أكد المشاركون في اليوم الدراسي حول "الإستراتيجية الوطنية لمحاربة تشغيل الأطفال..أي دور للمجتمع المدني"، الذي عقد اليوم الخميس بآسفي، على أهمية اعتماد مقاربة شمولية لمعالجة هذه الظاهرة. وأوضح المشاركون، خلال هذا اللقاء الذي نظمته جمعية "لعريصة للتنمية والثقافة" بمشاركة قطاعات حكومية وفعاليات سياسية ونقابية وجمعوية، أنه أمام التطورات الديموغرافية التي تعرفها المملكة وفي ظل استمرار الأسباب المؤدية إلى دخول الأطفال عالم الشغل ومنها الهدر المدرسي، على وجه الخصوص، فإن المجتمع المغربي أصبح برمته مطالبا بتضافر الجهود من أجل ضمان عيش أفضل للطفولة. وبهذه المناسبة أشار السيد مصطفى الرجيب، المندوب الإقليمي لوزارة التشغيل والتكوين المهني في عرض له، إلى أنه في ظل الترسانة القانونية التي اعتمدتها الدولة، طيلة السنوات الأخيرة في هذا الشأن، فإنه يتعين على كافة مكونات المجتمع العمل على مواكبة تنفيذ هذه الترسانة بمشاريع تحول دون انتهاك القوانين وقادرة على استيعاب الأطفال ضحايا التشرد. وأبرز أن تفعيل الترسانة القانونية لمحاربة تشغيل الأطفال أثمرت خلال المدة المنصرمة انتشال أزيد من 12 ألف طفل من العمل المبكر وأزيد من 20 ألف آخرين من الانخراط في هذا النوع من العمل، موضحا أن هذا العدد يظل دون الأهداف المرجوة وذلك لأسباب اجتماعية واقتصادية مركبة. وبدوره تساءل السيد محمد بلعيدي رئيس شبكة الجمعيات الدكالية عن الجهة التي تتحمل المسؤولية في تشغيل الأطفال في الوقت الذي وضعت فيه الدولة إستراتيجية وطنية إيجابية في هذا المجال، معتبرا أن دور العمل الجمعوي في هذا الجانب لا زال محدودا بفعل عدد من الإكراهات المادية والمعنوية. وحذر من مخاطر تجاهل آفة الهدر المدرسي وأسبابه وما يمكن أن ينجم عنها من إشكاليات عويصة، داعيا إلى إعمال تفكير جماعي حول آفاق المعالجة الممكنة للظاهرة وما يرتبط بها. ومن جهته أبدى السيد أحمد السرغيني، معلم وصانع تقليدي ورئيس سابق لغرفة الصناعة التقليدية لآسفي واليوسفية، ملاحظات على القوانين الجاري بها العمل في مجال تشغيل الأطفال خاصة ما يتعلق منها بميدان الصناعة التقليدية. وأوضح في هذا السياق أن التقاليد والأعراف في المغرب تختلف في حيز منها عن مضامين المواثيق الدولية وبعض البنود الواردة في مدونة الشغل، داعيا إلى التوفيق بين القوانين وإكراهات الواقع السوسيو اقتصادي. ومن جانبه استعرض السيد محمد كلميم عن النقابة الوطنية للتعليم "ف.د.ش" تجربة قامت بها كل من وزارتي التربية الوطنية والتشغيل والتكوين المهني وإحدى النقابات الهولنية همت برنامج محاربة تشغيل الأطفال ما قبل سن 15 سنة في مدينة فاس. وقال إن هذا البرنامج تمكن من تقليص الظاهرة في هذه المدينة المعروفة بشتى أنواع الصناعات التقليدية التي تشغل الأطفال إلى 50 حالة من أصل 250 حالة في السنة. وناقش المشاركون عددا من المحاور تتعلق أساسا بموضوع غياب دراسة ميدانية حول ظاهرة تشغيل الأطفال بالوسطين الحضري والقروي والحاجة إلى تشخيص دقيق للظاهرة وكذا واقع الأسر المغربية الفقيرة.