سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ليبيا: ثورة الغضب تنتقل إلى طرابلس.. والقذافي يجهز حملة عسكرية للانقضاض على الشرق مصادر ليبية ل «الشرق الأوسط»: المنطقة الشرقية في يد المتظاهرين.. وبنغازي معزولة عن العالم.. واستقالة وزير العدل
"الشرق الاوسط" القاهرة: خالد محمود طرابلسلندن بدأت حركة الاحتجاجات العارمة التي تجتاح مختلف المدن الليبية خاصة في الشرق تتجه إلى المنطقة الغربية حيث العاصمة الليبية طرابلس، فيما قالت مصادر ليبية ل«الشرق الأوسط» إن عدد القتلى ارتفع أمس إلى نحو مائة وخمسين قتيلا، لقوا حتفهم، فيما أصيب ما لا يقل عن 300 شخص حتى الآن بالرصاص الحي الذي أطلقته قوات الأمن الليبية التي تكافح بشراسة لفض المتظاهرين الذين يطالبون الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالتنحي وتغيير نظام الحكم. وبدا أمس أن قبضة القذافي المرتعشة تفقد سيطرتها على مساحة كبيرة من أراضي الدولة الليبية لصالح المتظاهرين الذين طرقوا أمس للمرة الأولى أبواب طرابلس الغرب بعنف بعدما اجتاحت مظاهرات مناوئة للحكم شوارع في أحياء سوق الجمعة وعراد. وعلمت «الشرق الأوسط» أن أعضاء من مجلس القيادة التاريخية للثورة الليبية طالبوا العقيد القذافي بالتنحي وتسليم السلطة إلى الجيش الليبي بقيادة اللواء أبو بكر يونس حقنا للدماء وتجنب المزيد من أعمال الفوضى والعنف الدموي، كما ترددت أمس معلومات عن تقديم المستشار مصطفى عبد الجليل وزير العدل الليبي استقالته من منصبه احتجاجا على إعطاء الأوامر لضرب المتظاهرين بالرصاص الحي. وانتقل الانقسام على ما يبدو إلى داخل الجيش الليبي، حيث قال مصدر ليبي إن كلا من اللواء عبد الفتاح يونس والعميد سليمان محمود وثمانية ضباط آخرين أعلنوا أنهم سيتجهون إلى مدينة بنغازي على رأس قوات خاصة لحمايتها وللقضاء على المرتزقة الأفارقة. ووردت معلومات عن استسلام عناصر من قوات الجيش والأمن الموالية للقذافي في عدة مدن ليبية، خاصة في الشرق، وانضموا إلى المتظاهرين في مشهد يشي بقرب سقوط النظام. وبدأت سفارات غربية وعربية في طرابلس في الاتصال برعاياها تمهيدا لنقلهم إلى الخارج مع تفاقم الأوضاع، كما شرعت بعثات دبلوماسية عديدة في ترحيل موظفيها بعد تواتر المعلومات عن قيام بعض عائلات كبار المسؤولين الليبيين بالهرب إلى خارج البلاد، بالإضافة إلى عمليات تحويل مشبوهة لأموال من مصارف ليبية باتجاه مصارف في دول الاتحاد الأوروبي. وقال مصدر ليبي مسؤول ل«الشرق الأوسط» إن حالة من الهرج والمرج تسود النخبة الحاكمة في ليبيا، مشيرا إلى وجود انقسامات خطيرة في الرأي حول كيفية معالجة الوضع الراهن الذي لاحظ أنه يتجه نحو ما وصفه بالتدهور السريع. وقال سكان في العاصمة الليبية طرابلس إن بعض شوارع المدينة شهدت مظاهرات حاشدة تطالب بسقوط النظام، وسط معلومات عن مقتل 40 شخصا برصاص الأمن في منطقة غوط شمال المدينة. وقال شهود عيان ل«الشرق الأوسط» إن آلاف المتظاهرين