في كل مرة يخلد فيها المغرب اليوم الإفريقي للإدارة والخدمة العمومية، إلا وتتجدد الدعوة إلى الارتقاء أكثر بهذا القطاع، عبر إيجاد إدارة متعددة الجوانب وأكثر نجاعة، تستجيب بشكل أحسن لانتظارات المواطن. كما أن الاحتفال بهذا اليوم، الذي يخلده المغرب غدا الأربعاء، يعد محطة لإبراز دور الإدارة كقاطرة ضمن الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، وأن ذلك يتطلب منها مراجعة مساطرها، وتقليص تكاليف عملها، وإدخال مفاهيم الموضوعية والأداء الجيد في استراتيجيتها لتحسين مردودياتها ونجاعتها. وهي، أيضا، مناسبة يؤكد المغرب من خلالها، في العهد الجديد، سعيه لكسب هذا الرهان، من خلال تعبئة الجميع في إطار مسار شامل وشمولي، يركز على الاستراتيجيات المعتمدة، وعلى الساكنة كمستفيد أول وأخير من برامج تحديث المصالح العمومية ومؤسسات الدولة. وكسب هذه الرهان، في نظر الكثيرين، رهين بأنسنة الإدارة وكافة مصالحها، وجعلها ذات بعد اجتماعي لخدمة أفضل للمواطن، وتحديثها وتكييفها مع حاجياته الحقيقية وتطلعاته، وتحديد المقاربات المناسبة لجعلها فعالة وقريبة منه، بالعمل على تصحيح اختلالات تسييرها. كما أن هذا التحدي يقتضي مواكبة الإدارة للمتطلبات والحاجيات الفعلية للمواطنين، وإرساء الثقة بينها وبينهم، وتمكينهم من الولوج إلى خدماتها كأساس لتحسين المرفق العمومي، الذي يتعين أن ينخرط في تنمية متينة ومستديمة مبنية على المشاركة والرفاه للجميع. ولن يختلف إثنان في أن دور الإدارة في التفتح الاجتماعي، المتمثل في تعزيز قدرات السكان على القيام بشؤونهم ودعمهم وخلق شروط حياتية مواتية لهم، وفي تحسين العلاقات بين الإدارة ومستعمليها (المواطنون)، يقع في صلب انشغالات المسؤولين وموظفي الإدارات العمومية، وذلك من منطلق أنه يشكل الهدف الأسمى الذي تطمح إليه برامج تحديث القطاعات العامة. ومن أجل أن تضطلع الإدارة بدورها كقاطرة ضمن الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، يتعين عليها أن تراجع مساطرها وتقلص تكاليف عملها وتدخل مفاهيم الموضوعية وحسن الأداء في استراتيجيتها لتحسين مردودياتها ونجاعتها، كما أن تحديها يعني إيجاد إدارة متعددة الجوانب أكثر نجاعة، وتستجيب بشكل أحسن لانتظارات المواطنين، وكسب هذا الرهان، يعني تعبئة الجميع في إطار مسار شامل وشمولي، يركز على الاستراتيجيات المعتمدة وكذا على الساكنة كمستفيدة أخيرة من برامج تحديث القطاع العام. ومن شأن تعزيز قدرات المرافق العمومية واستعمال الوسائل الحديثة وفرض المراقبة الداخلية، أن يحسن نجاعة ومردودية الإداراة وجعلها أكثر إنسانية وقربا من الساكنة، مما يستدعي ضرورة التفكير بشكل نقدي لتحديد الحلول اللازمة لمشاكل المرافق العمومية بالإداراة لتكون مرفقا يحظى بثقة الجميع. ولهذا الغرض، أحدث المغرب شبكة متكاملة للإدارة الرقمية، ووفر برنامجا متكاملا للنهوض بالإدارة الرقمية، وإشاعة استعمال تكنولوجيات الإعلام كوسيلة أساسية للتواصل، منها مشروع الحكومة الرقمية المعروف اختصارا باسم "إدارتي"، والذي تم خلاله فتح عدد من البوابات الإلكترونية للإدارات العمومية، وكذا طرح خدمات رقمية موجهة للمواطنين وللمقاولات. كما تحاول الإدارات العمومية مواكبة التحولات التي شهدها المغرب مؤخرا، من قبيل تحرير قطاعات الاتصالات والسمعي البصري ومشروع بطاقة التعريف البيومترية، وبداية طرح الخدمات البنكية الإلكترونية، ولعل مما سيساعد على الارتقاء بالخدمة الإلكترونية العامة، الرفع من نسبة الإلمام بالمبادئ الأولية للمعلوميات، وتعميم استعمال الإنترنيت بين الفئة الأكثر شبابا من سكان المغرب.