أكد السيد جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني أن المغرب جعل التنمية البشرية ومحاربة الفقر من أبرز أولوياته الوطنية. وأوضح السيد أغماني, في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية لندوة إقليمية انطلقت صباح اليوم الاثنين بأكادير حول موضوع "الترقب المستمر لسوق الشغل من أجل ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل", أن التشغيل يظل أحد الوسائل الأساسية لمحاربة الإقصاء الاجتماعي. وأبرز الوزير خلال هذا اللقاء, الذي تنظمه على مدى يومين الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بتعاون مع الجمعية العالمية للمصالح العمومية للتشغيل والجمعية العمومية للتشغيل بالسويد, أن المغرب عرف في السنين العشر الأخيرة قفزة نوعية بفضل تبني مجموعة من الإصلاحات القانونية والتي همت عدة قطاعات اجتماعية واقتصادية مما ساهم في إعطاء دفعة قوية للاقتصاد الوطني. وذكر أن السياسة التي تبنتها الحكومة لإنعاش مجال التشغيل بتشاور مع كافة القطاعات المعنية مكنت من إبرام أول تعاقد بين الدولة والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات للفترة الممتدة ما بين 2006 و2008, مشيرا إلى أن هذا التعاقد ساهم, من خلال برامج "تأهيل" و"إدماج" و"مقاولاتي" ومن خلال توسيع وعصرنة شبكة الوكالة على الصعيد الجهوي وانفتاحها على شركائها في الداخل والخارج ومصاحبة الأوراش الكبرى, في إدماج 120 ألف شابا من حملة الشهادات خلال هذه الفترة. وأضاف أنه من المتوقع أن يبلغ عدد المدمجين في سوق الشغل خلال هذه السنة 50 ألف شاب وشابة بعد توسيع شبكة الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ليصبح عددها 74 وكالة تتوفر على الموارد البشرية المؤهلة في ميدان البحث عن الشغل. وقال إنه على ضوء هذه النتائج المشجعة, وضعت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات مخططا ثانيا يهم الفترة ما بين 2009 و2012 يهدف إلى مساعدة الباحثين على العمل على الاندماج في الحياة العملية, ورفع مستوى مصاحبة المشغلين والمستثمرين, وتقوية الإجراءات الرامية إلى إنشاء المزيد من المقاولات, ودعم الانفتاح على المحيط بمصاحبة الدينامية التي تعرفها مختلف الجهات والقطاعات والأوراش الوطنية, وعصرنة التدبير وتعبئة رأس المال البشري المدعم حاليا بأكثر من 500 إطار ومستشار في مجال الشغل. وأوضح, في هذا السياق, أن سوق الشغل ستتوفر في أفق سنة 2011 على 92 ألف منصب شغل في ست جهات وفي قطاعات واعدة تهم على الخصوص الاوفشورينغ والتكنولوجيات الجديدة, والسياحة والفندقة, والبناء والأشغال العمومية, والصناعة, والخدمات, وقطاع السيارات والطيران وأكد الوزير أن سوق الشغل يعرف اليوم تحولات جذرية حصلت بالأساس بفعل التقدم التكنولوجي, وظهور مهن جديدة نتج عنها أزمات اقتصادية حادة, وهو ما يهدد نجاح أي سياسة في مجال إنعاش الشغل أو تبني إجراءات تهدف إلى ملاءمة التكوين بسوق الشغل بكيفية أفضل. وشدد على أنه لمواجهة هذه الأوضاع يتعين وضع نظام يسهر بصفة دائمة على سوق الشغل على المديين القصير والمتوسط, لتمكين مصالح الشغل العمومية من متابعة واستباق التطورات النوعية والكمية الحاصلة في قطاع الشغل, وذلك لوضع الإجراءات الكفيلة بإيجاد حلول لمعضلة الشغل الاجتماعية. ومن جهته, ذكر السيد عبد القادر طبطاب ممثل المدير العام لمنظمة العمل العربية, في كلمة بالمناسبة, أن المنظمة أولت أهمية بالغة لموضوع ملاءمة التكوين بسوق الشغل منذ عدة سنوات وعقدت العديد من الفعاليات حوله شاركت فيها كل أطراف الإنتاج والخبراء المختصون. وأوضح أن لقاء أكادير يعقد في ظروف عربية وإقليمية ودولية بالغة الدقة بفعل تزايد حجم الوالجين الجدد لسوق العمل, مؤكدا أن توفير فرص العمل أضحت تمثل واحدة من أكبر التحديات التي تواجه مسيرة البناء والتنمية لأغلب الدول العربية. وشدد على أن مسؤولية التدريب والتكوين المخطط والمدروس هي مسؤولية جماعية تشارك فيها أطراف الإنتاج الثلاثة, باعتبار أن الحكومات لا تستطيع وحدها القيام بذلك. وكان السيد حفيظ كمال المدير العام للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ونائب رئيس جهة الشرق الأوسط والبلدان العربية للجمعية العالمية للمصالح العمومية للتشغيل قد أكد, في كلمة مماثلة, أن إرساء النظام الجديد للترقب المستمر لسوق الشغل من شأنه أن يلبي وبكفاءة أكبر احتياجات المقاولات والباحثين عن الشغل على السواء. وأوضح أن وضع هذا النظام يعكس رغبة المصالح العمومية للتشغيل وشركائها في التوفر على بيانات مضبوطة لمساعدتهم على استباق الاحتياجات المستقبلية في التشغيل, وبالتالي إيجاد الوسائل الناجعة التي تمكن من تعبئة مؤسسات التكوين وملاءمة عروضها مع احتياجات القطاع. وسيبحث المشاركون في هذا اللقاء, والذين يمثلون الدول العربية والدول الأعضاء وغير الأعضاء في الجمعية العالمية للمصالح العمومية للتشغيل, وبعض مسؤولي منظمة العمل العربية ومكتب العمل الدولي, وعدد من الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين, من خلال ثلاث موائد مستديرة, مواضيع تتعلق ب`"تحليل سوق الشغل" و"استباق احتياجات التشغيل من أجل مواكبة أفضل للمشغلين" و"إعداد الكفاءات تبعا لاحتياجات المشغلين المتوقعة".ويأتي هذا اللقاء في إطار الورشات الدورية التي دأبت الجمعية العالمية للمصالح العمومية للتشغيل على تنظيمها كل سنة بتعاون مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات من أجل تبادل المعلومات والخبرات, حيث تم تنظيم ورشة دولية في الرباط سنة 2002, وندوة إقليمية بورزازات سنة 2007, وندوة مماثلة بطنجة سنة 2008.