2011 يأتي في سياق ما بعد الخطاب الملكي السامي لتاسع مارس الماضي، "والذي على أساسه ووفق مقتضياته دخلت بلادنا في نقاش دستوري عميق بمحددات المداخل السبعة المضمنة في الخطاب، وبنفس اجتهادي مقرون باحترام الثوابت المؤسساتية للمملكة". وأوضح السيد بيد الله، في كلمة بمناسبة افتتاح الدورة الربيعية لمجلس المستشارين، اليوم الجمعة، أنه في صلب هذا النقاش، يطرح سيناريو الشكل المؤسساتي الجديد لمجلس المستشارين، الذي ولد في زمن التوافق الدستوري لسنة 1996 وما أعقب ذلك من تشكيل حكومة التناوب، وهو الذي شكل قياسا بأنظمة الثنائية المجلسية في الدساتير المقارنة نموذجا فريدا بالنظر لأسس تشكيله المزاوجة بين تمثيل الجماعات المحلية والتمثيلية السوسيو مهنية، وكذا صلاحياته المتميزة سواء من زاوية التشريع أو الرقابة. وأضاف أن مجلس المستشارين، وبالنظر للتحولات المجالية والترابية التي ستقبل عليها المملكة، خصوصا ما يتعلق منها بتنزيل مقتضيات الجهوية الواسعة، التي انتهت إليها استنتاجات اللجنة الاستشارية للجهوية، سيتحول إلى فضاء للتمثيل الترابي للدولة، بعلاقة جديدة مع مجلس النواب وفي إطار نموذج آخر لنظام المجلسين. وبهذه المناسبة، استعرض رئيس مجلس المستشارين، أنشطة المجلس خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين على المستوى التشريعي والرقابي والدبلوماسي. وهكذا، أوضح أن أشغال اللجن الدائمة بالمجلس عرفت نشاطا هاما خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين، حيث تمت الموافقة على خمسة نصوص تشريعية، أربعة منها أحيلت على مجلس المستشارين في إطار قراءة ثانية. ويتعلق الأمر ب`مشروع يقضي بإحداث وتنظيم مؤسسة الحسن الثاني للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة العاملين بالقطاع العمومي للصحة، ومشروع قانون يتعلق بنقل البضائع الخطرة على الطرق، ومشروع قانون يتعلق بتدابير الحماية التجارية، ومشروع قانون يتعلق ببيع السمك بالجملة، إضافة إلى مقترح قانون يرمي إلى تعديل المادة 44 بمدونة التغطية الصحية الأساسية. وبخصوص العمل الرقابي للجن الدائمة، أبرز أن اللجن الدائمة عقدت عدة اجتماعات ذات علاقة بالمواضيع التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، كدراسة وضعية صندوق المقاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل دعم هذا الصندوق، ومناقشة موضوع الموسم الفلاحي الحالي خصوصا ما يرتبط بالمشاكل المتراكمة للفلاحين مع مؤسسة القرض الفلاحي وتدبير مياه السقي والأمن الغذائي. وعلى مستوى الدبلوماسية البرلمانية، أوضح السيد بيد الله أن مجلس المستشارين شارك، وبفعالية، في عدد من التظاهرات الدولية، خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين، والتي عرفت أيضا استقبال رئاسة المجلس عددا من الوفود البرلمانية والشخصيات الصديقة والشقيقة، إضافة إلى استقبال المجلس، في إطار الانفتاح على محيطه الخارجي، 767 زائرا من ضمنهم تلاميذ وطلبة وإعلاميون وباحثون وخبراء مغاربة وأجانب. من جهة أخرى، ذكر السيد بيد الله بالمبادرات الملكية غير المسبوقة التي عرفها المغرب في الفترة الفاصلة بين الدورتين، في إطار استكمال البناء المؤسساتي، حيث تم تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي بدفتر تحملات واضح، وأعيد النظر في الظهير المؤسس للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي أصبح تحت مسمى المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية مشكلة وفق إعلان باريس، في حين تم تطوير تجربة ديوان المظالم بالإعلان عن ميلاد مؤسسة الوسيط. كما تمت، يضيف السيد بيد الله، إعادة النظر في الإطار التشريعي المنظم للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، اعتبارا لدورها الهام في المنظومة الوطنية لتكريس الحكامة الجيدة، في اتجاه توسيع اختصاصاتها وتقوية طرق عملها، ولا سيما بتخويلها صلاحيات التصدي التلقائي لحالات الارتشاء وكل أنواع الفساد في أفق ترسيخ المواطنة المسؤولة ومبادئ تخليق الحياة العامة. وأشار إلى أن الفترة ذاتها عرفت عودة مسلسل المفاوضات غير الرسمية حول ملف الوحدة الترابية للمملكة، والتي استمر فيها تعنت خصوم الوحدة الترابية ورفضهم التفاوض على أساس المقترح المغربي الموصوف أمميا ب`"الجدي وذي المصداقية"، والقادر، بفضل تأسيسه على قيم المصالحة وليس على الانتصار أو الانهزام النهائيين، على توفير شروط الحل العادل والدائم، لنزاع عمر طويلا. ودعا السيد بيد الله كافة أجهزة المجلس من مكتب وفرق برلمانية ولجان دائمة وإدارة المجلس إلى الانخراط الفاعل والمسؤول لإنجاح الأشغال التي سينكب المجلس على مناقشتها خلال دورته الربيعية حتى يمكن لهذه المؤسسة الدستورية المساهمة من موقعها في مواكبة الدينامية التي تعرفها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.