اختار الشاعر عمر البقالي في ديوانه الأخير "باقات برية" (إيقاعات وألوان)، أن ينظم على أوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي ولكن على إيقاع اللوحات التشكيلية أيضا . وكأن قصائد الديوان، الصادر عن "إفزارن للطباعة والنشر"، تعزف على إيقاعات اللوحات التشكيلية التي تكمل معنى القصيدة ولكن تحت عناوين مختلفة. وليس غريبا أن يقدم لهذا الديوان فنان خبر الألوان والفرشاة ، أحمد بن يسف ، الذي قال في تقديمه إن " عمر البقالي نذر طوال حياته روحه للكلمة وللمعنى، ولم يشغله الحقل التعليمي عن الإغفاء طرفة عين عن ممارسة حقه في التحليق، في عالم الإبداع سواء بالكلمة أم بالفرشاة بل وجدته يعيش بين وطنين، لاحدود بينهما، هما التشكيل والشعر". إن الشاعر مشبع بروح الانتساب إلى بيئته التطوانية، يقول بن يسف ، فهو مكتو بعشقها يهيم بالحمامة البيضاء ويحتفي بها شعريا أيما احتفاء، وجدت كلامه الشعري منفلتا من عقال، مبدعا ومتحررا وفي الآن ذاته ملتزما بانتسابه إلى كون ثقافي وحضاري بعينه. أما الناقد الأدبي نجيب العوفي فقدم بدوره لهذا الديوان إن "شعر البقالي بالضبط، هو تدفق تلقائي لشعوره.بلغة بسيطة وطلقة إذن، يطوف بنا الشاعر بين أفياء الطبيعة والمرأة، الحب والحلم والخيال ومديح الأمكنة الأثيرة لدى الشاعر، المنقوشة في ذاكرته ووجدانه". وأضاف الأستاذ نجيب العوفي أن "ثمة ثلاث مطولات شعرية في مديح الأمكنة تتعلق بمدينتي تطوان وطنجة، وهما المدينتان اللتان نقل الشاعر فؤاده بينهما"، موضحا أنه "سواء أتغنى الشاعر بالأمكنة أم بالطبيعة أم بالوطن، يبقى للمرأة دائما حضور أساس في نصوصه، وتبقى المرأة هي واسطة عقده الشعري والوردة المتضوعة وسط باقات نصوصه". فالعزف الشعري عند عمر البقالي -حسب الناقد- هو عزف يوقع عن سابق اختيار وإصرار على قيثارة الرومانسية. ولاحظ العوفي عند قراءته لهذا الديوان أننا في أمس الحاجة في الزمان إلى بعض العزف الشعري الرومانسي الذي يوقظ الوجدان من سبات، ويحيي العواطف من موات. وتضمن الديوان مجموعة من القضائد من بينها "أين نحن من" و"ظنون" و"ضحلة" و"أصالة حب" و"استشاراف" و "لا وربي" و"حسبها في الرحيل" و"مع الحمامة البيضاء" و"لمحات من طنجة العالية" و"أدغال من الرميلات" و"رقصة الألوان" و"هي" و"تأملات". أما اللوحات التشكيلية، التي سبق للشاعر أن عرضها منفردة، فحملت عناوين منها "امتزاج" و "صفاء" و "استلقاء" و "صراع" و " جموح" و " لحظة" و " في الظل" .