قال الأمين العام لاتحاد المغرب العربي السيد الحبيب بن يحيى أنه حان الوقت لكي تترجم البلدان المغاربية، على أرض الواقع، ما يجمعها من قواسم مشتركة، إلى مصالح مشتركة، تحقيقا لتطلعات الشعوب المغاربية إلى رؤية مغرب عربي ككيان موحد وقوي اقتصاديا وسياسيا، في مواجهة التجمعات الأخرى وتحديات العولمة بسلبياتها وإيجابياتها. واعتبر الأمين العام، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة مرور 21 سنة على الإعلان عن قيام الاتحاد، أن تكثيف تشابك المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمهنية بين البلدان المغاربية من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى تحقيق التوافق السياسي بين دول الاتحاد. وقال إن هناك العديد من التقارير والتحليلات، سواء منها الصادرة عن الاتحاد الأوروبي أو عن المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية المعروفة بمصداقيتها، من قبيل البنك العالمي أو البنك الإفريقي للتنمية، تدعم هذا التوجه وتحبذ هذا المنحى بالنسبة للاتحاد المغاربي، مؤكدا أنه "لا بد أن نسير في هذا الاتجاه لعله يؤدي بنا إلى تحقيق الهدف المنشود". وعن سؤال حول كيفية تحقيق البناء المغاربي في ظل الجمود الذي يعرفه المسار السياسي لهذا البناء، قال الحبيب بن يحيى "لقد فتحنا حوارا مع الاتحاد الأوروبي، الذي له رؤية في هذا المجال وعمل بكيفية علمية على ترسيخ العلاقات البينية بين دوله وتقوية المصالح المشتركة بينها، وهو يعتبر أن السياسة ستأتي في ما بعد .. هذه هي نصيحة أصدقائنا في الاتحاد الأوروبي، وهذا ما سارت عليه دول الاتحاد الأوروبي ونجحت فيه حتى الآن". والنهج نفسه، يضيف بن يحيى، أخذت به دول تجمع (الآسيان) في آسيا ودول تجمع (الميركوسور) في أمريكا اللاتينية، وكذلك الدول الاسكندنافية بالنسبة لتجمع (الكونساي نورديك). وعن رأيه في استمرار غلق الحدود بين المغرب والجزائر وانعكاسات ذلك على مسيرة التعاون المغاربي، أعرب الحبيب بن يحيى عن أمله، في أن يؤدي فتح المفاوضات (حول الصحراء) على مستوى الأممالمتحدة، وبتزكية من مجلس الأمن الدولي، وبمتابعة من الأمين العام الأممي، إلى "حل لهذه المسألة"، مشيرا إلى أنه في انتظار أن يتحقق ذلك، فإن تنامي وتطوير علاقات التعاون بين البلدان المغاربية، على المستوى الثنائي، من شأنه أن يسهم في "وضع حجر الأساس وتقوية اللحمة وترسيخ التضامن بين هذه الدول، بما يعود بالنفع على المواطن المغاربي ويكفل له حرية التنقل والتشغيل والتكوين، بدل التفكير في الهجرة السرية أو المس بأمن البلدان المغاربية". وعن دلالات ومعاني ذكرى تأسيس الاتحاد المغاربي، قال الأمين العام، إنها "ذكرى عزيزة على كل مغاربي، وفي مقدمتهم قادة الدول المغاربية وكل المغاربيين الذين عايشوا واستمعوا لوثيقة مؤتمر طنجة (أبريل 1958) وما تضمنته من نداء من أجل التضامن المغاربي، مرورا بقمة زيرالدا (1988 بالجزائر) وانتهاء بقمة مراكش (فبراير 1989)، التي أعلن فيها قادة البلدان المغاربية قيام اتحاد المغرب العربي. وقال إن هذه المحطات التاريخية "جاءت مجسمة لما جمعنا من نضال تاريخي مشترك ضد الاستعمار، وأبرزت ما يجمعنا من قواسم مشتركة على مستوى التاريخ والحضارة والثقافة والدين، والتي حان الوقت الآن لكي نترجمها إلى مصالح مشتركة بين جميع دولنا المغاربية". وأوضح الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، أنه من أجل تحقيق هذه الأهداف النبيلة، وبتوجيه من قادة الدول المغاربية، قامت الأمانة العامة للاتحاد بسلسلة من المبادرات، من بينها تأسيس مجلس مغاربي لرجال الأعمال، اجتمع السنة الماضية بالجزائر بحضور نحو 700 مشارك، وسيعقد في مايو من السنة الجارية ملتقى مغاربي بتونس بمشاركة أكثر من 1000 من رجال الأعمال، معتبرا أن هذا المنتدى من شأنه أن يسهم في تعزيز التعاون المغاربي المشترك في مجالات الاستثمار والتبادل التجاري وإقامة المشاريع المشتركة. وأشار أيضا إلى اتفاق التنظيمات المهنية المغاربية العاملة في القطاع الفلاحي على إقامة اتحاد مغاربي للفلاحين، عقد هذا الأسبوع بتونس ملتقى مغاربيا علميا هاما، انصب على التعاون المغاربي في مجال (نظام المراقبة الصحية للنباتات وتدبير مخاطر المبيدات الزراعية)، بالإضافة إلى العديد من التنظيمات والجمعيات العاملة في مجال المهن الحرة، التي اتفقت على تشكيل إطارات مغاربية للتعاون وتبادل الخبرات وأضاف الحبيب بن يحيى، أن الأمانة العامة للاتحاد قامت أيضا، بتوجيه من قادة الاتحاد، بجعل مسألة الشباب بندا دائما في مختلف الاجتماعات واللجان المتخصصة للاتحاد، كما ستعمل على توظيف سنة 2010، باعتبارها سنة دولية للشباب، للانكباب على مناقشة مشاكل الشباب باعتبارها مشاكل عابرة للحدود، مشيرا في هذا السياق إلى أن اجتماع وزراء التشغيل في الاتحاد المغاربي في أبريل القادم بالرباط سيخصص حيزا من أشغاله لمناقشة الإستراتيجية المغاربية لتشغيل الشباب. واعتبر الأمين العام أن كل هذه المبادرات تمثل بداية طيبة في اتجاه خلق شراكات مغاربية أفقية في مجالات وقطاعات مختلفة تصب كلها في تعزيز البناء المغاربي. من جهة أخرى، قال الحبيب بن يحيى، في رده عن سؤال حول احتمال عقد قمة مغاربية على هامش القمة العربية المقررة الشهر القادم بطرابلس، إن ذلك "احتمال وارد"، وأن الأمر بيد قادة دول المغرب العربي ورئيس الدورة الحالية لمجلس رئاسة الاتحاد، القائد معمر القذافي. وأوضح أن المشاورات بين القادة المغاربيين ظلت مستمرة من خلال المبعوثين، وكذا اللقاءات التي تمت على هامش القمم العربية التي انعقدت خلال السنوات الأخيرة. وخلص الأمين العام إلى القول، إن البلدان المغاربية تشعر بخطورة سياسة "فرق تسد" التي كان ينهجها الاستعمار، ولذلك فهي مقتنعة أن من مصلحتها أن يتم ترتيب البيت المغاربي اقتصاديا واجتماعيا، والعمل على ترجمة القواسم المشتركة إلى خارطة طريق تؤدي إلى مزيد من التنمية والسلم والتعاون والتضامن، في مواجهة الكيانات والتجمعات الأخرى وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي.