استأثرت القضايا المتعلقة بالتهديدات والهشاشات الأمنية بالقارة الإفريقية بحيز هام من تدخلات ومناقشات المشاركين في أشغال اليوم الأول للندوة الدولية حول الأمن بإفريقيا، التي تحتضنها مدينة مراكش على مدى ثلاثة أيام. وأبرز المتدخلون في هذا الملتقى الهام المنظم تحت شعار "الأمن بإفريقيا .. تحديات وآفاق" أن القارة السمراء ما تزال بؤرة لعدة نزاعات، مؤكدين أن هذا الوضع يزداد تفاقما في ظل تهديدات أمنية ذات طبيعية دولية أو إقليمية من قبيل حركات التمرد والتهريب غير المشروع والجريمة المنظمة والتحديات البيئية والمخاطر البحرية كالقرصنة. ويرى المتدخلون انه لا مناص في مواجهة التحديات الكبيرة للهشاشات الأمنية التي تواجهها البلدان الإفريقية من الإحاطة بمختلف جوانب هذه الحقائق والانكباب على مسبباتها الداخلية، وكذا على التهديدات والعوامل الخارجية التي تؤدي إلى نشوب النزاعات. وفي هذا السياق، توقف وزير الإدارة الترابية واللامركزية بإفريقيا الوسطى السيد "إيلي ويفيو "عند الأسس التي يرتكز عليها ضمان الاستقرار بالبلدان الإفريقية والمتمثلة أساسا في استتباب السلم من أجل أمن وحرية الإنسان والتسامح باعتباره تعبيرا عن الإرادة في تصحيح الأخطاء والحد من الأذى وإعادة الأمن المختل. واعتبر السيد ويفو أن السلم يظل رهينا بالتوازن في تدبير السلطة، معتبرا أن هذا التوازن يظل رهينا بالإرادة والشجاعة السياسية. ويرى السيد ويفو أنه في مواجهة هذه النزاعات الكبرى بالقارة فإن الأفارقة مطالبون باعتماد نمط تفكير جديد والتطلع الى المستقبل بأمل أكبر. من جهته أكد السيد "فاديبا كيرا" وزير الشباب والرياضة بجمهورية غينيا ، انه في ظل تفاقم النزاعات التي تهدد استقرار وتنمية بلدان القارة، يتعين التفكير في حلول من شانها تيسير المشاركة النشيطة للساكنة في بناء سلم دائم ومناخ سياسي واجتماعي واقتصادي كفيل بالاستجابة لتطلعات المشروعة للجميع. ومن هذا المنطق، يضيف المسؤول الغيني، تستمد هذه الندوة الأولى أهميتها باعتبارها فضاء للتبادل الثقافي وصهر الطاقات وفسح المجال أمام تبادل التجارب والأفكار التي من شأنها جعل المجتمعات الافريقية موطنا للرخاء والسلم والاستقرار. وفي هذا السياق شدد السيد كيرا أن المناخ الاقتصادي الصعب الذي تعيشه بلدان القارة يملي تشجيع المبادرات الفردية والجماعية للشباب ومرافقتهم من اجل المساهمة متى أمكن ذلك، في ولوجهم إلى التشغيل الذاتي.(يتبع) وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الندوة، أكد السيد ريشار شيرلوك الجنرال ماجور مدير الاستراتيجيات والتخطيط والبرامج ممثل القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا "أفريكوم"، أن هناك بعض المناطق، التي تعتبر بؤرا لتهريب المخدرات والبشر والإرهاب، وبالتالي تشكل تهديدا للاستقرار، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على غرب إفريقيا بل تمتد لتشمل مناطق أخرى في القارة. ويرى السيد شيروك أن التنمية الاقتصادية ستمكن بشكل كبير من تحقيق الاستقرار، بهذه المنطقة، معتبرا أن المقاربة العسكرية لا يمكنها لوحدها أن تساعد في تحقيق الأمن، بل ينبغي تبني مقاربة تشمل الدبلوماسية والتنمية وترسيخ دولة القانون. وأكد أن السيد شيرلوك أن هذا الملتقى يشكل مناسبة مهمة للعديد من الخبراء لتبادل الآراء ومناقشة السبل الكفيلة بتعزيز الأمن في المنطقة، مضيفا أن المغرب الذي يعد صديقا قديما للولايات المتحدة، بإمكانه المساهمة بشكل فعال في تعزيز الأمن في إفريقيا باعتباره مثالا يحتدى بالنسبة لباقي دول المنطقة. ومن جانبها، أكدت السيدة جنيفر تاونسن من إدارة إفريقيا بوزارة الشؤون الخارجية البريطانية في تصريح مماثل، أن قضايا الأمن بإفريقيا تحظى باهتمام كبير من طرف بلدها بالنظر إلى الروابط التاريخية والاقتصادية، التي تجمعه ببلدان القارة، مشيرة إلى أن منطقة غرب إفريقيا على الخصوص أصبحت في السنوات العشرة الأخيرة تعيش مرحلة ما بعد النزاع المتمثلة في إعادة الأعمار، واستتباب الأمن والتنمية. واعتبرت أن التحديات الأمنية الكبرى التي تواجهها القارة مرتبطة بعوامل داخلية وخارجية، منها التهديدات المتعلقة بالاستقرار السياسي وتهديدات الشبكات الدولية لترويج المخدرات. وأكدت السيدة تاونسن أن المغرب رغم عدم عضويته بالاتحاد الإفريقي إلا أنه بإمكانه لعب دور مهم في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة، مشيدة بمساهمته "بشكل فعال مؤخرا في إيجاد حل للأزمة الغينية". يشار إلى أن أشغال هذه الندوة، التي تنظمها الفدرالية الإفريقية للدراسات الإستراتيجية بمشاركة أزيد من 150 خبيرا وأخصائيا مدنيا وعسكريا، يمثلون 60 بلدا من مختلف أنحاء العالم، تتناول عدة محاور، منها على الخصوص "التهديدات والهشاشة الأمنية بإفريقيا" و"الإرهاب الدولي وتأثيره على إفريقيا"، و"الوقاية من النزاعات وتدبيرها بإفريقيا" و"حكامة القطاع الأمني بإفريقيا".