خلد المغرب، القوي بانخراطه الراسخ في معركة حقيقية ضد الفقر، غدا السبت اليوم العالمي للقضاء على هذه الظاهرة (17 اكتوبر). فبعد أن كان المغرب يركز سياساته، ولفترة طويلة، على المعونات الجزافية الموجهة لمجموع السكان، لاسيما على شكل الخدمات الاجتماعية ودعم المواد الغذائية، قام بتفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس في 18 ماي 2005. وتشكل هذه المبادرة مشروعا مجتمعيا حقيقيا حيث أنها تهدف الى التأهيل الاجتماعي للبلاد من خلال تعزيز إعادة إدماج الساكنة الأكثر فقرا في النسيج الإنتاجي. وقد حرص جلالة الملك منذ تربعه العرش على إعطاء الأولوية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين ظروف عيش المواطنين، وكذا ترسيخ المواطنة الكاملة . وهكذا ما فتئت هذه المبادرة تسعى إلى تحقيق المساواة، والقضاء على مختلف أشكال الفقر والإقصاء الاجتماعي . وقد تمت بلورة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تعد حسب برنامج الأممالمتحدة الإنمائي "تقدما كبيرا" تتماشى مع المقاربة التشاركية للتنمية على شكل برامج عملية ومندمجة ومبادرات ملموسة. وتمحورت المبادرة، في مرحلة أولى، حول أربعة برامج أولية تتمثل في مكافحة الفقر في العالم القروي، مستهدفة 360 جماعة قروية الأكثر فقرا، وبرنامج مكافحة الإقصاء الاجتماعي في المناطق الحضرية، مستهدفة 250 حيا بالوسط الحضري الأكثر تهميشا في 41 مدينة عبر تراب المملكة في حين يهم البرنامجان الآخران، على الصعيد الوطني ، مكافحة الهشاشة الاجتماعية، وتعزيز الحكامة الجيدة. وقد خصص للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمويل يقيمة 10 ملايير درهم برسم الفترة الممتدة ما بين 2006 و2010 بمساهمة من الميزانية العامة (60 في المائة) والجماعات المحلية (20 في المائة) وتعبئة التعاون الدولي (20 في المائة). وجاءت هذه المبادرة في الوقت المناسب للنهوض بمقاربة شمولية من طبيعتها تصحيح الفوارق الاجتماعية التي كرستها السياسات التنموية التي استندت على المعونات الجزافية. وكشف البحث الوطني حول مستويات عيش الأسر خلال 2007 الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط التأثير الملحوظ لهذه المباردة على مستوى عيش المواطنين بالجماعات القروية المستهدفة. وأشار البحث إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مكنت، إلى غاية 2007، من التقليص وبشكل جوهري من معدل الفقر بالجماعات المستهدفة من 36 إلى 21 في المائة. وأظهر البحث أنه بالعالم الحضري، انتقل معدل الفقر من 6 ر7 في المائة سنة 2001 إلى 8 ر4 في المائة سنة 2007، بينما تراجع هذا المعدل من1 ر25 في المائة إلى 5 ر14 في المائة في العالم القروي. كما انتقل معدل الهشاشة من 8 ر22 في المائة خلال 2001 إلى 5 ر17 في المائة سنة 2007.حيث بلغ هذا المعدل 7 ر12 في المائة مقابل 6 ر16 في المائة بالعالم الحضري و6 ر23 في المائة مقابل 5 ر30 في المائة بالعالم القروي. وهكذا فبالنسبة لبرنامج محاربة الفقر بالعالم القروي استفاد من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى غاية يوليوز 2009 ، مليون و508 ألف و750 شخص في إطار 6 آلاف و035 مشروعا تم إنجازه بما يفوق الفي و272 مليون درهم.حسب التنسيقية الوطنية للمباردة. واستفاد من برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالعالم الحضري، مليون و374 ألف و570 شخص في 42 أقليما وعمالة، وذلك في إطار 3437 مشروع تم إنجازها بقيمة 3529 مليون درهم. وإذا كان مغربي من أصل اثنين عانى من الفقر غداة الاستقلال، فإنه يحق للمغرب اليوم الاعتزاز بالمكتسبات التي تم تحقيقها في مجال محاربة الفقر بفضل المبادرات العديدة التي تسهر على إنجازها في هذا المجال وبشكل خاص، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.