ذكرت تقارير وشاهد عيان أن اشتباكات اندلعت في عدة بلدات ليبية اليوم الخميس بعدما دعت المعارضة للخروج في احتجاجات في حين خرج مئات من أنصار الزعيم الليبي معمر القذافي في مسيرات في العاصمة. وكان مناهضون للقذافي يتواصلون عبر الانترنت دون كشف هوياتهم او يعملون في المنفى حثوا الليبيين على تنظيم احتجاجات اليوم الخميس في محاولة لتقليد الانتفاضات الشعبية التي أطاحت بالرئيسين المصري والتونسي مؤخرا. وقال صحفي من "رويترز" ان العاصمة طرابلس لم تشهد اية مظاهرات سوى تلك التي شارك فيها انصار القذافي في الميدان الأخضر بالمدينة رافعين صوره ومرددين شعارات مؤيدة له. لكن أحد سكان مدينة البيضاء في شرق البلاد قال لرويترز، ان 15 شخصا جرحوا في اشتباكات وقعت اليوم في المدينة بين أنصار الحكومة وأقارب شابين قتلا خلال احتجاج في اليوم السابق. واندلعت الاشتباكات بعد الانتهاء من دفن الشابين. وقال الرجل الذي تحدث عبر الهاتف وطلب عدم ذكر اسمه ان "الوضع لا يزال معقدا" وأضاف "الشبان لا يريدون الإصغاء لما يقوله الكبار". وكانت صحف محلية ذكرت في وقت سابق أنه تمت إقالة مدير أمن المنطقة من منصبه بعد مقتل الشابين. ووردت تقارير عن سقوط عدد اكبر من القتلى لكن لم يمكن التأكد من ذلك. وتقع البيضاء على مقربة من بنغازي ثاني اكبر المدن الليبية والتي اشتبك فيها محتجون مع الشرطة وأنصار القذافي مساء الثلاثاء. وقال رجل يقيم في المدينة ل "رويترز" بنغازي هادئة. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها ان السلطات الليبية ألقت القبض على 14 ناشطا وكاتبا كانوا يعدون للاحتجاجات المعارضة للحكومة في حين تعطلت الخدمة الهاتفية في أجزاء بالبلاد. وفي خطوة محتلمة لتهدئة الاضطرابات ذكرت صحيفة قورينا المرتبطة بسيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي ان البرلمان الليبي يجهز لاعتماد تحولات كبرى الأسبوع المقبل ويشمل ذلك تغيير شخصيات في الحكومة. ووردت معلومات متناثرة من ارجاء البلاد عن احتجاجات عبر صفحة باللغة العربية على موقع الفيسبوك للتواصل الاجتماعي والمستخدم من قبل الناشطين لكن المصادر لم تكن واضحة ولم يتسن التحقق من التفاصيل. وقال أحد التعليقات ان المحتجين في قرية الرجبان بالقرب من الحدود مع الجزائر اضرموا النار في مقار حكومية محلية. وذكر تعليق اخر رافقته صورة لمبنى يحترق أن محتجين في بلدة زنتان جنوب غرب طرابلس هتفوا "النصر او الموت". غير أن الوضع كان هادئا في العاصمة طرابلس. وسارت حركة المرور بشكل طبيعي في شارع عمر المختار وهو الشارع الرئيسي في المدينة فيما فتحت البنوك والمحال التجارية أبوابها ولم تلحظ أي زيادة في الوجود الامني. وقال أحمد الرحيبي المقيم في طرابلس ان الاحتجاجات المناهضة للحكومة تشكل ارباكا لا داعي له مضيفا أنه يتعين التركيز على العمل وعلى المدارس في وقت تحاول فيه البلاد تطوير بنيتها التحتية. وعلى الرغم من شكوى بعض الليبيين من البطالة وعدم المساواة والقيود على الحريات السياسية الا أن المحللين يقولون ان تكرار النموذج المصري في ليبيا غير محتمل حيث من الممكن ان تستخدم ليبيا عائدات النفط الضخمة في حل أغلب المشكلات الاجتماعية. وتخضع ليبيا لسيطرة القذافي الصارمة منذ أكثر من 40 عاما وبذلك يصبح أقدم حكام القارة الافريقية لكن ليبيا شعرت بالهزة التي خلفتها الاطاحة بالرئيسين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي بعد أن حكما بلادهما لسنوات طويلة. وقال مصطفي الفيتوري المحلل السياسي والمحاضر الجامعي في طرابلس ل "رويترز" ان الليبيين لديهم مشكلات وان مجتمعهم متخلف في كثير من المجالات مشيرا الى أن هناك مشكلات مشروعة لابد من حلها. لكنه اضاف أن الامر ربما لا يتطور الى المستوى الذي حدث في مصر اذا يرى أن القذافي لا يزال يحظى بتقدير كبير. وتحظر ليبيا كافة الاحزاب السياسية ويندر التسامح مع المعارضة العلنية وتقول جمعيات حقوقية انه خلال حكم القذافي تم ايداع الالاف من خصومه السجون. لكن القذافي وانصاره يقولون ان ليبيا بلد ديمقراطي لان نظامه يقوم على الحكم المباشر من خلال ما يطلق عليه اللجان الشعبية. واستهدف نشطاء في المعارضة جعل اليوم الخميس يوم احتجاجات لأنه يوافق ذكرى اشتباكات وقعت في بنغازي يوم 17 فبراير شباط 2006 حين قتلت قوات الأمن العديد من المحتجين الذين كانوا يحاولون اقتحام القنصلية الايطالية بالمدينة. ودعت هيومان رايتس ووتش ليبيا الى الافراج عن كل المحتجزين بسبب دورهم في الاحتجاجات المناوئة للحكومة.