العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    الشيلي ترغب في تعزيز علاقاتها مع المغرب في ميدان البحث العلمي    بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    هجوم ماغديبورغ.. الشرطة الألمانية تُعلن توجيه تهم ثقيلة للمشتبه به    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    هذه أحوال الطقس لهذا اليوم الأحد بالمملكة    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عامر: مغاربة الخليج ضحايا شبكات الدعارة المنظمة
نشر في هسبريس يوم 22 - 03 - 2010

الوزير المكلف بالجالية المغربية في الخارج قال ل"أخبار اليوم" إن وزارته ستعمل على تحسين صورة المغربيات في الخليج
يعتبر محمد عامر، الوزير المنتدب المكلف بالجالية المغربية بالخارج، مغاربة الخارج كأصابع اليد الواحدة، لكن لكل خصوصياته وطرق التعامل معه. وقال إن مغاربة الخليج الذين زارهم مؤخرا، يعانون من غياب الحماية القانونية ضد الابتزاز ومن استغلالهم من قبل شبكات الدعارة المنظمة.
- ما هي الخلاصات التي عدتم بها من جولتكم ببعض دول الخليج مؤخرا؟
التقائي مع الجالية المغربية المقيمة بدول الخليج العربي مكنني من اكتشاف صورة مغايرة تماما لما لدينا عن هذه الجالية من معلومات.
أولا، إنها قليلة العدد نسبيا: 4 آلاف في قطر، 3 آلاف في البحرين، 23 ألفا في الإمارات العربية المتحدة، من عدد إجمالي يتراوح بين 90 و100 ألف مغربي مقيم في كل المنطقة.
ثانيا، إنها جالية شابة في مجملها وتشكل الجيل الأول للهجرة، أي أن القليل من أبنائها من ولد في الخليج.
ثالثا، إنها تعمل في ميادين مهنية وحرفية وخدماتية جد متنوعة وفي قطاعات استراتيجية، وقليل منها من ليس له تأهيل متوسط أو عال.
رابعا، إن تحويلاتها المالية إلى المغرب مرتفعة ويفوق معدلها، بالنسبة إلى كل فرد، معدل التحويلات التي يقوم بها المغاربة المقيمون في كثير من الدول الأوربية وأمريكا الشمالية.
أضف إلى ذلك أن هذه الجالية، وبشهادة كل المسؤولين الذين التقيت بهم، تعد نموذجا في الانضباط والسلوك الحسن ومندمجة اندماجا كاملا في مجتمعات دول الاستقبال، كما يدل على ذلك العدد الكبير للزيجات المختلطة في صفوفها.
- أعلنتم عقب هذه الزيارة أن مشاكل الجالية بهذه المنطقة بسيطة، بالمقارنة مع تلك التي تعيشها مثيلاتها في أوربا أو أمريكا. أين يتجلى ذلك؟
من البديهي أن المغاربة الذين يعيشون وسط إخوان لهم عرب ومسلمين لا تطرح بالنسبة إليهم القضايا الكبرى المتعلقة بالهوية والتعايش والاندماج، كالتي تشغل بال الجالية المغربية في المجتمعات الغربية. كما أن تداعيات الأزمة العالمية الأخيرة كانت أقل تأثيرا بكثير على الجالية المغربية بالخليج مما هو عليه الحال بالنسبة إلى تلك المقيمة ببلدان أووبا، وخاصة في إسبانيا التي يفوق عدد المغاربة العاطلين فيها، أي 120 ألفا، مجموع المغاربة الموجودين في دول الخليج بأكملها المقدر عددهم بحوالي 100 ألف مغربي.
على رأس المشاكل التي تشتكي منها الجالية بالخليج عدم وجود مؤسسات ومناهج مدرسية خاصة بأطفال الجالية تحافظ لهم على هويتهم ومقومات انتمائهم الوطني، وتسهل اندماجهم في النظام التربوي المغربي في حالة العودة إلى المغرب. وكحل لهذا المشكل، تم اقتراح خلق مؤسسات بمبادرة استثمارية حرة وبدعم من الدولة. هذه الفكرة لقيت ترحيبا، ونحن ننتظر من سيتطوع بتنفيذها لنمده بالمساعدة اللازمة.
