لا يمرّ يوم على تونس من دون أن يشهد اعتداءات على الصحافيين. رغم أنّ زياد الهاني يتعرّض اليوم للملاحقة القضائية، إلا أنّ الأمر ازداد خطورة مع ظهور لائحة تقضي بتصفية «المشاكسين» اتّهم عضو المكتب التنفيذي في «النقابة الوطنية للصحافيين» في تونس زياد الهاني (1964) عدداً من مسؤولي وزارة الداخلية بالوقوف وراء اغتيال شكري بلعيد الأمين العام لحزب «الوطنيين الديموقراطيين الموحد» (الأخبار 7/2/2013). اتهامات الهاني جاءت خلال برنامج عرض على قناة «نسمة» الجمعة الماضي، إذ طالب وكيل الجمهورية بفتح تحقيق في أقواله، مؤكداً أنه تلقى اتصالاً من مسؤول أمني لا يعرفه يوم تشييع بلعيد أخبره أنّ «مسؤول المخابرات في وزارة الداخلية انتدب شباناً لتصفية الخصوم السياسيين». وأضاف الناشط التونسي الذي حجبت مدوّنته مراراً أيّام حكم زين العابدين بن علي أنّ مسؤول المخابرات لا يأتمر «بأوامر وزير الداخلية بل بأوامر زعيم «النهضة» راشد الغنوشي، وأحد صقورها الحبيب اللوز»، قبل أن يسارع الناطق الرسمي باسم الوزارة إلى الاتصال بالبرنامج نافياً اتهامات الهاني، ومتوعداً بملاحقته قضائياً، الأمر الذي توعّد به أيضاً الحبيب اللوز على الهواء مباشرة. ولدى مغادرة الهاني مقر القناة، وجد سيارة أمن في انتظاره سلّمته دعوة للمثول أمام المحكمة وجّهها إليه قاضي التحقيق في صباح اليوم التالي (السبت)، علماً أنّه يوم عطلة أسبوعية! أثارت الحادثة الكثير من الجدل في الوسط السياسي التونسي لجهة «المسائل الإجرائية». رغم تأكيد زياد الهاني استعداده للجوء إلى القضاء، إلا أن سرعة تحرّك النيابة العامة غير مسبوقة، ما يدل على نية لاستهداف الصحافيين وفق ما قال الكاتب العام ل«النقابة الوطنية للصحافيين» المنجي الخضراوي. وكشف محامي الهاني فوزي بن مراد أن قاضي التحقيق لا يعلم بتفاصيل الملف الذي يفترض أن يحال إليه، كما أنّ الدعوى القضائية التي وجّهت إلى موكّله لم تحمل توقيع القاضي. وأمام هذا الخلل الإجرائي، سارعت وزارة العدل إلى التأكيد أن الهاني سيمثل أمام قاضي التحقيق «بصفته شاهداً فقط». جريمة اغتيال شكري بلعيد فتحت الباب أمام تهديدات بالقتل تستهدف الصحافيين التونسيين. بعد الترويج لقائمة أسماء مهددة بالاغتيال قبل أسابيع، أكد الصحافي سفيان بن فرحات تلقيه رسالة نصية قصيرة من أحد رجال الأمن المقرّبين من شقيقه تطلب منه توخّي الحذر لأنّ اسمه على قائمة تضمّ شخصيات مهددة بالقتل. كذلك، قال المدوّن والصحافي هيثم المكي إنه تلقى تهديدات بالقتل، وهو ما تعرّض له نوفل الورتاني مقدّم برنامج «لاباس» على قناة «التونسية». دخول تونس في هذا النفق كان متوقعاً، إذ لا ينفك المسؤولون في حركة «النهضة» وحلفاؤها يتهمون الإعلام ب «معاداة الثورة، والحنين إلى النظام السابق»، ما سمح لأئمة المساجد وأنصار «النهضة» على فايسبوك بشنّ حملة على الإعلاميين لم تسلم منها جدران الشوارع، واضعةً الجسم الإعلامي في مرمى الاغتيال.