نظمت مساء أمس السبت، بقاعة دار الثقافة بمدينة فجيج، ندوة علمية حول، "التراث والتنمية: نموذج فجيج" وذلك في إطار فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان الدولي لثقافات الواحات. وقد عرف قطاع التراث وخاصة الأثري منه،في السنوات الأخيرة ، اهتماما كبيرا من طرف المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين والأكاديميين والمجتمع المدني،الى درجة كونه اضحى الآن وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز السياحة الثقافية والعلمية. وذكر السيد محمد بنعلي أستاذ باحث، في كلمة له خلال هذه الندوة ،أن بإمكان تراث فجيج التي تمتد جذوره إلى آلاف السنين أن يتحول إلى مشروع تنموي متفاعل مع الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وحتى الأخلاقية الروحية، ويلعب دورا في تشكيل صورة فجيج المستقبل، داعيا إلى الإسراع في التعمق في هذا الملف المفتوح، وإحاطته بالرعاية والعناية من كل جوانبه ،وإشراك الفعاليات المدنية في تدبيره. وأكد السيد بنعلي، على أن الأشكال التراثية الموجودة في واحة فجيج، بنسب متفاوتة، تفرض علينا تصنيفها حسب أهميتها وقدرتها على خدمة تنمية حقيقية،ويظهر أن منتوج التراث الفجيجي يمكن المراهن عليه ليصبح رافعة ودعامة قوية لتحقيق إقلاع جدي على درب تنمية بشرية مستدامة هو التراث المكتوب بمخطوطاته ووثائقه المختلفة نظرا لدوره في تنشيط سياحة علمية، وثقافية. ولاحظ الأستاذ الباحث، أن ركائز السياحة العلمية تعتمد في جوهرها على تنظيم حملات للكشف عن الآثار،والقيام بالحفريات،وتحديد المواطن التي توجد بها النقوش الصخرية، أما الثقافية فترتكز على إقامة مهرجانات فكرية تبرز شخصية فجيج ودورها الفعال في المشهد الثقافي المغربي، وتنظيم معارض للمخطوطات والوثائق التي تسترعي اهتمام المثقفين في مشارق الأرض ومغاربها،لاسيما وأن فجيج لازالت تنغلق على عدد وافر من المخطوطات والوثائق يمكن أن تصنع المفاجأة. ومن جهته، قال السيد أوراغ الحسن ،أستاذ بكلية العلوم جامعة محمد الأول بوجدة، خلال مداخلة له حول التراث الآثاري في منطقة فجيج والتنمية المستدامة، إن منطقة فكيك تمتاز بمؤهلات أركيولوجية وطبيعية يجب استغلالها في ما يعرف بالسياحة الثقافية والعلمية في خدمة التنمية البشرية والتنمية المستدامة، إذ تعتبر فكيك من أغنى المناطق المغربية من حيث الشواهد الأثرية، بحيث اكتشفت بها عدة مواقع مهمة تعود إلى ما قبل التاريخ وخاصة المغارات أو المخابئ ذات الجدران المزخرفة والنقوش الصخرية. وأكد السيد أوراغ، أن هذه المنطقة ظلت فضاءا لاستقبال حضارات عديدة تنتمي لحقب ما قبل التاريخ، تعاقبت خلال فترة زمنية تجاوزت مئتي ألف سنة. وقدعرفت منطقة فجيج تطورا مذهلا للنشاط الرعوي خلال العصر الحجري الحديث (الألفية السادسة قبل الحاضر) ترك العديد من النقوش الحجرية والصباغات في جدران الكهوف التي تشكل شواهد بديعة عن ثقافات الشعوب القديمة التي عمرت المنطقة. ودعا السيد اوراغ إلى القيام بحملات للتحسيس بأهمية التراث ودوره في خدمة التنمية ،وإجراء مسح شامل لكل الأشكال التراثية التي تنغلق عليها الواحة مع تشخيص لواقعها الراهن،وتحديد ما ينبغي أن يكون في خدمة التنمية بإشراك السكان في هموم تراثه عبر الإعلان المنتظم عن النتائج التي تسفر عنها كل عملية تتعلق بخدمة التراث.