كما أن الجالية بالخليج تشكو من عدم وجود نظام عمومي للتقاعد والتأمين الصحي، ومن ضعف الحماية القانونية تجاه حالات الاحتيال والابتزاز الكثيرة التي تتعرض لها اليد العاملة المستوردة من المغرب، في غياب مؤسسات للإرشاد والتوجيه لتنظيم تنقل العمالة بين بلدنا ودول الخليج. الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات يمكن أن تلعب دورا إيجابيا في هذا الاتجاه، خاصة أنها تتوفر على الإمكانيات اللازمة لذلك.
مشكل آخر، ومن نوع خاص يؤرق الجالية، يتمثل في المظاهر والتصرفات المخلة بالشرف التي تسيء إلى سمعة وطننا. الزيارة التي قمت بها كانت مناسبة لتسليط الأضواء على الوجه الإيجابي للهجرة النسائية إلى الخليج وأظنها أفلحت في ذلك، حيث بدأنا نلاحظ في الأيام الأخيرة حوارات هادئة ونقاشات إيجابية لا تختزل الهجرة في جوانبها السلبية. هناك مبادرات مهمة اتخذت في عدد من الدول بتعاون بين السفارات المغربية والسلطات الخليجية أسفرت عن نتائج إيجابية. وأتمنى أن تثمر الجهود التي تبذلها كافة الجهات المعنية لمكافحة هذه المظاهر هنا وهناك لتخليص المرأة المغربية في الخليج نهائيا من الصورة النمطية التي التصقت بها.
- ما هي طبيعة هذه الجهود وهل هي فعلا مجدية؟
يجب أن نعلم أن المغرب يتعاون تعاونا وثيقا مع مؤسسات المجتمع الدولي المكلفة بمكافحة شبكات الجريمة المنظمة، بما فيها تلك التي تنشط في مجال الاتجار في البشر وفي الدعارة على وجه الخصوص، وتسهر مصالحه الأمنية المختصة على رصد وتفكيك الشبكات من هذا النوع التي تتخذ من أرض الوطن منطلقا لعملياتها.
أما في ما يتعلق بمسؤولياتنا في الحكومة، فإننا نقوم جميعا وخاصة القطاعات ذات الصلة كالخارجية والداخلية والعدل، كل في حدود اختصاصاته وصلاحياته، بالتدخل اللازم لمعالجة هذه الظاهرة التي يقع ضحيتها عدد من النساء المغربيات. لكن القضاء على هذه الظاهرة لا يمكن أن يتم بالردع فقط. هذا الموضوع يستدعي مقاربة شمولية تنظر إلى أصل المشكل، وهو الفقر وتفشي البطالة، والعمل على معالجته بما يلزم من مشاريع التنمية البشرية.
- كيف تعمل الوزارة على تحسين صورة المغربيات في الخليج؟
نحن نعمل، في إطار برنامج شامل اسمه "الملتقى الدولي للكفاءات المغربية في الخارج"، على رصد خبرات وكفاءات مغاربة العالم، ومن بينها بطبيعة الحال الكفاءات النسوية، للتعرف عليها والتعريف بها. ويمكنني أن أؤكد لكم، رغم الطابع الجزئي والنسبي للمعلومات التي توصلنا إليها حتى الآن، أن النساء يشكلن نسبة لا يستهان بها من ضمن هذه الكفاءات العليا التي يحق لبلادنا أن تفخر بها، وخاصة منها تلك المقيمة بدول الخليج.
