أظهر (البحث الوطني حول انتشار ظاهرة العنف ضد النساء)، الذي قدمت نتائجه اليوم الإثنين بالرباط، أنه من بين 5ر9 مليون امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 18 و 64 سنة، تعرضت ما يقارب 6 ملايين (8ر62 في المائة)، لشكل من أشكال العنف خلال الإثني عشر شهرا التي سبقت البحث ( 8ر3 مليون بالوسط الحضري و2ر2 مليون بالوسط القروي). وأوضح هذا البحث الميداني، الذي شمل الفترة ما بين يونيو 2009 ويناير 2010، وقدم نتائجه السيد أحمد الحليمي علمي المندوب السامي للتخطيط، أن 15 في المائة من النساء المستجوبات صرحن بتعرضهن للعنف الجسدي خلال الإثني عشر شهرا التي سبقت البحث. وبلغ معدل انتشار العنف الجنسي خلال ال 12 شهرا التي سبقت البحث 7ر8 في المائة (1ر7 في المائة بالوسط القروي مقابل 8ر9 في المائة بالوسط الحضري)، ويهم الشكل الأكثر خطورة (المعاشرة الجنسية بالإكراه) 38 ألف امرأة سنويا أي بمعدل انتشار يقدر ب 4ر0 في المائة. ويعتبر العنف النفسي حسب البحث من أنواع العنف الأكثر انتشارا، وذلك بمعدل 4ر48 في المائة وهو ما يمثل 6ر4 مليون ضحية (ثلاثة ملايين بالوسط الحضري و6ر1 مليون بالوسط القروي)، وتعتبر الشابات الأكثر عرضة لهذا العنف حيث ينتقل معدله من 4ر48 بالنسبة للنساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 35 و39 سنة إلى 57 في المائة للبالغات من العمر ما بين 18 و24 سنة. أما الأشكال الأخرى للعنف الممارس ضد النساء، الذي كشف عنه البحث، فيهم انتهاك الحريات الفردية (ثلاثة ملايين امرأة أي بنسبة 3ر31 في المائة) ويرتفع معدل انتشار هذا الشكل من العنف خصوصا في إطار الحياة الزوجية، حيث يتجاوز 30 في المائة ويطال ما يفوق مليوني امرأة. كما يطال العنف المرتبط بتطبيق القانون أساسا النساء المتزوجات 1ر1 مليون منهم 724 ألف بالوسط الحضري و413 بالوسط القروي. أما العنف الاقتصادي فيهم أكثر من 181 ألف امرأة، أي ما يمثل 2ر8 في المائة وينتشر نسبيا أكثر بالوسط القروي (13 في المائة) مقارنة بالوسط الحضري (6 في المائة). ومن جهة أخرى، أفادت معطيات البحث أن أفعال العنف التي تتعرض لها النساء في الأماكن العمومية، يتم التبليغ عنها لدى السلطات المختصة بنسبة 4ر17 في المائة من الحالات. وتهم الأفعال التي تقدم الشكايات بشأنها الاعتداءات باستعمال أداة حادة أو مادة خطيرة (45 في المائة من الحالات)، والتهديد بواسطة أداة حادة أو مادة خطيرة 6ر30 في المائة والضرب وأنواع أخرى من العنف الجسدي (4ر26 في المائة) والسرقة باستخدام القوة (8ر20 في المائة) والشتم والسب (1ر7 في المائة). وحسب البحث، فيتم التبليغ عن العنف الممارس بالوسط الزوجي إلى السلطات المختصة بنسبة ضعيفة لاتتعدى 3 في المائة من الحالات، وتتصدر الاعتداءات بواسطة أداة حادة أو مادة خطيرة الأفعال المبلغ عنها (4ر41 في المائة من الحالات)، يليها الحرمان من الأطفال (2ر21 في المائة) والطرد من بيت الزوجية (9ر6 في المائة). وبخصوص مآل الشكايات حول العنف الممارس في إطار الحياة الزوجية وبغض النظر عن القضايا الجارية، فإن أغلب الشكايات تنتهي بتحرير محضر (25 في المائة) أو بالصلح أو التنازل عن القضية (38 في المائة)، كما أنه على إثر هذه الشكايات تم توقيف 3ر1 في المائة من المعتدين وإدانة 8ر1 في المائة منهم. وكان السيد الحليمي قد أكد، في تقديمه لنتائج هذا البحث الوطني حول انتشار العنف ضد النساء، أنه يندرج ضمن سيرورة واضحة تحكمها أساسا ثلاثة اعتبارات، يحيل الأول إلى ظاهرة الفوارق الاجتماعية، إذ مكنت الدراسات والأبحاث التي تم إجراؤها من الوقوف على مستوى التوزيع الاجتماعي للدخل والتشغيل وولوج الخدمات الاجتماعية الأساسية في البلاد. كما أضحى بديهيا، يضيف السيد الحليمي، في ظل البعد الذي اتخذه ورش تحديث الوضع القانوني للمرأة وتعزيز دورها الاجتماعي والسياسي، تحت قيادة أعلى سلطة مؤسساتية ودينية في البلاد، أن تتبنى الدراسات الإحصائية والسوسيو اقتصادية بالمندوبية السامية للتخطيط مقاربة النوع الاجتماعي وأن تستجيب للانشغالات والتساؤلات التي يطرحها مسلسل تحديث المجتمع. وأضاف أنه في هذا الإطار، سبق لنا أن قمنا في 2005، من خلال إنجاز بحث خاص، بمقاربة تصورات ومواقف المواطنين تجاه هذا الحضور المتزايد للمرأة في المشهد الاجتماعي. وأكد السيد الحليمي أن من شأن نتائج البحث الوطني حول انتشار ظاهرة العنف ضد النساء أن تسهم، على الخصوص، في تفعيل المخططين الاستراتيجي والعملي اللذين تبناهما المغرب لمناهضة هذه الظاهرة، مبرزا أن هذا البحث يوفر معطيات دقيقة تستجيب لسياسات وطنية حريصة على ضمان الانسجام مع مبادئ إعلان 1993 للأمم المتحدة الخاص بالقضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة، ومع قرارات الأممالمتحدة الأخرى ذات الصلة، خاصة تلك التي تطالب الدول بتحيين المعطيات المتعلقة بظاهرة العنف وتحسين طرق تحصيلها. وأشار إلى أن إنجاز هذا البحث يروم الإحاطة بمساهمة مختلف مكونات الأسرة من رجال ونساء وأطفال، في الشغل الاجتماعي وفي خلق الثروة الوطنية إلى جانب دراسة نمط ومستوى الأجر الذي يتقاضاه كل مكون من هذه المكونات. ويخلص البحث إلى أن العنف ضد النساء ينتشر بالدرجة الأولى في الوسط الحضري ويخص الشباب كما يتزايد بتزايد الهشاشة السوسيو اقتصادية. وحسب البحث، ففي غياب تملك جماعي لنموذج مجتمعي يضمن الانسجام ما بين أنماط العيش العصرية المهيمنة إلى حد كبير والقيم الثقافية المجتمعية الكامنة فإن الشباب ضحايا كانوا أو معتدين، سيتعرضون لعنف من شأنه أن يصبح مقلقا إلى حد كبير، مؤكدا أن هذا الأمر ينبغي أن يثير اهتمام كل أولئك المسؤولين عن منح الشباب مثلا جديدة مثلما كان عليه الحال زمن الكفاح من أجل التحرير، حيث فتح النضال الجماعي لمجتمع بأكمله إلى جانب القوانين والأعراف والعادات طريقا نحو النهوض بالرجل والمرأة على حد سواء.