطيع الإداري داخل الجهات أي ما يهم الأقاليم وحتى الجماعات القاعدية وذلك سعيا إلى ضمان المزيد من الانسجام البشري. ويعتبر الحزب أنه يمكن للمؤسسات وأجهزة الجهة أن تمارس اختصاصاتها علما بأن "مبدأ اللامركزية التي ننادي به على المستوى الوطني والذي سيفعل عن طريق الجهوية المتطورة يقتضي أن يعمل به داخل كل جهة على حدة". وحصرت مذكرة الحزب هذه الإختصاصات في ميادين إنتاج الثروة المادية (الفلاحة والصناعة) والخدمات والمبادلات، وفي الميادين الاجتماعية والثقافية والترفيهية، موضحة أن هذه الاختصاصات التي ستحول للجهات تستوجب بالضرورة تحويل الاعتمادات الضرورية وكذا الموارد البشرية اللازمة، أي "وضع سياسة لاتركيز أو لا تمركز ناجعة". ولضمان نجاعة هذا التحويل في الاختصاصات، يجب أن "تضع أجهزة الجهة مخططا توجيهيا في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يتلاءم والتصور العام الخاص بإعداد التراب وبالأهداف المقررة على المستوى المركزي". ويؤكد حزب التقدم والإشتراكية أنه "ماعدا هذه الاختصاصات تحتفظ الدولة بكل اختصاصاتها الأخرى الأساسية". وفي سياق المنظور ذاته، "ستتوفر لكل جهة سلطة تنفيذية تمارس مهام السلطة التنظيمية والإدارية ويكون على رأسها رئيس، ينتخب إما بالاقتراع المباشر أو من قبل أعضاء المجلس أو البرلمان الجهوي ويزكي انتخابه الملك". وعلى هذا الرئيس، تضيف المذكرة، أن يكون جهازا تنفيذيا يشتغل معه. ويكون هذا الجهاز التنفيذي مسؤولا في شخص رئيسه أمام المجلس وأمام البرلمان الوطني وأمام الملك. ويرى الحزب أن الرئيس يمثل الجهة أمام المحاكم وغيرها من المؤسسات والإدارات وهو الآمر بالصرف في الجهة، كما تحدد بقرار مركزي تواريخ ودورية الانتخابات الجهوية بمختلف مستوياتها، مقترحا إنشاء مجلس اقتصادي واجتماعي جهوي من أجل إسهام كل الفاعلين في ميدان الإنتاج. وبخصوص مؤسسات الجهات، يقترح الحزب أن يكون لكل جهة مجلس (أو برلمان) منتخب بالاقتراع العام المباشر مع الحرص على احترام مقاربة النوع واحترام الكوطا المخصص للنساء، مشددا على وجوب الاتفاق حول نوعية هذا الاقتراع. وفي ما يتعلق بمراقبة أعمال المجلس الجهوي التشريعية، يعتبر حزب التقدم والإشتراكية أن المجلس الدستوري الوطني هو الذي يقوم بالمراقبة، في حين تسهر الحكومة المركزية على مراقبة عمل الأجهزة التنفيذية الجهوية. وبخصوص الموارد المالية الخاصة بالجهة والممتلكات المفوتة لها، يرى الحزب أنه يتعين على الجهات، التي تضع مشروع ميزانيتها السنوية الذي يوافق عليه المجلس الجهوي، أن تساعد الدولة في استخلاص وتدبير وتصفية الموارد الجبائية. ووفق التصور ذاته، فإن الدولة يمثلها في الجهة "والي يكون بمثابة مندوب لها، مؤتمن على صيانة الصالح العام الوطني، ويطلع الأجهزة المركزية على كل زيغ يمكن أن يحدث. كما يسعى بتنسيق مع رئيس الجهة، الآمر بالصرف، إلى التناغم بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة في الجهة وسياسة الدولة العامة، ويسهر على التناغم بين السلطات المنتخبة بالجهة وممثلي الإدارات الوطنية المكلفة بتدبير الاختصاصات التي تبقى تحت مسؤولية الدولة المباشرة ومن صلاحياتها من عمال أقاليم وعمالات وغيرهم". وحصر حزب التقدم والإشتراكية "الإكراهات التي تعترض سبيل الوطن في موضوع الجهوية" في صنفين، أولهما الإكراهات "الجيو - سياسية"، وتتمثل في ما يسمى بقضية الصحراء المطروحة أمام الأممالمتحدة "نتيجة تعنت خصوم بلادنا وأساسا منهم الحكام الجزائريون". وأضاف الحزب أن الصنف الثاني يتمثل في الإكراهات الاجتماعية والثقافية معتبرا أن "التعديل الدستوري الذي سيصبح ضروريا مع تحقيق سياسة الجهوية، كما يريدها صاحب الجلالة على أرض الواقع، يجب أن ينص على أن اللغة الأمازيغية لغة وطنية على قدم المساواة واللغة العربية التي تبقى، اللغة الرسمية على مستوى الوطن، علما بأن الجهات، طبقا لنظامها الأساسي المرتقب، يمكنها أن تعتبر اللغتين العربية والأمازيغية لغتين كفيلتين بالتداول في مجالها الجغرافي".