وسنعمل خلال الأشهر القليلة المقبلة على تنظيم مهرجان خاص بالمرأة المغربية في دولة الإمارات العربية المتحدة، يبرز أدوارها الفعالة في مختلف مجالات الفن والمعرفة والسياسة وتدبير المقاولة والعمل الحقوقي والجمعوي للتعريف بجوانب حضارتنا العريقة التي يدين جانب مهم منها للمرأة وعبقريتها الخلاقة.
- تحدثتم عن برنامج لرصد كفاءات مغاربة العالم، هل توجد بمنطقة الخليج كفاءات مغربية عالية؟
نسبة الأطر العليا والمتوسطة المغربية في مجالات العمل بالدول التي زرتها مهمة جدا، إذا قورنت بالعدد الإجمالي للمغاربة في الخليج الذي لا يتجاوز 100 ألف مغربي. كمثال على ذلك، أكثر من مائة إطار بنكي ومالي مغربي يشغلون مسؤوليات كبرى في فروع الشركات والبنوك العالمية في عاصمة البحرين وحدها، معظمهم من حاملي جنسية بعض الدول الأوربية بالإضافة إلى جنسيتهم المغربية.
هذه الكفاءات، التي أعترف بأنني كنت أجهل الكثير عنها، سنعمل على إدراجها ضمن خطة استكشاف الطاقات البشرية لمغاربة العالم للتعرف عليها وعلى مجالات تخصصها وإمكانيات مساهمتها في تنمية بلدها إما بعلمها أو بأفكارها أو بمشاريعها الاستثمارية، كما سنعمل على ربط الصلة بينها وبين الجهات المعنية في المغرب، التي يمكنها الاستفادة من هذه الخبرات في إطار شراكة لنقل المعرفة وتنفيذ مشاريع ميدانية. وكأول خطة ملموسة في هذا الصدد، سيتم إنجاز دليل الكفاءات المغربية بهذه الدول للتعريف بها والتواصل معها وكذا لتسهيل خلق شبكة لحاملي المشاريع الممكن إنجازها.
- لنبتعد قليلا عن منطقة الخليج، ما تقييمكم لوضع الجالية في أوربا في ظل الأزمة الاقتصادية وتنامي التيارات المعادية للأجانب؟
وضعية الفئات المهاجرة غالبا ما تكون هشة في بلدان إقامتها عند مرور هذه البلدان بظروف اقتصادية صعبة، وتتعرض أكثر من الساكنة الأصلية للانعكاسات السلبية للأزمات. ويتجلى ذلك بالخصوص في تفاقم حالات التسريح وارتفاع نسبة البطالة، خاصة في القطاعات التي لا تشغل يدا عاملة ذات مهارات عالية، وانخفاض قيمة الأجور وغيرها من الآثار التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تدهور القوة الشرائية للجاليات المهاجرة، وعدم قدرتها على مسايرة مستوى معيشة البلدان المستقبلة وتفكيرها في العودة إلى مواطنها الأصلية. بالإضافة إلى ذلك، هناك المضايقات التي قد تلقاها هذه الفئات بسبب اعتقاد المحليين أن المهاجرين ينافسونهم ويقلصون فرص الشغل لديهم، وما يصاحب ذلك عادة من ظواهر متطرفة كتنامي التيارات الفكرية والسياسية المعادية للهجرة والمحرضة على تبني سياسات متشددة تجاه الأجانب، بمن فيهم المقيمون بصفة شرعية وحتى المتجنسون.
بصفة عامة، هذا هو السيناريو الذي يتكرر عند كل أزمة وهو ما لا ينجو منه، للأسف، العديد من مواطنينا المقيمين بالخارج حاليا. فالمعطيات والإحصائيات المتوفرة لدينا حتى الآن تشير إلى أن البطالة في صفوف الجالية المغربية بأوربا ارتفعت منذ البوادر الأولى للأزمة بنسب مرتفعة مقارنة مع فترات مماثلة سابقة. كما أن التيارات العنصرية المتطرفة تنامى وجودها في العديد من الدول، وتجلى تأثيرها في عدة قرارات ضد وجود ومصالح الجاليات المهاجرة، ومن ضمنها الجالية المغربية.
- وماذا عن الجالية المغربية في الدول الأوربية التي لم تخرج إلى حد الآن من الأزمة الاقتصادية؟
أنتم ولا شك تعنون إسبانيا التي يفوق عدد العاطلين بها اليوم 4 ملايين من بينهم، كما قلت قبل قليل، 120 ألف مغربي من أصل 800.000 يقيمون بها بصفة رسمية. هذا العدد كبير جدا وله انعكاساته السلبية على استقرار ومستوى عيش هؤلاء المواطنين. خلال زيارتي لعدة مدن في إسبانيا في يناير الماضي، وقفت على حقيقة معاناة العديد من هؤلاء المنكوبين، بعضهم يتنازل عن جزء من راتبه مقابل أن يحتفظ بوضعه كعامل مما يخول له تجديد وثائق إقامته، وبعضهم الآخر اضطر إلى إعادة أسرته إلى المغرب لعدم قدرته على الاستمرار في نفس مستوى الإنفاق الذي تعود عليه. صحيح أن الطرد لا يتهدد أي مغربي مقيم بصفة شرعية فقد عمله، والفضل في ذلك يعود إلى تفهم السلطات الإسبانية واستجابتها لنداء مراعاة الجانب الإنساني قبل تحكيم القانون وصرامته، لكن إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، واستفحلت الأوضاع بالشكل المثير الذي تعرفه اليونان هذه الأيام، فإن ذلك ينذر بعواقب أوخم مما عرفته إلى حد الآن جاليتنا بإسبانيا.
على أي حال، فالدولة تراقب عن كثب تطور أوضاع الجالية في الدول المتأثرة بالأزمة، ولجنة اليقظة التي أحدثتها الحكومة تنعقد بانتظام وكلما جد جديد لملاءمة التدابير الاستعجالية المتخذة لفائدتها مع هذه التغيرات.
- ما هي التدابير التي اتخذتها الوزارة للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية على تحويلات المهاجرين المغاربة؟
على مستوى تخفيض كلفة التحويلات، تقرر العمل بمجانية التحويلات المالية المباشرة من طرف البنوك المغربية إلى غاية 31 دجنبر 2009، ومعاملتها بالحد الأدنى للعمولات المتداولة في ما يخص سعر الصرف، كما تقررت مراجعة الاتفاقات المبرمة بين الأبناك ومؤسسات تحويل الأموال (ويسترن يونيون، موني كرام...)، بهدف تخفيض عمولات التحويلات تجاه المغرب والتي تعتبر الأكثر ارتفاعا مقارنة مع دول أخرى. هذه التدابير كان لها دور فعال في الحد من تراجع حجم التحويلات لسنة 2009 الذي قدرته بعض الأوساط في حدود 14% ليستقر في الأخير في 5% بالمقارنة مع 2008، والتقديرات لسنة 2010، بالاعتماد على إحصائيات شهر يناير من هذه السنة، تؤكد أن التحويلات سترتفع بنسبة تتراوح بين 3 و5%.
وعلى مستوى تشجيع الاستثمار، تقرر وضع آليات تفتح أمام الجالية إمكانيات مهمة للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، خاصة على الصعيدين المحلي والجهوي باقتراح مشاريع تساهم الدولة في تمويلها بدعم في حدود 10% من تكلفة المشروع المقترح (5 ملايين درهم كحد أقصى) والأبناك بقروض في حدود 65% والباقي، أي 25%، بتمويل ذاتي للمستثمر وبالعملة الصعبة. كما تقرر تمديد "ضمان السكن" ليستفيد منه المغاربة المقيمون بالخارج حتى يتمكنوا من الحصول على القروض العقارية، وفي هذا تشجيع أيضا للتحويلات.
