وجه برلمانيو ومنتخبو جهة الصحراء، إثر لقاء موسع عقدوه اليوم السبت بالعيون، بمبادرة من جمعية برلمانيي الصحراء ، رسائل إلى كل من رئيس الجمهورية الفرنسية، ورئيس الوزراء الإسباني، والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البرلمان الأوروبي، لوضعهم أمام حقيقة مجريات أعمال الشغب بالعيون، وتقديم المعطيات المتصلة بمخيم "اكديم إيزيك" بكل موضوعية، وكذلك المجهود الذي بذلته السلطات العمومية وعرضها الاجتماعي والاقتصادي للاستجابة لمطالب المحتجين. ففي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون أكد البرلمانيون والمنتخبون أن مخيم "كديم إيزيك"، الذي نصب شرق مدينة العيون، للتعبير عن مطالب اجتماعية واقتصادية صرفة مشروعة ، عرف منعطفا خطيرا تمثل في تسلل "البوليساريو" والمخابرات الجزائرية إليه وتوظيفهم لمشتبهين ومتابعين جنائيا ومبحوث عنهم قضائيا، لأخذ المخيم رهينة وفرض أجندة خارجية على مكوناته". وأضافوا أن هؤلاء المشتبهين والمتابعين جنائيا قاموا بأعمال مجرمة قانونا، حيث منعوا الجميع من مغادرة المخيم، أو إزالة الخيام والالتحاق بمراكز التسجيل للاستفادة من عرض السلطات العمومية، وأشاعوا جو من الترهيب في مواجهة الشيوخ والنساء والأطفال، وقمعوا كل المحاولات والدعوات المنادية بإنهاء وضع المخيم مادامت مطالب المحتجين قد تمت الإستجابة لها. وأكدوا أن "هذه الوضعية هي التي حاولت جبهة "البوليساريو" ومن ورائها الجزائر، أن تقدمها لكم في صورة أخرى، صورة الضحية، صورة الاستهداف، صورة الإساءة إلى الحقوق والحريات ... وكلها مقولات تنهار أمام كارثية الحدث، وأمام المعطيات الواقعية التي لا يمكن القفز عليها". وتساءل البرلمانيون "كيف يمكن لطرف أن يعمل ، عشية الذهاب إلى المفاوضات، على خلق جو مكهرب للتشويش على مسارها، وفي نفس الوقت يدعي بأنه جاد في التفاوض ? وكيف يمكن للجزائر أن تحضر جولات التفاوض كطرف غير مباشر وهي تغذي اليوم وجهة نظر معينة، وتقدم الدليل تلو الآخر على عدم حيادها وهي التي تصرح دائما بأن لا علاقة لها بالملف، وأن هذا الأخير معروض على النظر الدولي" . وفي رسالة مماثلة إلى رئيس البرلمان الأوربي ذكر المنتخبون والبرلمانيون الصحراويون بأن مؤسسات الاتحاد الأوربي كانت على ثقة من المسار الإصلاحي والتحديثي الذي انخرط فيه المغرب وأشادت في كل المناسبات بدرجات التطور المسجلة إن على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الحقوقي، بل ودعمت كل المشاريع المقدمة وفي مجالات عدة، اطمئنانا منها إلى النموذج المغربي الآخذ في التشكل، وهو ما مكن بلادنا في المحصلة من الارتقاء وبشكل تدريجي في المكانة التي يحظى بها لديكم والتي وصلت اليوم إلى درجة الشريك الاستراتيجي. وأضافت الرسالة أن هذا الوضع "لم يكن بالمرحب به من قبل الكثيرين، حيث يتم استغلال وبشكل ممنهج لأحداث محصورة، أو النفخ فيها لمحاولة الإساءة على الداوم لهذا المكسب الديبلوماسي الكبير الذي تتوفر عليه بلادنا، ففي كل مرة تنطلق أصوات شاذة لتطالبكم بإلغاء اتفاقية الصيد البحري، أو لإنهاء مكانة الوضع المتقدم التي تتمتع به بلادنا ... وهي ذات الأصوات التي انطلقت في أعقاب تفكيك مخيم اكديم إيزيك للحديث عن قتلى في المدنيين، وحرب إبادة وغيرها من لغة التهويل". وأكدت الرسالة أن تدخل قوات الأمن العمومية، لتفكيك المخيم، تم بعد استنفاد