لم يستوعب عبد العزيز بلخادم تواجده خارج الأمانة العامة للأفلان إلا بصعوبة، ولأن الرجل لم يذرف أبدا الدموع أمام مناضلي الأفلان منذ أن سحب بوعلام بن حمودة البساط من تحت قدميه عام 1998، فإنه هذه المرة لم يستطع حبس دموعه وخرج أول أمس بعد أن وصل سيارته منفجرا بالبكاء، الرجل الذي جاوز سن السابعة والستين ينتظر حسب مقربيه الآن هدية رئاسية، حتى لا يخرج من الباب الضيق، رغم أن هاته الهدية التي تردّد الحديث عنها منذ ثلاثة أشهر وهي منحه مقعد سفارة المملكة العربية السعودية كان رافضا لها جملة وتفصيلا. بلخادم الذي تجمعه علاقات طيبة وله أصدقاء في دول الخليج العربي وأيضا إيران، أسرّ لأحد أصدقائه أنه يفكر في التنقل إلى المملكة العربية السعودية بعيدا عن أوجاع السياسة بعد أن تأكد في الساعات الأخيرة أن عودته إلى الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني من سابع المستحيلات، وتأكد بأن كل دقيقة تمضي تبعد مناصريه عنه، وقال بلخادم أنه سيرتاح مع عائلته، وسيزور كل المناطق التي تربى فيها مثل آفلو في الأغواط، حيث انطلق سياسيا، وسوڤر في الغرب الجزائري التي رأس قسمتها، حيث له الكثير من الأهل والأصدقاء، ثم يبتعد نهائيا عن المشهد السياسي الذي سيندلع قريبا بالرئاسيات، وسيكون لأول مرة منذ ثلث قرن لا شيء في رقعته. بلخادم الذي يقال أنه يتقن أربع لغات وهي الفرنسية والإنجليزية والإسبانية إضافة إلى العربية، قال أنه سيُكمل تعلم اللغة الإيطالية وقد يلجأ لكتابة مذكراته، لأن الرجل الذي تعرف على رؤساء الجزائر السبعة لم يعد له ما يحلم به في عالم السياسة سوى الرئاسة، وهي أيضا من سابع المستحيلات، هكذا ذرف بلخادم الدموع، وكان آخر مرة ذرفها في عام 1998 في المؤتمر السابع للحزب العتيد، عندما منحه الصندوق الأمانة العامة بفضل ولاية الأغواط ومناضلي الشرق، ولكن بوعلام بن حمودة وقف في وجه طموحه وأعلنها انقلابا عليه، ولكن دموعه هذه المرة كانت أكثر حرقة، لأنه آمن يقينا أن ما حدث زوبعة في فنجان القهوة التي ارتشفها، كما لم يرتشفها في حياته، حيث قال مقرب منه أنه احتسى إبريقا بالكامل، بلخادم الذي يتواجد في بيته بالمرادية، حيث كتب فيه "هذا من فضل ربي" في لوحة رخامية، جمع بناته الأربع وأبناءه الثلاثة من الذكور وهم أمين وعبد الرحمان وزكريا، وقال لهم "آن الوقت لأن ألتفت إلى صحتي".