قال السيد أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن دسترة الامازيغية كلغة رسمية في الدستور الجديد سيؤدي إلى رفع الحجر الذي يطال إدماجها الفعلي في السياسات العمومية. وأكد السيد بوكوس في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن دسترة الأمازيغية الفعلية كلغة رسمية إلى جانب العربية ستوفّر لها الحماية القانونية الضرورية لإدماجها الفعلي في مختلف المجالات الحيوية وفي مقدمتها التعليم والإعلام والعدل والصحة والثقافة والحكامة الجهوية. وقال "كسائر المنشغلين بالثقافة الوطنية ومستقبلها عامة وبالثقافة الأمازيغية على وجه الخصوص، تلقينا بالمعهد هذا الحدث التاريخي بكامل الارتياح والتفاؤل بالمستقبل باعتباره مكسبا هاما ومنعطفاُ كيفيّاً جديدا في مسار تدبير الشأن السياسي والثقافي واللغوي ببلادنا". وأبرز أن هذا الحدث يعد تتويجا متميّزا لمسار طويل، مرّ من عدة مراحل من التاريخ الحديث للبلاد، مضيفا " لقد آن الأوان لدخول سيرورة ردّ الاعتبار للأمازيغية منعطفا إيجابيا جديدا". ويرى السيد بوكوس أن من شأن ترسيم الأمازيغية أن يتيح انخراطا وطنيا واسعا في هذا المشروع المجتمعي، من باب ترسيخها كملك لجميع المغاربة بدون استثناء. وأوضح أن الصيغة التي سيتم بها ترسيم اللغة الأمازيغية وفق الفصل الخامس من الدستور، هي نتاج توافق بين القوى السياسية والنقابية والمدنية، من جهة، وبين الدولة من جهة أخرى، وهو توافق يحافظ على التوازنات بين المعطيات التي تسم الأوضاع بالبلاد راهنا. وأشار من جهة أخرى، إلى أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يشكل مكسبا يتعين الحفاظ عليه وتقويته وتطويره حتى يستجيب لمتطلبات الوضع الراهن إسهاما في النهوض بالأمازيغية بإمكانياته البشرية والمادية في ظل الظروف الجديدة. وذكر في هذا الإطار بالمنجزات الهامة التي حققها المعهد من قبيل تنميط حرف تيفناغ وإدماجه في منظومة المحارف العالمية، والشروع في معيرة اللغة الأمازيغية، وإنجاز العدد والحوامل الخاصة بتدريس الأمازيغية وإدماجها في المنظومة التربوية، وتأمين تكوين الأطر التربوية، والإسهام في إدماج الدراسات الأمازيغية في الجامعة، وتكثيف النشر بالأمازيغية وحولها، وتعميق البحث العلمي، والإسهام في إدماج الأمازيغية في الإعلام العمومي وفي بعض القطاعات الحيويّة. وبخصوص "المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية" الذي ينص الفصل الخامس على إحداثه، أوضح السيد بوكوس أن مهمة هذه المؤسسة ستكون على وجه الخصوص، حماية اللغات العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية". وأَضاف أن الأمر يتعلّق لا محالة بمؤسسة تتولّى بلورة السياسة الثقافية واللغوية الشمولية بالبلاد وتدبير شأنها وطرق إعمالها. وحسب السيد بوكوس فإن هذه المؤسسة مدعوة إلى ترصيد المكاسب الوازنة التي تحققت في إطار تأهيل اللغتين العربية والأمازيغية على حد سواء في أفق تأهيلهما وتحديثهما. كما أنه على المؤسسة المستحدثة، يضيف السيد بكوس، علاوة على توفير الشروط الكفيلة بترسيخ كل هذه المكاسب، أن تنكبّ على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغيّة من خلال ضبط طرق إدماجها في السياسات العمومية، حتى تتمكّن من القيام بوظائفها الكاملة بوصفها لغة رسميّة إلى جانب العربية، وذلك في تفاعل وتكامل مع باقي مكوّنات الثقافة الوطنية. وتحدث السيد بوكوس عن مبدأين أساسيين يتعيّن أن يقوم عليهما القرار على مستوى السلطة التشريعية الواضعة للقوانين النظامية والتنظيمية في هذا الباب، أولهما يتمثل في اعتبار اللغة والثقافة الأمازيغيتين من الثوابت الرمزية للأمة المغربية، إلى جانب العربية. وثانيهما، أن يؤسس العمل التشريعي في هذا المضمار على إعمال الحس السياسي المواطن، الحريص على الصالح العام، في احترام تام لمقتضيات الدستور بخصوص إقرار الأمازيغية لغة رسمية والثقافة الأمازيغية بوصفها تقع في صلب هويتنا الموحّدة في تعددها وتنوّع مكوّناتها، عملا بما جاء في الخطاب الملكي السامي لتاسع مارس 2011. وأضاف أن من مرتكزات النهوض بالأمازيغية، مضامين الخطب الملكية السامية مذكرا بخطابي العرش وأجدير لسنة 2001، وخطابي 9 مارس، و17 يونيو لسنة 2011 الذي تضمّن الإعلان عن مشروع الدستور الحامل لمقتضى ترسيم اللغة الأمازيغية. وأعرب عن اعتزازهّ بكون الأمازيغية تحظى برعاية جلالة الملك محمد السادس، مبرزا أنه في ظل هذه الرعاية وبفضلها تمكّن المعهد من القيام، في ظرف أقل من عقد من الزمن، من إنجاز تراكم وازن من المنجزات في مجالات النهوض بالأمازيغية. يذكر أن الفصل الخامس من مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء في فاتح يوليوز المقبل ينص على أن العربية تظل اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها، وأن الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء. وينص الفصل أيضا على قانون تنظيمي سيحدد "مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية".