تخلد المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) غدا الاثنين ( 3 ماي) الذكرى الثامنة والعشرين لتأسيسها، جاعلة هذه السنة من النهوض بالتعليم والأخذ بأحدث المناهج لتطويره، في سبيل إنجاز مشروع حضاري إسلامي للقرن الحادي والعشرين. فقد دأبت هذه المنظمة منذ إنشائها خلال المؤتمر التأسيسي العام الذي انعقد بمدينة فاس سنة 1982، على توثيق عرى التواصل بين البلدان الإسلامية في مجالات تعد قوام منارة الإشعاع الحضاري، فبالتربية تتأسس بذرة الأجيال، وبالعلوم تقوي مداركها، وبالثقافة ترسى جسور التفاهم. وفي رسالة وجهتها الإيسيسكو إلى الدول الأعضاء بمناسبة ذكراها السنوية، شددت المنظمة على أهمية توحيد الجهود من أجل تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية التي وضعتها وتمت المصادقة عليها من طرف مؤتمر القمة الإسلامي في دوراته المتعاقبة، واعتمدتها المؤتمرات الإسلامية المتخصصة. وناشدت المنظمة دولها الأعضاء الخمسين، إلى تكثيف أواصر التضامن الإسلامي، وتنسيق الجهود من أجل إنشاء صرح العمل الإسلامي المشترك. وقد شددت رسالة الإيسيسكو على ضرورة إيلاء التربية والتعليم الاهتمام البالغ في السياسات الوطنية للدول الأعضاء، بما يقتضي الرفع من سقف معدلات الإنفاق على هذا القطاع الحيوي، مع دعم البحث العلمي في كل حقول المعرفة، والزيادة في الموارد المرصودة له، وإعطاء الاعتبار اللازم للعاملين في مجالاته، والتشجيع والتقدير والاحتفاء بالنابغين المتفوقين من العلماء في مختلف التخصصات، وتوفير الوسائل الكفيلة بالنهوض بالقطاع العلمي حتى يتبوأ المكانة المتقدمة اللائقة به. وركزت على أهمية الولوج إلى مجتمع المعرفة عبر تحقيق جودة التعليم وتوازن التربية وتحديث البحث العلمي، معتبرة أن بناء مستقبل العالم الإسلامي يتعين أن يقوم على أساس العلم والمعرفة والتجديد في مجالات الحياة المختلفة، وأكدت على وجوب تحقيق الإقلاع التعليمي والعلمي والانطلاق به إلى أبعد الآفاق، تحقيقاً للتنمية الشاملة المستدامة التي تجني ثمارها الأجيال الحاضرة والأجيال القادمة. ودعت الإيسيسكو العالم الإسلامي إلى أن يجعل من النهوض بالتعليم والأخذ بأحدث المناهج لتطويره، مشروعاً حضارياً إسلامياً للقرن الحادي والعشرين، موضحة أن تقدم الأمة الإسلامية وارتقاءها في ميادين العلوم والتكنولوجيا وبلوغها المستوى الراقي من النمو الاقتصادي، كل ذلك يتوقف على مدى الجهود التي تبذل من أجل تحقيق هذا المشروع الحضاري ذي الأبعاد المستقبلية الواسعة. وطالبت الإيسيسكو دول العالم الإسلامي إلى تصفية الخلافات فيما بينها، والعمل للقضاء على أسباب النزاعات التي قالت إنها تضعف الكيان الإسلامي وتهدر الطاقات وتفوت فرص النمو والتقدم، وناشدتها مراعاة المصالح العليا للأمة الإسلامية، مؤكدة على أن الوحدة الإسلامية يجب أن تكون القاعدة الصلبة للتضامن الإسلامي الذي يحمي تلك المصالح. وأعلنت الإيسيسكو في رسالتها إلى العالم الإسلامي بمناسبة تأسيسها، أنها ستواصل أداء رسالتها الحضارية لتحقيق أهدافها في خدمة الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية خارج العالم الإسلامي، وفي تعزيز الوحدة الثقافية بين المسلمين كافة، وفي الدفاع عن قضايا العالم الإسلامي والعمل على حماية مصالحه العليا، وفي إشاعة قيم الحضارة الإسلامية وإثبات الحضور الإسلامي في المحافل الدولية، وفي دعم جهود المجتمع الدولي من أجل تعزيز الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات ونشر ثقافة التسامح والتعايش والاحترام المتبادل بين الشعوب.