تتواصل الدعوات والنداءات الدولية بشأن ضرورة تدخل فوري لمواجهة أزمة المجاعة والجفاف التي تهدد حياة الملايين من الأشخاص في منطقة القرن الإفريقي، وسط مخاوف من اتساع نطاق هذا المشكل ليشمل مناطق جديدة في جنوب الصومال حتى نهاية السنة. وفي هذا السياق، دعت الولاياتالمتحدة، اليوم الأربعاء، باقي الدول المانحة إلى أن تزيد، وبنسبة كبيرة، مساعداتها لمنطقة القرن الإفريقي، مشددة على أن المساعدات الراهنة لا تكفي لسد حاجات الجياع. وأوضحت غايل سميث، مستشارة الرئيس باراك أوباما، أن الولاياتالمتحدة تتصدر قائمة الدول المانحة مع 560 مليون دولار من المساعدات بينها 105 ملايين أعلن عنها أول أمس الاثنين، مؤكدة "سنواصل دعم جهود المساعدات، ولكننا نجري أيضا اتصالات حثيثة بدول أخرى لأنه ونظرا لحجم المشكلة لا يمكننا لوحدنا إنجاز المهمة". وقالت سميث، خلال مؤتمر صحافي عبر الهاتف، "إن الأكثر إلحاحا هو تقديم المال" للسماح للوكالات الحكومية الأمريكية والمنظمات غير الحكومية "بأن تؤمن، بأكبر قدر من الفعالية، ما يحتاجه الناس من غذاء وماء ودواء". من جانبه، دعا مجلس جامعة الدول العربية، في ختام اجتماعه الطارئ أمس الثلاثاء بالقاهرة حول هذه الأزمة، الدول الأعضاء إلى تكثيف دورها في مواصلة إغاثة المتأثرين بكارثة الجفاف والمجاعة في منطقة القرن الإفريقي، وحثها على حشد طاقات منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص العربي للمساهمة في عمليات الإغاثة. وأكد المجلس على ضرورة سرعة تنسيق جهود الجامعة العربية مع منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي لعقد مؤتمر دولي عاجل يخصص لحشد أكبر قدر ممكن من الدعم الإنساني وضمان سرعة إيصال وتوزيع المساعدات الإغاثية إلى جميع المتضررين في الصومال. وقرر المجلس عقد اجتماع وزاري للجنة الصومال التابعة لمجلس الجامعة العربية في شهر شتنبر المقبل بالقاهرة لتدارس تطورات الوضع هناك من جميع جوانبه، بما فيها الجانب السياسي وتقييم مستوى الاستجابة العربية في تقديم العون والمساعدات الإنسانية. وحذر الأمين العام للجامعة، نبيل العربي، من أن الصومال يواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد نحو 12 مليون شخص بالإبادة، مؤكدا أنه على الرغم من التحركات الدولية فإن الأوضاع ما تزال مرشحة لمزيد من التدهور في ظل توقع استمرار واستفحال الأزمة إلى غاية السنة المقبلة. من جهتها، ستعقد منظمة التعاون الإسلامي اجتماعا في اسطنبول يوم 17 غشت الجاري لمناقشة جهود تخفيف معاناة المجاعة في منطقة جنوب الصومال والمناطق المحيطة بها التي تعاني من الجفاف. وكان وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، الذي يتوقع أن يزور عددا من الدول الإفريقية في النصف الثاني من الشهر الحالي، أكد في وقت سابق على "ضرورة أن تتدخل منظمة التعاون الإسلامي في أقرب فرصة لسد احتياجات إخوتنا الأفارقة في شهر رمضان". وفي سياق متصل، أطلق بعض من كبار نجوم صناعة الموسيقى يوم أمس حملة عالمية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "سأكون صديقك"، للمساعدة في احتواء أزمة المجاعة المتفاقمة في منطقة القرن الإفريقي، وحث المعجبين على التبرع بالأموال لمساعدة العديد من الأسر التي تتضور جوعا في إفريقيا. وجرى تخصيص موقع إلكتروني وصفحة على موقع (فيسبوك) للتواصل الاجتماعي للحملة التي تتضمن تسجيلا مصورا لأغنية "هاي تايد أور لو تايد"، التي غناها عام 1973 بوب مارلي وفريق (ذا وايلرز) مصحوبة بصور لأطفال يعانون من سوء التغذية أعدها المخرج الشهير كيفن ماكدونالد. وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أعلنت أن اجتماعا سيعقد في 18 غشت الجاري في مقرها بروما، سيستعرض الوضع والاحتياجات والثغرات في أزمة المجاعة بالقرن الإفريقي، ويحدد برامج عملية ومشاريع وتحركات أخرى لتلبية الاحتياجات الفورية للدول المتضررة. ومن المرتقب أن يدرس الاجتماع سبل إيجاد وسائل لمساعدة السكان على تجاوز الأزمة، حيث جاء في بيان للمنظمة صدر أمس أنه "من الأساسي ليس فقط إنقاذ أرواح اليوم بل الحفاظ على سبل العيش التي سيعتمد عليها هؤلاء غدا". وسبق لمنظمة الأغذية والزراعة أن طلبت 161 مليون دولار لإنقاذ أرواح ومصادر أرزاق الملايين من المزارعين في أنحاء القرن الإفريقي، حصلت منها إلى حدود اليوم على نحو 57 مليون دولار ووعود بالمساهمة بالأموال. وتخشى الأممالمتحدة أن تستمر المجاعة التي تتسع لتشمل مناطق جديدة في جنوب الصومال حتى نهاية السنة بسبب صعوبة الوصول إلي المناطق التي يسيطر عليها مسلحو حركة الشباب، وتأخر المجتمع الدولي في توفير التمويل اللازم لتوفير المساعدات الضرورية. وتعتبر الأممالمتحدة أن "الأزمة الحالية هي أسوأ أزمة إنسانية في العالم وأسوأ أزمة غذائية منذ المجاعة التي شهدتها الصومال في 1991-1992". وتقول المنظمة الأممية إن حوالي 6ر3 مليون شخص مهددون بالموت جوعا في الصومال و12 مليونا في أنحاء القرن الإفريقي بما في ذلك أثيوبيا وكينيا. ويحتاج 8ر2 مليون شخص، بينهم 25ر1 مليون طفل، لمساعدات عاجلة في جنوب الصومال وحده، وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة، ولكن المنظمات الإنسانية لا يمكنها الوصول إلا إلى 20 بالمائة منهم.