أما على المستوى الاجتماعي، فقد تقرر مواكبة المغاربة المتضررين من الأزمة من طرف الأبناك المغربية، وذلك بإعادة جدولة الديون المستحقة والعمل مع سلطات دول الإقامة لإيجاد حلول للمشاكل الناجمة عن فقدان العمل أو عدم تجديد وثائق الإقامة، وتعزيز وتعميم المصالح الاجتماعية في السفارات والقنصليات للتخفيف من المعاناة الاجتماعية للمتضررين من الأزمة.
- أعلنتم في مناسبات عديدة أن المحور الثقافي يحظى بالأولوية ضمن اهتماماتكم، لماذا كل هذه الأهمية؟
المغزى من الاهتمام الخاص الذي توليه الحكومة لتشجيع المبادرة الثقافية لفائدة الجالية يندرج ضمن الرؤية الجديدة والمقاربة الشمولية المتكاملة، التي نحاول من خلالها ممارسة مهامنا وبلوغ أهدافنا المتجلية في رعاية مصالح مغاربة العالم وإصلاح أحوالهم، هذه المقاربة التي تضع ما هو ثقافي من حاجياتهم على نفس قدر المساواة مع ما له طابع اقتصادي أو اجتماعي أو قانوني.
فالثقافة مجال من المجالات التي يتجدد فيها باستمرار توثيق روابط التواصل بين المغرب وأبنائه في المهجر، وتشكل عنصر استقرار للأجيال الصاعدة من الهجرة وعاملا مهما في ترسيخ الشعور لديها بالانتماء إلى بلد ذي تاريخ وثقافة وحضارة عريقة، مما يساعدها على الاندماج في مجتمعات دول الاستقبال دون مركب نقص.
في هذا السياق، وكنموذج لما نقوم به ضمن المقاربة الشمولية التي تحدثت عنها والتي يمتزج فيها الثقافي بالاجتماعي، اتخذنا مؤخرا عدة إجراءات عملية، من أبرزها تدعيم مبادرات ثقافية لمغاربة العالم في عدة مدن أوربية، والمساهمة في تمويل الدورة السابعة لمهرجان أكادير للسينما والهجرة، واحتضان جولات فرق مسرحية تقوم بعروض في بعض المؤسسات السجنية بها نزلاء مغاربة، وتشجيع مشاريع جمعيات مغاربة العالم التي تهدف إلى تقديم الدعم ومحاربة الهدر المدرسي لدى أطفال الجالية، وغير ذلك من المبادرات التي تسعى إلى توفير نصيب من التثقيف والترفيه لأفراد الجالية.
- هل تدخل في هذا السياق الجامعات الصيفية التي هي موضوع اتفاقية بينكم وبين وزارة التربية الوطنية؟
بالفعل، الجامعات الصيفية التي نهيئ لدورتها الثانية، بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والجامعات المغربية، مبادرة تهدف إلى الحفاظ على الهوية الوطنية للأجيال المهاجرة الصاعدة في بعديها اللغوي والثقافي، وإشاعة القيم الحضارية المؤسسة على التسامح والحوار والتعايش، وتجذير الارتباط بالوطن الأصل. وتندرج أيضا في إطار برنامج مواكبة وتنشيط مقام أفراد الجالية بأرض الوطن خلال العطلة الصيفية.
تشتمل فعاليات هذه الجامعات على أنشطة متنوعة، من بينها تلقين دروس في اللغة العربية الفصحى والدارجة والأمازيغية وإلقاء محاضرات وتنظيم رحلات ذات طابع ثقافي وإقامة معارض للفنون التشكيلية والحرفية.
الاتفاقية الإطار مع وزارة التربية الوطنية ستتلوها اتفاقيات ثنائية مع عشر جامعات بكل من تطوان والقنيطرة والرباط والمحمدية والدار البيضاء والجديدة ومراكش وأكادير وفاس ووجدة، لتنظيم هذه الملتقيات التي سيستفيد منها أزيد من 500 من شباب الجالية المتراوحة أعمارهم بين 18 و25 سنة والوافدين من كل دول العالم.
