دعا السيد نزار بركة الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة، اليوم الأربعاء ببيروت، إلى الارتقاء بمشاركة النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتمكينهن من المساهمة الفعلية والكاملة في التطور الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة. واعتبر السيد بركة، في كلمة افتتاحية قدمها في اجتماع شبكة منظمة التعاون والتنمية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للنساء المقاولات، أن مساهمة الشبكة تتجلى في ابتكار أفكار وإجراءات ملموسة وتبادل الخبرات ونسج العلاقات وخلق فرص جديدة وكذا التفكير المشترك في طرق جديدة ومبتكرة من شأنها أن تساهم في رفع التحديات التي تواجه النساء في المنطقة. وأعرب الوزير المغربي، خلال هذا الاجتماع الذي حضرته على الخصوص السيدة هيا حفار الحسن وزيرة المالية اللبنانية، عن اعتقاده أن تشجيع النساء المقاولات، باعتباره مدخلا رئيسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، يعد استثمارا يجب أن يشمل التربية والتعليم كأولوية لضمان تعزيز الحقوق والمساواة بين المرأة والرجل ولترسيخ المعارف التي تمكن من الاعتماد على الذات وتحقيق التحول الاجتماعي. وأكد السيد نزار بركة أن التحدي الرئيسي الذي يواجه المنطقة، بالموازاة مع إحداث فرص الشغل، هو تطوير مساهمة المرأة في الانتعاش الاقتصادي خاصة في ظل التزايد الديموغرافي المستمر، مشيرا إلى أن القدرة التنافسية لبلدان المنطقة تمر بالأساس عبر المشاركة الفاعلة لرأسمالها البشري، والتي تحددها المواهب والكفاءات والتعليم والإنتاجية. وأفاد بأن نسبة النساء النشيطات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تمثل سوى 28 في المائة من النساء في سن العمل (مقابل 65 في المائة بالنسبة لدول منظمة التعاون والتنمية)، ولا تمثل نسبة المقاولات التي تمتلك النساء جزءا منها سوى 20 في المائة (مقابل 32 في المائة لدول المنظمة) وإن كانت بلدان المنطقة عرفت منذ التسعينات ارتفاعا ملحوظا للمشاركة النسائية في الأنشطة الاقتصادية واهتماما متزايدا من الحكومات بالمقاولة النسائية. واستعرض الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة التجربة المغربية في المحاور الثلاثة التي اختيرت لهذا الاجتماع والتي تتمثل في السياسات والبرامج التي تدعم المقاولة النسائية، والولوج إلى التمويل، وإنشاء مشاتل للمقاولات. فقال إن المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حرص على تحديث الترسانة القانونية التي من شأنها تقوية حقوق المرأة في جميع الميادين (مدونة الأسرة، قانون الجنسية، مدونة الشغل، مدونة الانتخابات...) فضلا عن التعاون مع القطاع الخاص على تبسيط عملية الاستثمار وكل ما يتعلق بالحياة اليومية للمقاولات. وبالموازاة مع ذلك، يضيف السيد بركة، نفذت الحكومة المغربية استراتيجية وطنية تروم الإنصاف والمساواة بين الجنسين مع التركيز على مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات والبرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن (ميزانية النوع الاجتماعي) التي وضعها المغرب عام 2001 تعد "تجربة رائدة في العالم". وبخصوص التمويل، قال السيد بركة إن السلطات العمومية المغربية اتخذت مجموعة من المبادرات الرامية إلى تقوية المصادر المالية المخصصة للمقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة، لتسهيل الولوج إليها وتغطية احتياجاتها الاستثمارية. وفي هذا السياق، أشار إلى أن مشاركة المرأة في الحركة المقاولاتية لا ترقى إلى المكانة اللائقة بها، والتي "لن تتحقق بالشكل المرغوب إلا بانخراط جميع الأطراف المعنية في مقاربة تشاركية للنهوض بالمرأة المقاولة". وذكر بأن الحكومة المغربية أطلقت برنامجا لإنشاء مشاتل للمقاولات عبر مختلف جهات المملكة بهدف مساعدة الشباب حاملي المشاريع في كافة الخطوات الخاصة بخلق وتنمية مشاريعهم مع إمكانية توفير المتابعة عن قرب، مشيدا بالمناسبة بتجربة جمعيات سيدات الأعمال في إحداث حاضنات المشاريع النسائية التي تضع رهن إشارة حاملات المشاريع الوسائل اللازمة من حيث الإقامة والتأطير والإرشاد والتوجيه والولوج إلى شبكة التسويق. كما دعا السيد بركة إلى تشجيع التكامل الاقتصادي الإقليمي الذي تتوخاه مبادرة منظمة التعاون والتنمية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أكد على ذلك إعلان مراكش في نونبر 2009، وذلك بالخصوص من خلال آليات التعاون التي تعتبر "رافعة مهمة لنبني معا فضاء مشتركا للازدهار" في المنطقة "جنبا إلى جنب مع شركائنا دول منظمة التنمية والتعاون". يشار إلى أن المغرب يرأس منذ حوالي سنة، إلى جانب كل من إسبانيا وبلجيكا، مبادرة منظمة التعاون والتنمية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للحكامة والاستثمار.