في شوارع مدينتي مصراتة والزاوية خرجوا في مظاهرات حاشدة وأحرقوا بعض مقار لحركة اللجان الثورية والشرطة ورددوا هتافات مناوئة للعقيد القذافي وداعمة لتمرد الشرق من بينها: «والله والله والله عن بنغازي ما نتخلى». وقال مسؤول حكومي ليبي إن القذافي أمر بتجهيز حملة عسكرية بقيادة أبرز مساعديه للانقضاض على المنطقة الشرقية وفض تمردها بالقوة المسلحة، لكن سكانا في مدينة بنغازي التي باتت معزولة عن العالم بعد قطع خطوط الإنترنت والكهرباء، قالوا في المقابل إنهم مستعدون لأسوأ الاحتمالات. وقالت جماعة الإخوان المسلمين في تصعيد لنبرتها ضد القذافي في بيان ل«الشرق الأوسط» إن النظام الليبي وهو يرتكب هذه الجرائم في أبناء شعبه من المدنيين العزل ليعلن بأنه نظام فاقد لأدني مصداقية، مشيرة إلى أنه كشف عن زيف الدعاوى الوطنية وانحيازه للشعوب المقهورة، وأنه بذلك قد فقد أي أهلية لإدارة البلاد، على حد تعبيرها. وفشلت السلطات الليبية التي استعانت بقوات الجيش ومروحيات عسكرية مساء أول من أمس في استعادة السيطرة على الميدان الذي تقع فيه محكمة شمال بنغازي بقلب المدينة، والذي أطلق عليه المتظاهرون اسم ميدان التحرير، تيمنا بالثورة التي أدت إلى الإطاحة بنظام حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. وتعرض الساعدي أحد أنجال القذافي لحصار المتظاهرين الغاضبين الذين كادوا ينجحون في اعتقاله، قبل أن يتمكن عبد الله السنوسي أقرب مساعدي القذافي ومسؤول المخابرات السابق من نجدته بقوة عسكرية محملة جوا ونقله إلى خارج المدينة. وهيمن المتظاهرون على إذاعة بنغازي وهددوا بإحراق المنشآت البترولية، في وقت سعت فيه السلطات الليبية إلى القيام بمحاولات يائسة لتحسين صورتها، حيث أمر المستشار عبد الرحمن العبار النائب العام في ليبيا بفتح تحقيق في أعمال العنف التي وقعت خلال المظاهرات المعادية للنظام في شرق البلاد. وقال مصدر ليبي إن العبار أمر بفتح تحقيق حول أسباب الأحداث وحصيلتها في بعض المدن، ودعا إلى تسريع الإجراءات لمحاكمة جميع الذين يدانون بالقتل والتخريب. وأوضحت مصادر في عدة مدن ليبية ل«الشرق الأوسط» أمس أن عدد القتلى والجرحى في ارتفاع مستمر بسبب ما وصفته بحالة الفوضى التي تجتاح مختلف مدن المنطقة الشرقية التي باتت بالكامل بعيدة عن قبضة القذافي. وقطعت السلطات الليبية خدمات شبكة الإنترنت عن كافة عموم المدن الليبية وقامت بحملات تشويش إلكترونية لمنع استقبال بث مختلف القنوات الفضائية العربية والأجنبية التي تنقل أخبار الاحتجاجات. واعتقلت السلطات الليبية بعض الناشطين السياسيين من بينهم نقيب المحامين الأسبق صالح عبد الحفيظ غوقة بعد ساعات فقط من إدلائهم بتصريحات لقنوات فضائية حول ما يجري. وقالت مصادر ل«الشرق الأوسط» إن أجهزة الأمن الليبية اقتحمت منزل المحامي فتحي تربل منسق اللجنة التحضيرية لأهالي ضحايا سجن أبو سليم واعتقلت شقيقه وحطمت المنزل في غيابه، مشيرة إلى أن عبد الحفيظ غوقة