يسود الهدوء الحذر ، صباح اليوم السبت ، معظم محافظات مصر وكذلك مقر اعتصام المحتجين بميدان التحرير وسط القاهرة لليوم الثاني عشر على التوالي، فيما يبدو ترقبا لما قد يسفر عنه اللقاء المنتظر بين عمر سليمان نائب الرئيس المصري و"لجنة الحكماء" التي تشكلت للبحث في حل للأزمة الراهنة. وستعرض اللجنة التي تضم عدة شخصيات عامة وممثلين عن الشباب المحتجين، على سليمان صيغة للانتقال السلمي للسلطة ونزع فتيل الأزمة وفي مقدمتها تفويض الرئيس مبارك لنائبه بتولي مهام إدارة البلاد حتى موعد إجراء الانتخابات في شتنبر القادم والبحث في حل مجلسي الشعب والشورى وتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة، وإن كان رئيس الوزراء أحمد شفيق استبعد القبول بهذا السيناريو. وقال وحيد عبد المجيد أحد أعضاء اللجنة ، في تصريحات نشرت اليوم ، إن مطالب اللجنة لقيت "قبولا" من عمر سليمان، معبرا عن اعتقاده بأنه في حال التوافق على تلك المطالب يمكن إنهاء الأزمة في غضون أيام قليلة. وعلى الصعيد السياسي أيضا، لاحظ المراقبون ما يمكن تسميته ب"الاعتراف الضمني" بجماعة "الاخوان المسلمين" من قبل الدولة والذي تجلى في دعوة عمر سليمان للجماعة للمشاركة في الحوار الوطني، وهو ما قبلته الجماعة بشرط "رحيل" النظام، وزادت عليه بإعلان عزمها عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، للرد على تخوفات في الداخل والخارج من استيلاء الجماعة على السلطة في البلاد. كما جاء مطلب وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي لدى زيارته للمعتصمين بميدان التحرير أمس بدعوة مرشد الإخوان محمد بديع للمشاركة في الحوار، لتشكل تطورا ملموسا في طبيعة العلاقة "الملتهبة" بين النظام والجماعة منذ حظر نشاطها قانونا عام 1954. ودخل مثقفون على خط الأحداث ببيان أصدروه ، أمس ، طالبوا فيه الرئيس مبارك بالتنحى عن منصبه "فورا"، وتفويض نائبه عمر سليمان بإدارة شؤون البلاد، وإسناد جميع الاختصاصات الدستورية القابلة بالتفويض إليه. وتضمن البيان الذي وقع عليه عدد من رجال القانون والمثقفين والنشطاء السياسيين والكتاب، وقف تطبيق قانون الطوارئ مع تأمين المشاركين في المظاهرات الغاضبة ومحاسبة المخربين والمعتدين على المتظاهرين وحل مجلسي الشعب والشورى. أما على الصعيد الميداني، فقد شكل "تفجير" أنبوب الغاز الرابط بين مصر وإسرائيل صباح اليوم ، في حال تأكد أنه عمل مقصود ، تطورا نوعيا في الأحداث، وخصوصا أن تصدير الغاز لإسرائيل بموجب اتفاقية وقعت سنة 2005 كان محط معارضة كبيرة. وقد أوضح التليفزويون المصري أن الحادث نفذته عناصر "تخريبية"، مشيرا إلى أن ألسنة النيران تصاعدت في السماء لدرجة أن الفلسطينيين في قطاع غزة شاهدوها برغم المسافة الفاصلة والتي تقدر ب 70 كيلومترا. وميدانيا أيضا جاء استهداف الصحفيين والمراسلين الأجانب ليتصدر المشهد بعد وفاة أحد الصحفيين العاملين بجريدة (الأهرام) حسب ما نشرته هذه الأخيرة اليوم. وحث الاتحاد الدولي للصحفيين السلطات المصرية على تأمين أداء الإعلاميين لمهامهم في تغطية الأحداث. كما أدانت منظمة "مراسلون بلا حدود" تلك الاعتداءات وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنه الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية والأمم المتحدة. وقد أنشأ المتظاهرون بميدان التحرير ما أسموه "إذاعة الثورة" لتوجيه البيانات للجموع المحتشدة يشرف عليها رجل الأعمال القبطي المعروف نجيب ساوريس الذي يملك أقدم وأكبر شركة للهاتف المحمول في مصر. من جانبهم، دعا نشطاء من الشباب على الموقع الاجتماعي (الفيسبوك) المعتصمين بميدان التحرير إلى العودة لمنازلهم بعد الاستجابة ل90 في المائة من مطالبهم. وأكد هؤلاء الشباب ، في بيان قالوا إنه موقع من قبل 200 ألف شاب ، قبول "الحل الوسط" لحل الأزمة.