(بقلم .. مصطفى بوبكراوي ) شكل قرار مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، في اجتماع طارئ اليوم الثلاثاء، بوقف مشاركة ليبيا في جميع أنشطة الجامعة، سابقة في تاريخ هذه المنظمة العربية التي دأبت على النأي بنفسها عن اتخاذ أي موقف من الأوضاع الداخلية في أي بلد عضو. فلم يسبق للجامعة العربية أن اتخذت موقفا واضحا من تصرف أي نظام عربي قطري ضد معارضيه أو تجاه أي خروقات لحقوق الإنسان في أي دولة عضو. ويبدو أن الطابع الدموي الخطير الذي أخذته الأحداث في ليبيا والاستقالات المتتالية للدبلوماسيين الليبيين أنفسهم والمواقف التي عبرت عنها هيئات دولية وإقليمية أخرى وخصوصا مجلس الأمن، دفعت الدول الأعضاء إلى اتخاذ موقف; هو الأول في تاريخ العمل العربي المشترك إذ أن تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية سنة 1979 على سبيل المثال كان بسبب توقيعها لاتفاقية السلام مع اسرائيل وليس بسبب وضع داخلي. وتتجسد أهمية القرار ضد النظام الليبي، وما اقترفه من خروقات خطيرة لحقوق الإنسان، بالخصوص في تعليله، حيث أكد مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الطاريء وقف مشاركة أية وفود حكومية ليبية في اجتماعات مجلس الجامعة ومختلف المنظمات والأجهزة التابعة للجامعة إلى حين اقدام السلطات الليبية على "تلبية طموحات الشعب الليبي". وندد المجلس ب"الجرائم" المرتكبة ضد التظاهرات والاحتجاجات الشعبية السلمية الجارية في العديد من المدن الليبيبة والعاصمة طرابلس، مستنكرا بشدة أعمال العنف ضد المدنيين "والتي لا يمكن قبولها أوتبريرها وبصفة خاصة تجنيد مرتزقة أجانب واستخدام الرصاص الحي والأسلحة الثقيلة وغيرها في مواجهة المتظاهرين والتي تشكل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني والدولي". وتمثل الإشارة إلى حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في حيثيات القرار مستجدا مهما بالنظر إلى أنه لم يسبق للجامعة أن نددت صراحة بأي خروقات لحقوق الإنسان في بلد عربي، واكتفت في أحسن الأحوال بتضمين قراراتها عبارات عامة لا تحمل موقفا واضحا. كما دعا المجلس إلى الوقف "الفوري" لأعمال العنف بكافة أشكاله والاحتكام إلى الحوار الوطني والاستجابة إلى المطالب المشروعة للشعب واحترام حقه في حرية التظاهر والتعبير عن الرأي "حقنا للدماء وحفاظا على وحدة الاراضي الليبية والسلم الأهلي وبما يضمن سلامة وأمن الليبيين". وطالب السلطات الليبية برفع الحظر المفروض على وسائل الإعلام وفتح وسائل الاتصال وشبكات الهاتف وتأمين وصول المساعدات والإغاثة الطبية العاجلة للجرحى والمصابين. وسيشكل هذا القرار مقياسا لكيفية تعاطي الجامعة العربية مستقبلا مع أي خروقات لحقوق الإنسان أو مطالب ديمقراطية في العالم العربي.