يناقش فاعلون مغاربة وإسبان من أوساط سوسيو-مهنية والمجتمع المدني على مدى يومين في ندوة بالرباط، سبل تحقيق ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل من أجل إدماج سوسيو-مهني أكبر للأشخاص المهددين بالإقصاء الاجتماعي بالمغرب. وتتوخى هذه الندوة الوطنية الثانية حول ملاءمة التكوين مع الشغل، التي انطلقت أشغالها اليوم الأربعاء وتنظمها الجمعية التطوانية للمبادرات السوسيومهنية والمؤسسة الإسبانية (كوديسبا) بدعم من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، تحقيق تقارب بين مختلف نماذج التدخل في هذا الميدان، فضلا عن مبادرات التعاون الرامية لدعم مشاريع الإدماج السوسيو-مهني لهذه الفئة. وأوضح وزير التشغيل والتكوين المهني السيد جمال اغماني، في كلمة تليت نيابة عنه في افتتاح الندوة، أن المغرب اعتمد في العقود الأخيرة سياسة تعاقدية مع القطاعات المهنية بغية إشراكها في تدبير منظومة التكوين المهني كي تتكيف وتستجيب باستمرار لحاجيات المقاولات وتنمية التكوينات بالوسط المهني. كما يتواصل تعزيز نظام التكوين بالتدرج المهني الذي مكن، حسب الوزير، من تأهيل وتكوين أعداد هامة من المنقطعين عن الدراسة في عدة قطاعات ويساهم في الإدماج الاجتماعي للشباب خاصة المهددين منهم بالتهميش والإقصاء، وفي إعداد يد عاملة أكثر تمكنا من الكفاءات التقنية والتطبيقية، وأكثر تكيفا مع حاجيات السوق، إلى جانب الانفتاح على المنظمات غير الحكومية كفاعل جديد في هذا الميدان. وفي إطار التدابير الرامية الى ملاءمة التكوين مع سوق الشغل، أشار الوزير إلى فتح ورش إعادة هندسة التكوين المهني، والشروع في التهييء لوضع الإطار الوطني للتصديق، إلى جانب إرساء نظام للتقويم يسمح لمنظومة التربية والتكوين بالانخراط في دينامية التنمية السوسيو-اقتصادية بالبلاد. من جانبها، أبرزت المنسقة العامة للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي بالمغرب السيدة كريستينا غوتيريس هيرنانديز أهمية تدخلات الوكالة في قطاع التشغيل والتكوين المهني بالمغرب، موضحة أن التدخل الثنائي الذي يتجاوز مليوني أورو (3 سنوات) يشمل دعم قطاعي التشغيل والتكوين المهني والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات والتكوين بالتدرج المهني، وتعززه إسهامات المجتمع المدني الإسباني التي بلغت 6 ملايين أورو. كما دعت إلى تكييف نقاط القوة في نظام التكوين بالتدرج المهني لتشمل فئات أوسع لازالت على هامش هذا النموذج بسبب عدم استجابتها لمعايير القبول، أو السن أو المستوى الدراسي المطلوب، أو مدة وصعوبة الدراسات، ومحدودية المقاعد أو بعد مراكز التكوين عن الساكنة القروية. من جهته، أبرز رئيس الجمعية التطوانية للمبادرات السوسيو-مهنية السيد حسن المجدوبي أن الجمعية عملت بتعاون مع مؤسسة (كوديسبا) وفاعلين عموميين وخواص على محاربة الهدر المدرسي والتهميش من خلال إحداث مراكز للتربية غير النظامية وللتكوين بالتدرج المهني، حققت نتائج إيجابية وفتحت فرصا جديدة أمام شباب وأطفال كانوا مهددين بالإقصاء الاجتماعي. وأبرز المدير العام لمؤسسة (كوديسبا) السيد خوسي إغناسيو كونثاليث، في عرض قدمه حول المؤسسة، أن هذه الأخيرة تتدخل في المغرب منذ 1996 في مجالات التكوين والإدماج المهني للأشخاص في وضعية الهشاشة (الشباب المعرضين للإقصاء والعاطلين والنساء ضحايا العنف والمعاقين)، والتشغيل الذاتي (التعاونيات، والقروض الصغرى)، والولوج للسوق. وأضاف أن المؤسسة، التي تأسست سنة 1985 وتدير حوالي 100 مشروع في 16 بلدا في العالم يستفيد منها أزيد من 150 ألف شخصا، تركز مشاريعها في شمال المغرب وتشتغل بتعاون مع القطاعات المعنية والمجتمع المدني المغربي ومراكز التكوين والمقاولات ومراكز الوساطة. وتعد هذه الندوة حول "ملاءمة التكوين والتشغيل للأشخاص المهددين بالإقصاء الاجتماعي"، التي تشارك فيها هيئات وطنية ودولية وفاعلون سوسيو-مهنيون ومن المجتمع المدني، استمرارا للندوة الأولى الخاصة بملاءمة التكوين والتشغيل حول موضوع "تحسين جودة التكوين المهني من أجل ملاءمة جيدة للتكوين والتشغيل" المنظمة سنة 2008. وتندرج المداخلات في الملتقى، في إطار عروض وورشات، ضمن محورين يتناول أحدهما تحليل نماذج للتدخل من خلال برامج للتكوين المهني والإدماج المهني للشباب في وضعية الهدر المدرسي والأشخاص المهددين بالإقصاء الاجتماعي. ويتمثل الآخر في تحليل دور التعاون الدولي في تطوير مشاريع للتكوين المهني والنهوض بالتشغيل تستهدف هذه الفئة، من خلال عرض نموذج لاستراتيجية تعاون دولي لتسهيل الملاءمة بين التكوين والتشغيل، ونموذج للتدخل لتسهيل إحداث تقاطعات بين فاعلي التعاون الدولي، والفاعلين العموميين وممثلي المجتمع المدني الفاعلين في الميدان.