- ولم الاهتمام بفئة الشباب فقط؟
أجيال عديدة من المغاربة ولدت ونشأت بالخارج وهم، لذلك، يجهلون الكثير إن لم نقل كل شيء عن وطن آبائهم. الفراغ الذي تصادفه هذه الأجيال، حين تطرح على نفسها سؤال الهوية، يمكن أن يجعلها عرضة لبعض المشاكل. ومواكبة هؤلاء الشباب لمعرفة أصولهم وثقافة آبائهم وأجدادهم هي هاجسنا الأول، وفي ذلك تأثير إيجابي على اندماجهم في المجتمعات التي يعيشون فيها.
فمن واجبنا إذن أن نقترح على هؤلاء الشباب الأجوبة التي تساعدهم على تجاوز بعض هذه المشاكل. هذه الأجوبة تتضمنها البرامج التربوية المطابقة لمقومات حضارتنا وتوجيهات ديننا الحنيف، كما تحملها أيضا مبادرات من قبيل إحداث المراكز الثقافية وتنظيم الجامعات الصيفية والمهرجانات الفنية والأدبية وغيرها من التظاهرات التي ذكرتها قبل قليل، والتي تقرب شباب الجالية أكثر من مغرب آبائهم وأجدادهم.
لذلك، ستكون سنة 2010 سنة الشباب بامتياز من خلال: مضاعفة عدد المشاركين في الجامعات الصيفية خمس مرات مقارنة مع السنة الماضية، الاحتفال بعيد العرش وتخليد اليوم الوطني لمغاربة العالم يوم 10 غشت تحت شعار الاحتفاء بشباب الجالية، تنظيم اللحاق السنوي لمغاربة العالم في الأقاليم الجنوبية بمشاركة غالبية من الشباب، إلى غير ذلك من التظاهرات التي سنعلن عنها في حينها.
- وماذا عن الجانب الاجتماعي؟
من أجل مواكبة الاحتياجات والمطالب الاجتماعية المتزايدة للمغاربة المقيمين بالخارج، خاصة تلك التي برزت بحدة بفعل الأزمة الاقتصادية، شرعت الوزارة منذ 2009 في اعتماد مجموعة من التدابير الأولية بتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، من أهمها العمل على تعزيز الموارد البشرية واللوجيستكية ل20 مصلحة اجتماعية بالقنصليات، وتوقيع عقود لضمان المساعدة القضائية للمهاجرين في وضعية حرجة، وتحمل نفقات التمدرس لفائدة عدد من أطفال الأسر المغربية المعوزة المقيمة ببعض الدول الإفريقية، بعد إلغاء مجانية التعليم العمومي بها.
هذا بالإضافة إلى أن الدولة تتكلف كليا بنفقات نقل جثامين المغاربة من ذوي الدخل المحدود والمعوزين الذين توافيهم المنية بدول الإقامة، أو الذين يوجد ذووهم في وضعية اجتماعية صعبة، تفاديا للإحراج الذي يلاقونه عند اضطرارهم إلى جمع التبرعات من مواطنيهم ومن الأجانب للقيام بالواجب تجاه المتوفين.
ولابد من التذكير هنا أيضا بالمكتسب الهام الذي تم تحقيقه لفائدة المتقاعدين، والمتمثل في خصم 85 في المائة من الرسوم الجمركية على تعشير سياراتهم السياحية المرقمة بالخارج، تلبية لطلب ملح ما فتئوا يعبرون عنه منذ عقود. أزيد من 18.000 متقاعد استفادوا من هذا الإجراء منذ بدء العمل به في ماي 2009.
