كشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بوعبد الله غلام الله، أمس، بأنه ''تقرر توقيف الأئمة الخمسة الذين رفضوا الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني تحفظيا''، ومنعهم اليوم من إلقاء خطبة الجمعة إلى غاية صدور القرار النهائي للمجلس التأديبي. يأتي القرار، حسب الوزير، بعد أن نظر المجلس العلمي بالوزارة، أمس، في ملف الأئمة الخمسة وخمسة موظفين آخرين في نفس المساجد، وهم مؤذنون ومعلمو قرآن وقيّمون على المسجد. وأفاد غلام الله، في تصريح خاص ل''الخبر''، بأن ''المجلس العلمي قرر إحالة المعنيين على المجلس التأديبي، بعد تبليغ القرار الأولي لمدير الشؤون الدينية بالعاصمة، الذي سيحيلهم بدوره على المجلس المختص بإصدار القرارات الإدارية التي قد تصل إلى حد الفصل من الإمامة''. وتابع نفس المسؤول: ''القرار الأولي يقضي بتوقيفهم عن الإمامة تحفظيا، حيث لن يقفوا في المنبر اليوم لإلقاء خطبة الجمعة''. وتمسك الوزير بخطورة الوقائع، مؤكدا: ''من رفض الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني صبيحة الإثنين بدار الإمام لم يكونوا خمسة أئمة فقط، بل اتفق معهم في نفس السلوك خمسة آخرون من موظفي القطاع، لهذا كان لزاما التحرك لوضع حد لما وقع، والذي قد يحدث الفتنة والبلبلة بين الناس''. الأكثر من هذا، فإن ''الإمام'' مفوض من طرف رئيس الجمهورية لإمامة الناس، ولا يحق له أن ينشر البلبلة، وتابع: ''أعتقد بأن الإمام الذي يقف في المنبر وهو يغش الناس، لا يحق له إمامتهم، وهذه كبيرة لا تغتفر''. وفي تعليقه على الحادثة المشابهة، التي وقعت، صبيحة أمس، بمركز التكوين التابع لسونلغاز ببن عكنون في العاصمة، حيث رفض عدد من المهندسين، الذين كانوا حاضرين لأداء اليمين، الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني، قال ''إن مهمة الطلبة أقل من الأئمة، وجرمهم أقل، لكن جرم الأئمة أكبر لأنهم موظفون، وإن كان يحق لمدير الجامعة أن يسحب منهم الشهادة، فأنا لا يحق لي أن أصدر قرارا من دون اتباع الإجراءات القانونية''. واعتبر الوزير تصريحات الأئمة والمؤذنين أمام المجلس العلمي غير مبررة، حيث أكدوا بأنهم ندموا على ما قاموا به ولم يعوا تحديدا خطورة السلوك وأثره على المجتمع. الأئمة: ''ندمنا على ما فعلنا... وكنا على ضلالة'' وفي هذا الشأن، أوضحت مصادرنا بأن أئمة مساجد الحراش، الدارالبيضاء، باب الوادي، براقي وبئر مراد رايس قالوا '': لقد ندمنا على ما فعلنا وكنا على ضلالة، لأننا كنا نعتبر الوقوف لغير الله بدعة، وهو نفس الأمر بالنسبة للنشيد الوطني''. واتجه أحدهم للقول: ''لو كنت أعلم بأنه يتوجب عليّ الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني لفعلت وتجنبت تبعات ما حدث معي''. وتتراوح أعمار الأئمة ما بين 30 و50 سنة، وأغلبهم يتبع التيار السلفي الذي يستورد الفتاوى من وراء البحر. وتابع مصدرنا: ''إن التعليمات التي وجهت لكل المجالس العلمية ستمنع وقوع نفس المشكل مستقبلا''. مهندسون معماريون على خطى الأئمة تكرر نفس السلوك الذي قام به عدد من الأئمة بدار الإمام بالمحمدية في العاصمة، لكن هذه المرة مع مهندسين معماريين، حيث رفض البعض منهم الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني، بقاعة المحاضرات جدياني محمد بمركز التكوين التابع للشركة الجزائرية للكهرباء والغاز في العاصمة، دقائق قبل تأديتهم اليمين تتويجا لتخرجهم في الدفعة التي حملت اسم ''العقيد علي تونسي''. ولم ينتبه أحد إلى أن حوالي أربعة مهندسين رفضوا الوقوف، إلا أن الرئيسة الشرفية لهيئة المهندسين لناحية الوسط، المهندسة حورية بوحيرد، لم تتمالك نفسها، خصوصا أنها كانت من بين الواقفين في المنصة، بما مكنها من رؤية كل الحاضرين في القاعة ومن لم يقف أثناء عزف النشيد الوطني بمقاطعه الخمسة، حيث خرجت مباشرة بعد تأدية 350 مهندس جديد لليمين، وتوجهت صوب أحدهم، خارج القاعة، وراحت تستفسره عن السر وراء رفضه الوقوف، وهو ما انتبهت له ''الخبر''، وقالت له بالحرف الواحد: ''لماذا لا تقف للنشيد، هل تريد أن تعزف لك ''لامارسياز'' (نشيد فرنسا) حتى تقف؟''. وتابعت: ''هذا النشيد رمز لتضحيات آبائنا وأجدادنا، وأنتم اليوم تتكبرون على تاريخكم''. وسألنا المتحدث عن سبب رفضه الوقوف فأجاب: ''في السابق كنت أقف أثناء عزف النشيد الوطني، لكني اليوم اقتنعت بأنه لا وقوف لغير الله''. وتأسف زملاء المهندسين الرافضين للنشيد، والذين كانوا ملتحين وبعضهم يرتدي القميص الأبيض، واعتبروا بأنهم أفسدوا عليهم فرحة التخرج، وهم من اجتازوا 18 شهرا كاملا في التربص، بعد أن تحصلوا على شهادة مهندس.