اختفى بعدما داهمت عناصر من الجيش منزله واعتقلته. وشيعت أمس في جنازة مهيبة شارك فيها ما لا يقل عن خمسين ألف شخص بمدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية التي شهدت أعنف الاشتباكات الدامية، لعشرين قتيلا لقوا حتفهم في المواجهات الدامية ضد السلطات الليبية المدعومة بعناصر مرتزقة أفارقة وآسيويين. وقال شاهد عيان ل«الشرق الأوسط» إن كتيبة الفضيل بن عمر التابعة لأحد أبناء العقيد القذافي والتي تم استقدامها من خارج بنغازي لدعم قوات الأمن الموجودة بداخلها أطلقت الرصاص الحي على الجنازة مما أدى إلى سقوط خمسة قتلى. وأضاف: «شيعنا عصر اليوم (أمس) 20 جنازة ماتوا برصاص في الرأس والصدر بسبب المجزرة التي ارتكبتها كتيبة الفضيل التابعة لكتيبة الجحفل التي تم إحضارها على عجل من سرت برئاسة أحد أبناء القذافي». وتابع: «شيعهم الناس من مستشفى الجلاء وذهبوا في جنازة مهيبة أمام محكمة بنغازي متجهين إلى مقبرة الهواري، لكن حال مرورهم أمام كتيبة الفضيل تعرضوا لإطلاق نار مكثف فمات خمسة أشخاص على الفور». وأضاف: «بنغازي بالكامل خرجت لتنتفض، خمسين ألف متظاهر يتجمعون الآن أمام محكمة بنغازي في قلب المدينة ويهتفون (لا اله إلا الله، القذافي عدو الله)، و(يسقط يسقط النظام)». ولفت إلى أن بنغازي أعلنت تمردها على نظام حكم القذافي الذي يتولى السلطة منذ 42 عاما، ولا تكاد توجد أي إشارة ملحوظة لعناصر أو قوات النظام. وأكد شاهد العيان ل«الشرق الأوسط» أن المتظاهرين حاصروا الدبابات وأجبروا الجنود على الخروج منها وأشعلوا النار في دبابة واحدة، فيما بدأ الجنود في خلع الزي العسكري وأعلنوا انضمامهم للمتظاهرين. وأوضح أن شوارع بنغازي التي شهدت جوا عاصفا مساء أول من أمس أدى إلى تفرق المتظاهرين قبل أن يعيدوا تجمعهم مجددا أمس، لم تشهد أي وجود لقوات عسكرية أو أمنية موالية للقذافي، مضيفا: «اليوم في الصباح لم يكن هناك أي وجود للدبابات». وأكد طبيب في المدينة أن طائرات الهليكوبتر التي كانت تحلق في سماء المدينة، أطلقت النار من رشاشاتها على جموع المتظاهرين الذين سيطروا على الشوارع، مطالبين برحيل نظام العقيد معمر القذافي، الممسك بالسلطة منذ عام 1969». وأضاف: «نحن الآن في وضع حرج للغاية.. المدينة فعليا تحت الحصار ولدينا عشرات المصابين في المستشفيات، ومعظمهم سقط ضحية إطلاق النار». وتحول مركز الاحتجاجات غير المسبوقة في تاريخ ليبيا المعاصر من المنطقة الشرقية باتجاه العاصمة الليبية طرابلس، حيث سقط ثمانية قتلى بعدما تظاهر آلاف المواطنين في مدينة مصراتة التي تبعد نحو 200 كيلومتر شرق المدينة التي شهدت بعض شوارعها أيضا محاولات للتظاهر والتمرد ضد نظام الحكم في أحياء فشلوم والدهماني والظهرة. وسيطر المتظاهرون في مدينة أجدابيا على المدينة وتم تشكيل لجان شعبية خدمية لحماية المصارف والمباني العامة، وهو ما تكرر في عدة مدن ليبية باتت بمنأى عن سيطرة الدولة الليبية سوى من الناحية الشكلية فقط.