تزدان فضاءات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء كل يوم بأطفال، هم كالفراشات الجميلة تسافر عبر عوالم الخيال والجمال، تعانق الكتاب وكل ما تفتقت عنه العقول المبدعة، من أدب وشعر وحكاية وأقراص مدمجة خاصة بالطفل. وطيلة الأيام التي انقضت من عمر المعرض، غصت أروقته بأعداد كبيرة من الأطفال، إما قادمين برفقة آبائهم أو بمعية زملائهم، في إطار رحلات تنظمها المؤسسات التعليمية التابعة لجهة الدارالبيضاء الكبرى، بل ومن مدن أخرى قريبة. وتميز البرنامج المخصص للأطفال هذه السنة بالغنى والتنوع، والانفتاح على مختلف مشارب الثقافة، من مسرح وحكي وشعر ورسم وتصوير. وخصصت لأنشطة الأطفال خيمة، نصبت لهذا الغرض، يحس الداخل إليها أنه يلج مملكة يمارس فيها الطفل شغبه وخربشاته ولعبه وإبداعه الذي لا يخضع إلا لمنطق الطفولة البريء، مصداقا لقول المربي غوستاف لوبون "إني أقدس عمل الطفل حين يلعب". ففي فضاء المحترفات، يؤطر الأطفال بغية إنجاز كتب للأشرطة المرسومة من خلال قصص وشخصيات من ابتكارهم، وكذا تدريبهم على إعادة استعمال ملفات وبقايا المواد التي يستهلكونها في حياتهم اليومية من أجل صنع دمى مستوحاة من خيالهم. ويعمل المشرفون على هذا الفضاء على استثارة مخيلات الأطفال وتربية أذواقهم الفنية وشحذ ملكاتهم الإبداعية من خلال تقنيات الفن التشكيلي. ويحرص المنظمون على حمل الأطفال إلى عوالم الحكي الشفوي الجذابة، والتي تخلق لدى البراعم فضول تسلق مدارج الخيال من خلال ارتجال قص الحكايات الهادفة إلى تحرير الجسد والصوت واكتساب القدرة على مواجهة الجمهور. وتماشيا مع متطلبات العصر، أدرج المنظمون التقنيات الجديدة لتقريبها من الأطفال وتعليمهم تسخير هذه التقنيات لتطوير مواهبهم وتربية أذواقهم. وداخل فضاءات المعرض المختلفة يتنافس الناشرون والعارضون في تقديم آخر الإنتاجات الإبداعية التي تهم الأطفال، كل من موقع تخصصه، ويتنافسون لكسب لب الطفل وسحره. ولم يتجاهل الناشرون المنتجات الحديثة المساهمة في التفاعل مع الأطفال كالإنترنيت والأقراص المدمجة، على اعتبار أن الأطفال أكثر تفاعلا مع المواد الثقافية على الشبكة العنكبوتية. وتألق الشعر هذه السنة بالمعرض، إذ شارك أطفال من مختلف جهات المملكة وطيلة أربعة أيام (من 11 إلى 14 فبراير)، في مسابقة "أولمبياد المحفوظات" الذي نظم لأول مرة. وعاشوا لحظات جميلة لا تنسى مع شعراء من كبار مبدعي اللغة العربية على مر العصور من عيار أبي فراس الحمداني في "أراك عصي الدمع"، وجبران خليل جبران في "اعطني الناي وغن"، وإيليا أبي ماضي في "كن جميلا تر الوجود جميلا"، وأبي القاسم الشابي في "إذا الشعب يوما أراد الحياة"، ومحمود درويش في "أحن إلى خبز أمي..".