الفاتح من أيلول يفتحها على اليهود!! - بقلم ذ.ياسر الزعاترة استغل العقيد الليبي معمر القذافي مناسبة الاحتفال بذكرى الفاتح من أيلول كي يقدم هدية لليهود الليبيين الذين غادروا ليبيا قبل عقود متوجهين إلى الدولة العبرية. وكانت الإشارة الأولى حول تعويضات هذه الفئة قد وردت قبل شهور على لسان نجل العقيد وخليفته المتوقع في الحكم، سيف الإسلام القذافي. سيكون من حق اليهود الليبيين حسب وعد العقيد أن يأخذوا تعويضاً عن ممتلكاتهم التي تركوها بشرط إلا يكونوا قد أخذوا بيوت الفلسطينيين، ولا ندري هل سيطلب السيد العقيد من السلطات الإسرائيلية تزويده بأسماء اليهود الليبيين الذين لم يغتصبوا بيوتاً للفلسطينيين، أم سيكتفي بيمين من كل واحد منهم كي يصدقه!! ليس مهماً بالطبع أين يسكن أولئك اليهود، لأن الأرض التي يسكنون عليها هي لهم، أكانت مستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة أم في عكا وحيفا ويافا!! وفي كل الأحوال فإن هذه الأسئلة جميعاً إنما تثار من باب الفضول، لأن المطلوب هو دفع التعويضات وكفى، وذلك في خطوة متقدمة لم يفكر فيها حتى اليهود أنفسهم، إذ أن أحداً لم يفعل ذلك من قبل، حتى من الدول التي لها علاقات مع الدولة العبرية قبل أوسلو وبعده مثل المغرب ومصر. ما أراده العقيد هو المزيد من كسب الرضا الأمريكي الذي يتحرك قلبه على إيقاع الغرام الإسرائيلي واليهودي عموماً، سيما خلال هذه المرحلة وبصرف النظر عما إذا كان بوش هو الفائز في الانتخابات أم كيري. أما الأوروبيون فلا زال يغريهم بالعقود والوعود والتعويضات، حيث كانت آخر صفقة على هذا الصعيد هي صفقة تعويضات ضحايا مقهى "لابيل" في ألمانيا، بعد صفقة ضحايا لوكربي وبعدها التعديل الذي طرأ على تعويضات ضحايا الطائرة الفرنسية إثر الأرقام الفلكية التي حصل عليها ضحايا لوكربي. مليارات كثيرة دفعت وستدفع من جيب الشعب الليبي المسكين الذي تقول الإحصاءات إن مستوى معيشته ينبغي أن يتجاوز أفضل دول الخليج وأوروبا، من دون أن يحظى بما هو أدنى من ذلك بكثير، لسبب بسيط هو أن أمواله كانت تبدد هنا وهناك في مغامرات معروفة فيما جاءت التوبة المتأخرة للقيادة الليبية بكم هائل من التعويضات والصفقات التي ستترك آثارها هي الأخرى على أرصدة الأجيال التالية من الشعب الليبي. في ذكرى الفاتح من أيلول كانت الهدية من نصيب اليهود، أما الشعب الليبي فقد بشره العقيد بوضع معيشي أفضل من دون أن يقدم له أدنى أمل بحياة سياسية غير التي يعيشها أو بعودة أبنائه المنفيين من الخارج، أو بالإفراج عن خيرة أبنائه الذي تزدحم بهم السجون بتهم التحزب والخيانة، فضلاً عن المروق والزندقة. هكذا ستستمر لعبة اللجان الثورية، والديمقراطية الليبية العجيبة، لكن ذلك لن يكون على أجندة الأوروبيين ولا الأمريكيين، أقله في هذه المرحلة وحيث لا يزال السيد العقيد يدفع المستحقات المطلوبة من جيب شعبه. ما لا يدركه السيد العقيد أو لا يريد أن يدركه هو أن مسارعته بتقديم التنازل لليهود الليبيين كان خطأً، وأنه كان عليه أن يؤخر الأمر إلى حين طلبه، ذلك أن مسلسل الطلبات لن ينتهي أبداً وسيجد الأمريكيون دائماً ما يطلبونه منه، فيما يخفف عنه ذلك التنافس الأمريكي الأوروبي. والحال أن الطلبات والإملاءات لن تتوقف بل ستتواصل يوماً إثر آخر، لأن الولاياتالمتحدة لا تقبل أنصاف الولاء بل لا بد من التبعية الكاملة وعلى من يضع قدمه على الدرجة الأولى من السلم ألا ينظر إلى الدرجة التالية فقط، بل إلى آخر السلم، هذا إن كان له آخر!!