استنكر المجلس العلمي الأعلى المؤامرات الخارجية التي تستهدف المس بوحدة المغرب الترابية. وندد المجلس في بيان أصدره في ختام أشغال دورته الحادية عشرة اليوم السبت بأكادير، بما وقع في الأسابيع الأخيرة من محاولات لإثارة الفتنة حول قضية الصحراء المقدسة لدى جميع المغاربة، مستنكرا في نفس الوقت الحملات الإعلامية المعادية للمملكة. وفي ما يلي نص البيان الذي تلاه عضو المجلس العلمي الأعلى السيد مصطفى بنحمزة : "الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين إن المجلس العلمي الأعلى المنعقد في دورته العادية بأكادير يومي 11 و12 محرم الحرام 1432 ه الموافق ل17 و18 دجنبر قرر بإجماع أعضائه إصدار البيان التالي. لقد تتبع المجلس العلمي الأعلى، وهو المؤسسة الشرعية المتمثلة لعلماء المملكة المغربية وأئمة مساجدها، بكامل الاستنكار عن ما عاشه الشعب المغربي في الأسابيع الأخيرة من مؤامرات خارجية تستهدف المس بوحدة المغرب الترابية، وما وقع من محاولات لإثارة الفتنة حول قضية مقدسة شرعا في ضمير جميع المغاربة، الذين بايعوا مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، حسب مقتضيات الدين، وتبعا لتقاليدهم المرعية، ليقودهم في كل عمل وتضحية مهما كانت غالية، تستوجبها حماية الملة والدين، وصيانة حوزة التراب ووحدة الوطن. كما تتبع المجلس، بشديد الإدانة، الحملات الإعلامية الشرسة، التي لجأت في وقاحة، وبأساليب للتضليل والبهتان، إلى وثائق مزورة، وإلى إختلاق وقائع وهمية، والترويج الكاذب لأرقام ومعطيات ملفقة وذلك ضمن حملات مغرضة وتواطؤات مكشوفة معادية للمغرب، تتخد من الافتراءات والأكاذيب مطية لها، إن على مستوى منابر سياسية وإعلامية أجنبية، كان يجدر بها التحلي بالموضوعية، وإعتماد التحري والتعقل والحساب الرزين للمصالح، بدل إصدار مواقف متسرعة ومجحفة، في جو مشحون بالعداء للمغرب، وفي حالة من الارتباك المكشوف، والتواطؤ السافر، ومحاولة الإساءة الدينية لبلادنا، في الوقت الذي يتعين على هذه الأوساط العمل على أن تزن الأمور بميزان الحق والعدل والإنصاف. لقد عبر المغرب في مسيراته وفي مختلف تصريحاته الرسمية وغير الرسمية عن مواقفه إزاء التآمر المصحوب بالغدر، وعمل كل ما يقتضيه إطلاع الغير على الحقيقة غير أنه تبين أن بعض الأوساط الموكول إليها من حيث المبدأ خدمة الحرية والسلام لا تعير بالا للبحث عن الحقيقية، بقدر ما تخدم أجندة عدائية مدفوعة الأجر أو ضالة مضللة. إن المجلس العلمي الأعلى، بحيثياته وموقعه من الأمة يهمه بالذات، بصدد ما وقع، أن يعبر عن إنشغاله بخصوص هذا الإنحياز السافر لخصوم الوحدة الترابية للمغرب ضمن منحى عبثي يلبد الآفاق بكيفية تنكسف فيها الحكمة، وتكسر الأطماع عن أنيابها وتفتح بتصرفات من هذا القبيل المستقبل كله على المجهول. إن المغاربة وكافة الإرادات الحسنة المحبة للعدل والإنصاف في العالم، يعرفون قصة وحدة المغرب الترابية في سياق التاريخ الاستعماري، ولذلك فهم لن يقبلوا المخططات التي تريد طمس هذا التاريخ ذاكرة راسخة، والعودة إليه كواقع في إطار مصالح متجددة. ومن ثمة، فإن المجلس يعتبر أنه من المؤسف بل ومن المجحف أن يقع إستهداف المغرب بالرغم مما أظهره من الحكمة في كل المجالات ويرفض كل استهداف لوحدته واستقراره. وسيتصدى لكل المحاولات اليائسة، بالحكمة والموعظة الحسنة، وبكل ما يملك من قوة خاصة وأن بلادنا بصدد بناء نموذج من ثقافة الإعتدال والحوار والتسامح والتعاون الجدي الصادق على مقتضيات حفظ السلم وإعلاء كلمة الحق والقانون. وإن العلماء، بقيادة مولانا أمير المؤمنين، وعملا بتوجيهاته السديدة، المعلنة على رؤوس الاشهاد، ليؤكدون تشبتهم بالتوجيهات المولوية النيرة لبناء هذا النموذج السياسي الأخلاقي ويتعهدون بمواصلة الإنخراط الفعال في التعبئة الوطنية الشاملة للأمة للدفاع عن وحدتها الترابية، ولاسيما من خلال الدور التربوي للمساجد. وسيظلون أشد ما يكون الحرص على ألا يصطدم هذا البناء المنسجم في ضمائر المغاربة بوقائع خارجية من حولهم لا تتفق مع منطق الكونية الخيرة التي يدعون إليها. كما أن العلماء يؤكدون أن رسالتهم النبيلة، بقيادة إمامهم الأعظم مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، تقوم أساسا على تعبئة الناس وتوعيتهم للتشبع بالقيم الفاضلة، المستوحاة من دينهم الإسلامي الحنيف والمكرسة بتاريخهم في ثقافة النضال في إطار استمرارية بالعمل، بقدر ما تتجلى على الدوام في الأمر بالمعروف، فإنها تقوم بنفس العزم والحزم، على مناهضة المنكر مهما تكن أنواعه وأحجامه وأبعاده ومصادره، وأبغضه عند الله المس بمقدسات الأمة وضمنها وحدة الوطن الترابية الذي تعد محبته والتضحية من أجله ركنا من أركان الإيمان. وفي جميع الظروف والأحوال فإن العلماء يجددون وقوفهم الثابت صفا مرصوصا وراء القيادة الرشيدة لمولانا أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والضامن لوحدة المملكة في دائرة حدودها الحقة، في تشبث راسخ بالبيعة الشرعية المقدسة، وولاء وإخلاص للعرش العلوي المجيد".