- زرتم حتى الآن أمريكا وأوربا والخليج العربي واستثنيتم دول إفريقيا، لماذا؟
مبدئي في التعامل مع قضايا المغاربة المهاجرين هو اعتبارهم كأصابع اليد، فهم سواسية أينما وجدوا في العالم. أنا حريص دائما على زيارة كل الدول التي بها جالية بتنسيق مع مصالحنا في السفارات والقنصليات. اليوم، ولله الحمد، المغاربة موجودون في كل الدول والقارات بما فيها إفريقيا. وزيارتي لها مبرمجة في الأيام القليلة المقبلة، بحيث سيكون السنغال أول بلد إفريقي أزوره على أمل أن تتاح لي مقابلة الجاليات المقيمة بالدول الأخرى في فرصة مقبلة.
- هل هناك تنافس بينكم وبين وزارة الخارجية ومجلس الجالية المغربية في الخارج حول الملفات المتعلقة بالجالية؟
نحن، من منطلق التضامن الحكومي، نعتمد على وزارة الخارجية ونعول كثيرا على العمل الدؤوب للسفارات والقنصليات، وندين لها بنجاحنا في استدامة التواصل بيننا وبين المغاربة في الخارج. أما بخصوص تعاملنا مع المجلس، فنحن نشتغل في جو يطبعه التعاون والتفاهم والانسجام والتنسيق المستمر، وخير دليل على ذلك اللقاء الذي ساهمنا فيه في نهاية 2009 بمراكش تحت عنوان "نساء هنا وهناك"، أو الرواق المشترك الذي نظمناه بمناسبة الدورة الأخيرة من المعرض الدولي للكتاب والنشر التي كان أدب الهجرة هو ضيف الشرف فيها، وكذا الندوة حول الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي بحضور أزيد من 150 باحثا وخبيرا، ضمنهم 70 من مغاربة العالم للمشاركة في النقاش حول مشروع الميثاق وإغنائه بتجاربهم المتنوعة.
- ما هي الميزانية المرصودة لوزارتكم لتحقيق الأهداف التي تحدثتم عنها؟
لقد عملنا خلال السنتين ونصف من عمر هذه الوزارة على وضع تشخيص عام لوضعية الهجرة والمهاجرين المغاربة، من جهة لمعرفة انتظاراتهم وحاجياتهم، ومن جهة أخرى لبناء سياسة وبلورة برامج ووضع آليات كفيلة بالاستجابة لهذه الحاجيات. وقد تأتى لنا ذلك بفضل اللقاءات التواصلية مع أفراد الجالية في دول إقامتهم أو عند عودتهم الموسمية إلى أرض الوطن، وكذا بفضل دراسات وأبحاث حول جوانب عدة من اهتمامات وقضايا الجالية.
وقد تزامن ذلك مع بناء وزارة فعلية قائمة الذات بمواردها البشرية وهيكلتها الإدارية وميزانيتها، قادرة على ترجمة السياسة والبرامج الحكومية إلى تدابير ملموسة، حيث تم قطع أشواط مهمة وبارزة في مسار تحقيق أغلب الأهداف التي سطرناها، سواء على صعيد الدراسات الاستطلاعية أو على مستوى البرامج الميدانية أو في ما يخص بناء الجهاز الإداري.
دعم الحكومة لنا في هذه المرحلة كان حاسما وفعالا وكدليل على ذلك يكفي أن أشير إلى أن عدد موظفي الوزارة كان بالكاد يتجاوز أصابع اليد الواحدة يوم استلمت مسؤولية تسييرها، وهم الآن يناهزون 80 من الأطر الشابة والمتحمسة لعملها يتولون مهامهم على مستوى المصالح المركزية وفي دور المغاربة بالخارج على الصعيد الجهوي.
كمؤشر آخر على دينامكية هذه الوزارة، ميزانية الاستثمار كانت شبه منعدمة سنة 2007 وانتقلت من 12 مليون درهم في 2008 إلى 194 مليون في 2010، أي تضاعفت أزيد من 16 مرة. هذه المعطيات تعكس حقيقة أهمية المشاريع والبرامج المسطرة لفائدة الجالية، خاصة على المستويين الثقافي والاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.