القاهرة – "الشرق الاوسط": خالد محمود فيما بدا أنه بمثابة انفتاح ليبي جديد على اليهود الذين غادروا الأراضي الليبية قبل عقود، سمحت السلطات الليبية مؤخرا لرئيس الجالية اليهودية الليبية رفائيل لوزون وأسرته بزيارة ليبيا والاجتماع مع مسؤولين بارزين في الحكومة الليبية. وقال رفائيل الذي عاد لتوه إلى مقره في العاصمة البريطانية لندن قادما من ليبيا ل«الشرق الأوسط» إن الزيارة التي دامت أربعة أيام غلبت عليها النواحي الإنسانية والعاطفية، مضيفا: «زرنا الأماكن التي ولدنا وترعرعنا فيها ولم نرها منذ نحو أربعين عاما، كان أمرا لطيفا للغاية». لكن رفائيل أكد في المقابل أنه لم يثر مسألة إمكانية حصول اليهود الليبيين الذين اضطروا إلى مغادرة ليبيا على تعويضات، وقال: «من قبل قلت في الزيارة الأولى لن أحكي عن التعويضات ربما في الزيارة التالية بعد رمضان والأعياد الدينية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل». وأعلن الزعيم الليبي معمر القذافي مؤخرا أنه قد يدفع تعويضات لليهود الذين أجبروا على ترك منازلهم بعد 1948. وكان عدد اليهود في ليبيا لا يتجاوز 7 آلاف نسمة، يعيشون في طرابلس ومعظمهم من التجار وأصحاب المحلات التجارية. وأعلنت ليبيا استعدادها لتعويض هؤلاء على الرغم من أن العقيد القذافي لم يكن في تاريخ المغادرة هو من يتولى السلطة في ليبيا. وتقول المصادر التاريخية إن قرار مغادرة ليبيا على عجل اتخذه زعماء الجالية اليهودية، ولم تطردهم الحكومة الليبية، حيث جاءت الخطوة الرسمية الأولى من ليللو أربيب (زعيم طائفة اليهود الليبيين آنذاك) الذي كتب بدوره رسالة بعد أيام قليلة على وقوع حرب يونيو (حزيران) 1967 إلى رئيس الوزراء الليبي يطلب فيها السماح بالسفر لليهود الراغبين في مغادرة البلاد حتى تهدأ الأمور ويتفهّم الشعب الليبي وضعيّة اليهود الليبيين. وتقدر جماعات من اليهود الليبيين قيمة الممتلكات الخاصة التي فقدت بنحو 75 مليار دولار بالإضافة إلى مائة مليون دولار أخرى للمنشآت العامة اليهودية كالمعابد والمقابر. ورفائيل المولود في مدينة بنغازي ثانية أكبر المدن الليبية يعتبر واحدا من يهود ليبيا الذين اضطروا إلى الرحيل للخارج بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على مصر عام 1967. ومع ذلك فقد بدا رافائيل مرتاحا لأجواء الزيارة التي اجتمع خلالها مع أبو زيد عمر دودرة رئيس جهاز المخابرات الليبية وسليمان الشحومي مسؤول العلاقات الخارجية في مؤتمر الشعب العام (البرلمان الليبي). وقال رفائيل ل«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقره في لندن: «زرت ليبيا بعد أربعين عاما ووجدت مظاهر الحياة الحديثة والعصرية في ليبيا وبنغازي، هناك تحديثات وفنادق أما المدينة القديمة فقد كانت بالضبط كما تركتها». وعن كيفية تعامل الشعب الليبي مع الزيارة، قال: «الليبيون تعاملوا معنا بشكل جيد، ورحبوا بنا بحفاوة». وتمكن رافائيل للمرة الأولى من زيارة مسقط رأسه في مدينة بنغازي بعد غياب دام أربعة عقود. وقال لوزون لاحقا لوكالة الصحافة الفرنسية «أشعر أنني في حلم. أزور ليبيا وطني الأصلي للمرة الأولى بعد خروجي منها في سنة 1967. إنه أمر لا يصدق». وأضاف «منذ أكثر من عشرين عاما أحاول أن أزورها ولكن دون جدوى». وأوضح أنه زار مع شقيقته «ريدة ووالدته رحيل التي تبلغ من العمر 83 عاما مدينتنا التي ولدنا بها بنغازي» التي تبعد ألف كلم شرق طرابلس. وأكد لوزون «زرنا بنغازي والتقينا بأحبائنا وسط دموع وأشواق كبيرة للأصدقاء الذين لم ننساهم قط». وعبر لوزون عن أسفه لأنهم لم يتمكنوا من الاجتماع بالزعيم الليبي العقيد معمر القذافي. وقال لوزون الذي أقام في فندق الخيام وسط العاصمة الليبية في طرابلس «استقبلت بحفاوة من المسؤولين الليبيين وعلى رأسهم رئيس جهاز الأمن الخارجي (الاستخبارات الليبية) أبو زيد دوردة الذي رتب وسهل لي الزيارة». وذكرت مصادر رسمية أن عدد اليهود الليبيين الذين غادروا ليبيا سنة 1948 إلى فلسطين لا يتجاوز بضعة آلاف بينما هاجر البقية إلى أوروبا في 1967 ولم يبق منهم أحد. ومعظم اليهود الذين رحلوا عن ليبيا يعيشون الآن في إسرائيل ولم يتوقع إلا قليلون منهم أن تكون لهم أي اتصالات بمسقط رأسهم. يشار إلى أن العقيد القذافي التقى خلال زيارته الأولى إلى إيطاليا، العام الماضي في خيمته التي نصبت في منتزه فيلا دوريا بامفيلي بمدينة روما، بممثلين عن اليهود الليبيين، الذين تركوا البلاد بعد حرب يونيو عام 1967. وكان رفائيل فلاح، رئيس رابطة اليهود الليبيين في إيطاليا الذي توفي قبل عامين، قد دشن اللقاء الأول بين القذافي وممثلين عن يهود ليبيا عام 1993، بعد أن زار طرابلس وتجول في المدينة القديمة.