أوفدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، من 24 إلى 27 ماي الماضي، إطارا إلى مدينة كادس الإسبانية بهدف معاينة ورصد الوثائق التاريخية المودعة بالأرشيف البلدي لهذه المدينة. وذكرت المندوبية السامية، في بلاغ لها بهذا الخصوص، توصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بنسخة منه اليوم الأربعاء، أنها تواصل في سياق المقاربة الشمولية والمعمقة لقضايا الذاكرة التاريخية بكافة روافدها الوطنية والمشتركة والمتقاسمة، مع العديد من البلدان الأوروبية، عملية جرد واستنساخ الوثائق والمستندات المحفوظة بمراكز الأرشيف الأوروبية، وذلك باعتبارها مادة تكتسي أهمية كبرى يمكن اعتمادها والاستشهاد بها في تدوين وكتابة فترة هامة من تاريخ الدولة المغربية. وأوضح البلاغ أن العملية الأولى في هذا الإطار مكنت من ضبط قاعدة بيانات هامة، كما ونوعا، تضم دفاتر ووثائق ومستندات لها صلة مباشرة بفترة الكفاح الوطني بمنطقة الشمال المغربي. وتنقسم قاعدة هذه البيانات التي تم جردها إلى أربعة أصناف، يضم الأول منها الوثائق والمراسلات الإدارية والتقارير والمقالات المتعلقة بالحياة الخاصة والعامة للمقيم العام الاسباني الجنرال فاريلا; ويشمل ثانيها ملفات تعاملات مع الإدارة الإسبانية السابقة بالمنطقة التي كانت تحت نفوذها; فيما يتعلق ثالثها بصور ووثائق ترصد وتوثق لتحركات الجنرال فاريلا منذ طفولته إلى حين وفاته بما في ذلك خدمته العسكرية الأولى بحامية مليلية أو خلال عمله كمقيم عام بمنطقة الحماية الإسبانية بالشمال; ويشمل الصنف الرابع رسومات وخرائط للمسح الطبوغرافي ذات طابع عسكري. وذكر البلاغ بأن المندوبية السامية انخرطت في هذا الورش الوطني الكبير، الذي يجسد اجتهادها في إيجاد صيغ جديدة ومتجددة في التعاطي مع قضايا التراث التاريخي والتدوين لأحداثه ووقائعه وصناعه وأعلامه، قصد إشاعة رسائله وإشاراته القوية الحاضنة لقيم الوطنية الحقة والصادقة وشمائل المواطنة الإيجابية الفاعلة والمسؤولة. وفي هذا السياق، يضيف المصدر ذاته، أوفدت المندوبية السامية بعثة تتكون من باحثين متخصصين إلى فرنسا منذ 2008 بهدف الاطلاع على الوثائق المودعة بالمصلحة التاريخية للدفاع بقصر فانسان والتي يبلغ تعدادها 20 مليون وثيقة، وانتقاء واستنساخ الوثائق التي لها صلة بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالمغرب. كما ستعمل المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على إيفاد بعثة من الباحثين المتخصصين المغاربة لافتحاص واسترداد واستنساخ الأرشيف التاريخي المودع بمراكز الأرشيف بالمملكة الهولندية وخاصة بمدينة لايدن. وأكد البلاغ أن هذه المبادرات التي تضطلع بها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تتوخى جعل الوثائق والمستندات التاريخية المودعة بمراكز الأرشيف الأوروبية رهن إشارة الدارسين والباحثين والمشتغلين بالدرس التاريخي بهدف توطينها وتبيئتها، وكذا تعميق البحث التاريخي وتطويره وتعزيز دعاماته وتقوية روافده ومقاماته إغناء للتراكمات الكمية والنوعية للتراث الوطني والموروث التاريخي.