وأخيرا وليس آخرا، اتفق أعضاء اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، أمس، على اختتام الدورة العادية للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، بعد يومين من الجعجعة السياسية والتنظيمية، وإبقاء الحزب في عهدة المكتب السياسي بقيادة الأكبر والأصغر سنا، على أمل عاد دورة طارئة في ظرف الأسبوعين المقبلين لاختيار الأمين العام للحزب. في الوقت الذي كانت تتوجه الأمور إلى مزيد من التشنج بين جناح بلخادم، الذي كان يواصل أشغال اللجنة المركزية داخل القاعة، وبين التقويميين الذين هددوا باستعمال العنف لإرغامه على استكمال الأشغال وجمع الترشيحات - في هذا التوقيت - جاءت التعليمات للتقويميين بالتوجه صوب القاعة للمشاركة في مراسم اختتام الدورة، بعدما جرى اتفاق بين ممثلين عن بلخادم وعن التقويمية، أفضى إلى تنازل بلخادم عن استكمال عملية جمع الترشيحات وتوقيف مسار انتخاب أمين عام جديد، فيما تنازل التقويميون عن موقفهم وأعلنوا اعترافهم بسلطة المكتب السياسي في قيادة الحزب بعد شغور منصب الأمين العام. ولم يحضر بلخادم جلسة الاختتام، رغبة منه في تجنب أي توتر قد يفرزه حضوره، لكن تشنجا كبيرا حصل حين صعد، مثلما اتفق عليه، الوزير عمار تو وعبد الرحمن بلعياط إلى المنصة لإعلان اختتام الدورة، حيث رفض أنصار بلخادم تواجد عمار تو في المنصة، وطالبه ولد الحسين بالنزول ووصفه ب''الخائن''، ما دفعه إلى النزول، وسيطر بلعياط بشكل سريع على الأحداث حين أعلن اختتام الدورة وإبقاء المكتب السياسي سيدا بقيادته، باعتباره أكبر الأعضاء سنا، والأصغر عبد القادر زحالي، والاجتماع في دورة طارئة يحدد لها تاريخ لاحق، واختتمت الدورة دون أي مراسم ولا نشيد وطني. ومنحت وزارة الداخلية ضمانات لقيادة الحزب بتمكينها من ترخيص لعقد الدورة الطارئة في حال غلق الدورة الحالية. وقال عبد الحميد سي عفيف: ''لدينا ضمانات من الجهة التي تعطي الترخيص، لمنح الحزب ترخيصا لعقد دورة طارئة باسم الأكبر سنا، يقصد عبد الرحمن بلعياط''، وهو العامل الذي طمأن جناح بلخادم ودفعه إلى التوافق مع ''التصحيحيين''. وقال سي عفيف إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الطرفين تم بعد مفاوضات مع مجموعة الوزراء المعارضين لبلخادم، وانتهت بموافقة الوزراء على سلطة المكتب السياسي المشكل من ثمانية أعضاء، أربعة منهم من خصوم بلخادم وهم الوزراء عمار تو والطيب لوح ورشيد حراوبية وعبد العزيز زياري، غير أن الحركة التقويمية طالبت بإشراك عضو منها ممثلا في أحمد بومهدي في المكتب، لكن هذا المكتب رفض. وقال عبد العزيز زياري إن ''انتخاب أمين عام الآن سيكون عملا غير مسؤول، هذا الاتفاق يتيح لنا الخروج من المأزق واستشارة الرئيس والبحث عن شخصية توافق كأمين عام''، مشيرا إلى أنه ''ليس هناك أي اسم مطروح ومتوافق عليه حاليا''. وسألت ''الخبر'' بلعياط عن مصير لجنة الترشيحات التي شكلها جناح بلخادم، فأكد أنها ستبقى سارية وستنتقل للعمل في المقر المركزي لاستقبال الترشيحات، وقال إن بلخادم بات عضوا في اللجنة المركزية فقط ويحق له الترشح كأي عضو''، غير أن عبد الكريم عبادة شدد على أنه لن يسمح لبلخادم بالترشح مطلقا. وقال عبد القادر حجار: ''إذا سمحت اللجنة المركزية لبلخادم بالترشح، فهذا يعني أننا نعبث''، غير أن المعني بالأمر، عبد العزيز بلخادم، تحفظ على الخوض في مسألة ترشحه وقال: ''لم يتصل بي أحد، ما يهمني ألا يبقى الحزب في حالة شغور''. وفيما أعلن ثلاثة من أعضاء اللجنة المركزية، هم حليمة إبراهيم ويمينة مفتالي وأحمد حنوفة، ترشحهم، وبات المرشحون ستة في المجموع، عقد أعضاء مكتب الدورة الذي شكله التقويميون ويضم علي مرابط وصليحة جفال وأحمد بومهدي ومدني حود، مؤتمرا صحفيا واتهموا بلخادم ''بالتصرف بنفس طريقة العمل في اللجان الشعبية في ليبيا''، وأعلنوا رفع شكوى إلى وكيل الجمهورية بمحكمة الشرافة ضد المحضرة القضائية بتهمة انحيازها إلى بلخادم. وخطت جبهة التحرير خطوة أولى نحو الانفراج بتوافق مؤقت بين طرفي الأزمة، لكن الأزمة لم تطو، والخلافات مازالت عديدة ومتعددة، ولا يعرف ما إذا كانت الدورة الطارئة المقبلة ستمكن الحزب العتيد من تجاوز لعنة الشتات التي حلت به منذ .2003