الرباط "مغارب كم": محمد بوخزار يحل اليوم السبت بالعاصمة الإسبانية السفير المغربي المعين في مدريد، أحمد ولد سويلم، الذي سلمه العاهل المغربي الملك محمد السادس ظهير تعيينه في شهر نوفمبر الماضي. وكانت الحكومة الإسبانية قد وافقت بعد طول تردد على اختيار المغرب، بالنظر إلى أن الدبلوماسي ولد سويلم، قيادي سابق في جبهة البوليساريو الداعية لانفصال الصحراء عن المغرب، ما يعني أن وجوده في مدريد من شأنه ،حسب تقدير السلطات الإسبانية، قد يساهم في تصعيد أكثر للخلاف القائم بين الرباطومدريد على خلفية عدة ملفات بينها نزاع الصحراء. وتخوفت إسبانيا من أن ينتقل النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى الساحة الداخلية الإسبانية على اعتبار أن الدبلوماسي الصحراوي المنشق عن البوليساريو، يعرف جيدا الأساليب التي تستعملها الجبهة الانفصالية لاستمالة الرأي العام واستعطافه للتضامن معها ماديا ومعنويا، وهذا ما تجلى بوضوح خلال تداعيات الأزمة التي فجرتها أحداث مخيم العيون، حيث شنت الصحافة الإسبانية حملة ضارية وظالمة على المغرب خرجت فيها عن حدود المعايير المهنية وأصول اللياقة حيال الجار، ما أرغم المغرب على اتخاذ إجراءات عقابية صارمة في حق بعض الصحف والصحافيين الإسبان. ويضع سفر ولد سويلم، إلى العاصمة الإسبانية ، حدا للترقب والانتظار الذي طال كثيرا، مع الإشارة إلى أن السفير المغربي ستواجهه أزمة جديدة بمجرد مباشرته مهامه بعد استقباله من طرف العاهل الإسباني لتقديم أوراق اعتماده، المقرر حسب مصادر دبلوماسية أن يتم يوم الاثنين بالقصر الملكي "لا ثارثويلا". وقبل أن يحل ولد سويلم بمدريد، تمكن عدد من الصحراويين ، يبدو أن لهم صلة بأحداث مخيم العيون، من الوصول إلى جزيرة " فيونتيفينتورا" بالأرخبيل الكناري، دون أن تتمكن أجهزة الرادار الإسبانية من رصدهم أثناء الرحلة البحرية الحافلة بالأخطار التي قطعوها انطلاقا من شواطئ الصحراء، ما يحمل على الاعتقاد أن حراس الشواطئ الإسبان غضوا الطرف عنهم وهم في أعماق المحيط، بدليل أن ناشطين إسبان مساندين لجبهة البوليساريو، سارعوا إلى تقديم العون للصحراويين الفارين من العيون بمجرد وصولهم. وللتغطية على تواطؤ لم تتضح دلائله بعد، روجت بعض الصحف الإسبانية وخاصة جريدة "الباييس" أن السلطات المغربية على العكس هي التي غضت الطرف عن الصحراويين وعددهم 28 وسهلت مغادرتهم العيون، حتى لا تضيف مشاكل أخرى على اعتبار أنهم شاركوا في الأحداث وبالتالي ستضطر إلى متابعتهم قضائيا. وطبقا لتقارير صحافية، فإن المهاجرين السريين الصحراويين، تقدموا إلى السلطات الإسبانية ، بدعم من المنظمات المساندة لجبهة البوليساريو، بطلب حق اللجوء السياسي على أساس حمايتهم من عقاب سيتعرضون له إن عادوا من حيث أتوا. ويشكل الطلب إحراجا للسلطات الإسبانية، خاصة وقد تحرك اللوبي المؤيد للبوليساريو لإرغامها على الاستجابة لطلب اللجوء على الرغم من أن القانون الإسباني ينظر إلى القادمين على متن القارب البحري، كونهم مجرد مهاجرين سريين ينطبق عليهم قانون الدخول سرا إلى البلاد وبدون أوراق هوية . وأمام حالات مماثلة اتخذت السلطات أحد إجراءين اثنين: إما طرد القادمين وإرجاعهم إلى بلدانهم، وإما منحهم تراخيص إقامة مؤقتة لأسباب إنسانية. وقد رفضت الحكومة الإسبانية مئات الطلبات من مهاجرين سريين آسيويين وأفارقة، مقيمين منذ عدة سنوات في مراكز الإيواء المؤقت بمدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا في شمال المغرب. ويستبعد الملاحظون منح الصحراويين المتسللين حق اللجوء السياسي الذي تحدده قوانين وشروط ومعايير دقيقة. فهؤلاء لا يمكنهم إثبات أنه مهددون أو ملاحقون من طرف السلطات المغربية بسبب آرائهم السياسية بل يمكن لهذه الأخيرة أن تعتبرهم مجرد مهاجرين سريين متسللين ولا تبالي بقضيتهم تاركة معالجة الملف للسلطات الإسبانية. وفي هذه الحالة فإن هذه الأخيرة لن تجد أي مستند يبرر منحها صفة اللجوء السياسي لصحراويين كلهم تقريبا دون الثلاثين لم يتعرضوا من قبل لمضايقات، ما يعني أنهم استغلوا الفرصة للحصول على وضعية مميزة في إسبانيا. وهناك إشكال قانوني آخر، فإذا ادعى هؤلاء الفارون أنهم مغاربة، فستطبق عليهم إجراءات محاربة الهجرة السرية إما إذا ادعوا أنهم من أنصار جبهة البوليساريو وبالتالي مواطنين لما يسمى الجمهورية الصحراوية التي لا تعترف بها مدريد، فإن معالجة الملف ستتخذ أبعادا أخرى. إلى ذلك، سجل الملاحظون أن التحاق ولد سويلم بمكتبه في سفارة المغرب بمدريد، تم مباشرة بعد رسالة التهنئة التي بعثها الملك محمد السادس إلى عاهل إسبانيا خوان كارلوس بمناسبة احتفال هذا الأخير، بعيد ميلاده الثالث والسبعين، حيث تضمنت الرسالة الملكية عبارات رقيقة وودية حيال ملك إسبانيا. يذكر أن آخر اتصال هاتفي أعلن عنه رسميا، بين عاهلي البلدين، تم في الصيف الماضي إثر أحداث مليلية، حيث اتفقا الملكان على اللقاء في وقت لم يحدد في حينه ما ساهم في إنهاء الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين البلدين، قبل أحداث مخيم العيون التي أضافت فصلا آخر إلى سجل علاقات حافل بالأزمات والخلافات.