كل السبل الممكنة لإقرار حوار جاد ومسؤول لإنهاء وضع شاذ وغير مقبول، وحين بدأ الجميع في الترحيب بمقترح السلطات العمومية والأجوبة التي قدمتها في مجالات التشغيل والسكن ، أبت شرذمة من المبحوث عنهم وذوي السوابق أن تنخرط في مسلسل إنجاح الحوار، ولجأت ، لتأبيد هذا الوضع ، إلى إغلاق المخيم ومنع الولوج إليه أو مغادرته واستغلت وضعية الشيوخ والنساء والأطفال لإدامة جو من الإرهاب المادي والنفسي". وفي رسالة للرئيس الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي ، أكد البرلمانيون والمنتخبون أن "الجزائر والبوليساريو استغلتا أعمال الشغب بالعيون لشن حرب إعلامية ودعائية ضد المغرب وضد المكتسبات الحقوقية" التي أحرزها. وأضافوا أن الجزائر لم تكتف "بهذا العمل العدواني ضد جار شقيق، يحرم عليها التدخل في شؤونه الداخلية بناء على نص وروح ميثاق الأممالمتحدة، بل عملت على دعم وتشجيع الأعمال التخريبية التي قامت بها عناصر ثبت تلقيهم لتكوين عسكري". وأوضحت الرسالة أن نتائج هذه الأعمال تعكسها فداحة الأضرار التي "ألحقوها بالممتلكات العامة والخاصة، وإضرام النار بها، وقطع الطرقات، ونهب المؤسسات البنكية، بل وقتلهم ، بطريقة بشعة تذكرنا بعمل الحركات الجهادية التكفيرية، لرجال الأمن والوقاية المدنية، الذين حاولوا الدخول إلى المخيم بطريقة سلمية، ليواجهوا بوابل من قنينات الغاز وزجاجات المولوتوف والأسلحة البيضاء من كل نوع". ومما جاء في هذه الرسالة "إننا نكاتبكم فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية السيد نيكولا ساركوزي من مدينة العيون، لكي نحيطكم علما بحقيقة الأوضاع بالمنطقة، خارج ما تقدمه وسائل الدعاية المغرضة المأجورة والتي كان همها الدائم محاولة النيل من النموذج المغربي في البناء الديمقراطي والتحديث السياسي والتعايش الثقافي واللسني والهوياتي". وفي رسالتهم لرئيس الوزراء الإسباني، طالب البرلمانيون والمنتخبون السيد خوسيه لويس ثاباتيرو بالعمل على "نزع جو التوتر الذي تشيعه بعض الأوساط"، ودعم المقترح المغربي بخصوص تمتيع جهة الصحراء بنظام للحكم الذاتي، باعتباره المقترح الجدي الوحيد المطروح اليوم على طاولة المفاوضات. وسجلت الرسالة بامتعاض شديد "المواقف المسيئة للمغرب" التي عبرت عنها شريحة من الطبقة السياسية الإسبانية وجزء غير هين من رأيها العام، مؤكدين أنها مواقف "وقعت ضحية اللوبيات المعادية لوحدتنا الترابية، واستأجرت للصدح بآراء، مبنية مع كامل الأسف على رغبة دفينة لتغليط الرأي العام الوطني الإسباني والأوروبي، متضمنة تحاملا غير مبرر، القصد منه التشويش على التقارب الإيجابي لوجهات نظر بلدينا بخصوص قضايا عديدة، والحكمة والتريث التي تم به تدبير ملفات عالقة". كما أعربت الرسالة عن الذهول مما نشرته الصحافة الإسبانية والمطالب التي تتردد على ألسنة بعض الساسة الإسبان وما ينسب أيضا لوزيرة الخارجية الإسبانية عن رغبتها في دعوة مجلس الأمن للانعقاد لتدارس ما وقع في مدينة العيون، متأسفين لعدم توفر هؤلاء على حقيقة ما جرى في مخيم "اكديم إيزيك" منذ منتصف الشهر الماضي. وشدد برلمانيو الصحراء في هذه الرسالة على ضرورة استحضار علاقة الجوار المشترك، والجغرافيا التي تربط بين المغرب وإسبانيا والمصالح الاقتصادية المتبادلة، ورغبة شعبينا في العيش المشترك في فضاء متوسطي مؤمن بحوار الحضارات والثقافات.