شهدت شوارع العاصمة الليبية طرابلس وغيرها من المدن مظاهرات حاشدة احتجاجا على الخطاب الذي ألقاه سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، في ساعة مبكرة من صباح الإثنين. وذكر شاهد عيان أن الشباب الليبي خرج إلى شارع عمر المختار أحد أكبر شوارع طرابلس مرددين هتافات "ليبيا واحدة ليبيا حرة". وتجمع محتجون مناهضون للحكومة في شوارع طرابلس وأعلن زعماء قبليون رأيهم صراحة ضد القذافي وانضمت وحدات بالجيش للمعارضة في الوقت الذي تشهد فيه ليبيا المصدرة للنفط واحدة من أدمى الثورات التي تهز العالم العربي. وفي واشنطن، قال مسؤول أمريكي انه يجري اطلاع الرئيس باراك أوباما بشكل منتظم على التطورات السريعة في ليبيا وإن إدارته ستسعى إلى الحصول على "ايضاحات" من كبار المسؤولين الليبيين مع حثها على إنهاء أعمال العنف ضد المتظاهرين. وظهر سيف الاسلام على التلفزيون الوطني في محاولة لتهديد وتهدئة الناس قائلا إن الجيش سيفرض تطبيق الأمن بأي ثمن. وقال "نحن معنوياتنا مرتفعة والقائد معمر القذافي يقود المعركة في طرابلس ونحن معه والقوات المسلحة معه... نحن لن نفرط في ليبيا سنقاتل حتى آخر رجل وحتى آخر امرأة وآخر طلقة ولا يمكن نتركها بلادنا". وانحى سيف الاسلام باللائمة على منفيين ليبيين في تأجيج أعمال العنف. ولكنه وعد أيضا بإجراء حوار بشأن الاصلاحات وزيادة الرواتب. وربما يكون هذا التملق غير كاف لاطفاء نار الغضب الذي انطلق بعد 40 عاما من حكم القذافي في انعكاس للأحداث في مصر حيث اطاحت ثورة شعبية بالرئيس حسني مبارك الذي كان يبدو منيعا. وفي مدينة بنغازي الساحلية بدا أن المحتجين يسيطرون بشكل كبير على المدينة بعد أن اجبروا قوات الجيش والشرطة على الانسحاب إلى مجمع. واضرمت النار في مبان حكومية ونهبت. وفي أول علامة على وقوع اضطرابات خطيرة في العاصمة اشتبك الاف المحتجين مع أنصار القذافي. ودوت أصوات إطلاق النار خلال الليل واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين رشق بعضهم صور القذافي بالحجارة. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن 223 شخصا على الأقل قتلوا خلال خمسة أيام من العنف. وكان معظمهم في بنغازي مهد الانتفاضة وهي منطقة قبضة القذافي فيها اضعف دائما من المناطق الأخرى في ليبيا. وقال حبيب العبيدي الذي يرأس وحدة للعناية المركزة في مستشفى الجلاء إن جثث 50 شخصا معظمهم قتل رميا بالرصاص نقلت إلى المستشفى بعد ظهر الأحد . واضاف إن 200 مصاب نقلوا أيضا إلى المستشفى. وقال إن أحد الضحايا كان مطموس المعالم بعد اصابته بقذيفة صاروخية في بطنه. واضاف إن أفراد وحدة بالجيش تعرف باسم فرقة "الصاعقة" نقلوا زملاء لهم مصابين للمستشفى. وقال الجنود انهم انضموا لقضية المحتجين وانهم قاتلوا وهزموا الحرس الخاص بالقذافي. وقال رجل آخر بالمستشفى وهو محمد المانع لرويترز بالتليفون إن الجنود يقولون الآن إنهم تغلبوا على الحرس وإنهم انضموا لثورة الشعب. وتراجع ايضا التأييد للقذافي بين القبائل الصحراوية في ليبيا. والقذافي نجل راعي اغنام استولى على السلطة في عام 1969. وهدد زعيم قبيلة الزوية الشرقية بوقف صادرات النفط إذا لم توقف السلطات ما وصفه بقمع المحتجين. وقال الشيخ فراج الزوي في قناة الجزيرة انه سيوقف صادرات النفط للدول الغربية في غضون 24 ساعة إذا لم تتوقف أعمال العنف. وقال اكرم الورفلة وهو شخصية بارزة في قبيلة ورفلة للجزيرة انه سيقول للاخ القذافي انه لم يعد اخا وسيقول له ارحل من البلاد. ومن جهة أخرى، قال مسؤول أمريكي إن الولاياتالمتحدة تدرس اتخاذ "كل التحركات الملائمة" ردا على حملة القمع الليبية العنيفة ضد المحتجين وتقوم بتحليل كلمة القاها سيف الاسلام القذافي عبر التلفزيون لمعرفة ماإذا كان هناك امكانية لإجراء اصلاح جاد. واضاف المسؤول انه يجري إطلاع الرئيس باراك أوباما بشكل منتظم على التطورات السريعة في ليبيا وان إدارته ستسعى إلى الحصول على "ايضاحات" من كبار المسؤولين الليبيين مع حثها على إنهاء أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين. وقال المسؤول الأمريكي "اننا نحلل الخطاب.. لنرى ما هي الامكانيات التي تضمنها لاجراء اصلاح جاد". وأعربت الولاياتالمتحدة عن قلقها البالغ مساء الأحد بشأن التقارير التي أكدت سقوط المئات من القتلى في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في ليبيا. وقال بي جي كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان "تشعر الولاياتالمتحدة بقلق بالغ بسبب التقارير والصور المثيرة للقلق الواردة من ليبيا". وفي ظل منع الصحفيين من السفر إلى بنغازي، والأنباء الواردة عن قطع خدمات الإنترنت واتصالات الهواتف المحمولة من قبل الحكومة، يصعب الحصول على معلومات موثوقة بشأن الوضع في البلاد التي يحكمها القذافي منذ عام 1969.