دعا المشاركون في "الملتقى الدولي الأول للهجرة" المنعقد يومي 24 و 25 شتنبر الجاري بمدينة الفقيه بنصالح إلى تعزيز الحركية الثقافية بين الجهات المصدرة والمستقبلة للهجرة، وذلك بخلق مراكز ثقافية أجنبية بالمدن المصدرة للهجرة ومراكز ثقافية مغربية بدول الاستقبال وتنظيم أسابيع ثقافية متبادلة. كما دعت التوصيات الصادرة في ختام هذا الملتقى، المنظم من طرف جمعية "منتدى بن عمير" بمشاركة مسؤولين وخبراء وباحثين في مجال الهجرة من المغرب والخارج ، إلى إحداث مركز للتوثيق والإعلام خاص بقضايا المهاجرين في انتظار خلق مرصد جهوي للهجرة بالمنطقة. وأوصى المشاركون كذلك بإدماج تدريس اللغات الأجنبية الخاصة بدول استقبال المهاجرين المنحدرين من جهة تادلة أزيلال ضمن البرامج التعليمية التي تقرها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، ودعم الثقافة المغربية لدى فئات الجالية المغربية بالخارج قصد تقوية الهوية الوطنية لديها. ومن التوصيات الصادرة أيضا خلال هذه الدورة ، المنعقدة تحت شعار "ثقافة الهجرة"، خلق شبكة للخبراء في ميدان الهجرة من المتدخلين والجمعويين قصد مواصلة النقاش وإنضاج أفكار ومشاريع قابلة للتنفيذ وذات جدوى وتأثير إيجابيين لصالح المهاجرين ، بالاضافة إلى دعم الاتفاقيات الثنائية والدولية الموجودة ، والتفكير في بلورة اتفاقيات أخرى تسهل المساطر القانونية والاقتصادية والثقافية الخاصة بشؤون المهاجرين المغاربة . كما دعا المشاركون في الملتقى ، المنظم برعاية الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج ومجلس الجالية المغربية بالخارج، إلى التفكير في إدماج وإعادة إدماج المهاجرين المجبرين أو الراغبين في الاستقرار بالوطن، وإحداث بنك للمشاريع التنموية في المجالات السوسيواقتصادية والسوسيوثقافية لتوجيه المهاجرين المستثمرين وشركائهم الأجانب .وقد عرف الملتقى ، المقام بتعاون مع مجلس جهة تادلة أزيلال والمجلسين البلدي والإقليمي للفقيه بنصالح وعمالة الإقليم ، عدة مداخلات تمحورت على الخصوص حول مواضيع "سوسيولوجيا الهجرة والاندماج الاجتماعي" و"التنوع الثقافي" و"الهوية الثقافية" و"ثقافة الهجرة السرية" و"أدب الهجرة" و"رهانات الاندماج والتعدد الثقافي في دول الاستقبال". وشارك في هذا اللقاء أساتذة جامعيون وباحثون واختصاصيون من المغرب وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا بالإضافة إلى خبراء لدى بعض المنظمات القارية والدولية. وأبرز المتدخلون ما تلعبه الهجرة من دور هام في تلاقي مجموعات بشرية متنوعة الثقافات مما يسمح بالتلاقح الثقافي وببناء حضارة إنسانية مشتركة، مشيرين في المقابل إلى ما قد ينتج عنها من مشاكل من بينها بالخصوص مشكل الاندماج الثقافي والعنصرية. وشددت المداخلات على أن الأمر يتطلب نشوء ثقافة جديدة تقبل الأجنبي المستقر الوافد لتحل محل ثقافة البلد ذي اللسان الواحد والدين الواحد ، وهو ما يطرح على الدول الأوروبية على وجه الخصوص تقبل الأمر الواقع المتمثل في التعدد الإثني والثقافي ، أي المواطنة الثقافية التي تعني حق الجماعات والأقليات في الاحتفاظ بهويتها الثقافية حتى لا يتم احتواؤها ودمجها قسرا في الثقافة العامة الرسمية السائدة في المجتمع مع التزام المهاجرين بالقوانين والقواعد الأساسية المنظمة للحياة العامة في دول الاستقبال. وتهدف جمعية "منتدى بن عمير" ، التي أسسها في شهر يناير الماضي عدد من الأطر الشابة المقيمة بالمدينة ، إلى إنعاش الحركة الثقافية والبحث العلمي بالمنطقة عن طريق إنجاز دراسات أكاديمية وأبحاث ميدانية وتنظيم ملتقيات وندوات وموائد مستديرة حول موضوع الهجرة ، وذلك لجعلهما أداة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على الأصعدة المحلية والجهوية والوطنية.