الرباط "مغارب كم": بوشعيب الضبار في أول سابقة سياسية وإعلامية من نوعها في تاريخ المغرب السياسي المعاصر،التقى مرشحو الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،ليلة أمس في برنامج "مباشرة معكم" ، للحديث عن واقع الحزب، وبسط تصوراتهم لمعالجة الاختلالات، التي يعاني منها، وكذا مقترحاتهم بالنسبة للمستقبل. وقد أجمع المرشحون، كل بطريقته وأسلوبه الخاص في التعبير، على أهمية هذا المؤتمر، الذي اعتبره فتح الله ولعلو بأنه " مؤتمر الانطلاقة الجديدة"، فيما وصفه أحمد الزايدي، بأنه" مؤتمر الأمل " ، وقال عنه إدريس لشكر ، إنه "انطلاقة ومحطة لتقديم أشياء جديدة للشعب المغربي"،وأكد محمد الطالبي قوة الاتحاد ك"رقم صعب". أما الحبيب المالكي، فاستعان بمقولة للمرحوم عبد الرحيم بوعبيد، مفادها أن "الاتحاد نهر جارف لايجف، كيفما كانت فصول السنة،" مضيفا أن استمرارية الاتحاد دليل قوي على صواب رؤية واستشراف فقيد الحزب. ومنذ البداية، ظهر أن المتنافسين كانوا حريصين على عدم الدخول في مشاكسة بعضهم البعض، ولعل هذا هو ما يفسر تصريح لشكر:" جلستنا اليوم، ليست جلسة متنافسين، بل جلسة مناضلين لتخليق العمل السياسي، وتقريب السياسة من المواطنين"، على حد تعبيره. وباستثناء بعض الجزئيات والتلميحات الصغيرة، الواردة في تدخلات المتنافسين، فإن البرنامج لم يشهد وقوع اختلافات عميقة في وجهات النظر. وكانت قضية استقلالية القرار السياسي للحزب إحدى اللحظات المثيرة للانتباه، وكان الزايدي أول من فجرها،ملحا على ضرورة التشبث بها،ليوافقه الرأي ولعلو قائلا:" لسنا في حاجة إلى من يوجهنا،" مضيفا أن " الأحداث تؤكد صواب اختيارنا". وسارع المالكي للإفصاح عن رأيه ، فقال:" لست متفقا مع بعض الجوانب لمساهمات الإخوة"، في هذا النقاش، مضيفا" أن الاتحاد ولد مستقلا ،خارج أي مظلة، وخارج الوصاية بجميع أصنافها، ومظلته هي الشعب المغربي، وطريقه هي الديمقراطية، و لا ينبغي المبالغة في استقلالية القرار السياسي،" مؤكدا "أن الحزب حتى اليوم مستقل في اتخاذ قراراته". وعاد الزايدي معقبا:" استقلالية القرار السياسي هي مسألة مبدئية،لاتنقيص فيها، ولاتشكيك في الحزب"،فيما اعتبرها الطالبي " مسألة أساسية مرتبطة بنا كحزب، إذ يجب أن نكون قادرين على المواجهة، واستقلالية القرار تكمن في الديمقراطية". وما عدا هذه النقطة ،التي أثارت شيئا من الأخذ والرد ،وأخرجت البرنامج من رتابته،إلى حدما ، فقد لاحظ المشاهدون أن بعض الأفكار المعبر عنها من طرف المتنافسين،في البرنامج التلفزيوني، تجسد تقريبا نفس المواقف التي أثيرت يوم من قبل ، ضمن برنامج إذاعي لمحطة " راديو بلوس"، مثل التنويه بحكومة التناوب بقيادة عبد الرحمان اليوسفي، وما قدمته من إصلاحات في مختلف المجالات،و اعتبار المشاركة في حكومة إدريس جطو، بمثابة خطأ، لخروجها عن "المنهجية الديمقراطية"، وممارسة النقد الذاتي في حق الحزب،بابتعاده عن المجتمع خلال انغماسه في التدبير الحكومي،ماأدى إلى فقدانه لوهجه،وتراجع لإشعاعه، ووقوع أزمة تنظيمية داخل صفوفه . و نالت الحكومة الحالية، بقيادة عبد الإله بنكيران،نصيبا وافرا من التقييم، بلغة ونبرات حادة،حيث تحدث الكل عن بروز بعض مظاهر الصراع داخل الأغلبية، وكذا إخفاقها في التنزيل السليم لمقتضيات الدستور الجديد. وذهب الزايدي إلى حد القول: "إن أزمة عدم تفعيل الدستور من أخطر الأزمات، وليست هناك إرادة حقيقية لتفعيله، والمغرب اليوم يوجد في مرحلة حرجة جدا"، وتساءل المالكي :" إلى أين نسير، بعد أن توقفت حركية الإصلاح؟"، معتبرا هذه الحكومة، بأنها " تشكل خطرا بالنسبة للبناء الديمقراطي"، على حد تعبيره. وقد كان عدم ترشيح أي إمرأة للكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي، مثار إحراج بالنسبة للمرشحين الخمسة،خاصة بعد أن واجههم جامع كلحسن، مقدم البرنامج، بأن هذا الأمر خلق لديه" إشكالا"، بعد أن اعتاد في الحلقات السابقة، على استضافة العنصر النسوي إلى جانب الرجل،كنوع من المناصفة. وحاول المرشحون،تبرير غياب المرأة، فادريس لشكر،أشار إلى سيادة " الثقافة الذكورية"، ك" ظاهرة عامة في المجتمع"، ولعلو عبر عن أسفه ، مع التأكيد على أن القضية النسائية كانت حاضرة دائما في صلب اهتمامات الحزب،للتوجه نحو أفق المناصفة والمساواة. وبدوره أبرز الزايدي أن حزبه كان دائما بجانب مقاربة النوع، وتكريس الحضور الوازن للمرأة في الحياة السياسية،فيما أوعز الطالبي ذلك، إلى ماأسماه " عامل التعفف الذي دفع مناضلات الحزب للترشح". وفي نفس السياق، اوضح المالكي أن "الاخوات الاتحاديات يتسمن بتواضع نضالي كبير،ولهن عطاء جد متميز،" معلنا أنه تقدم في برنامجه باقتراح عملي لإنجاز وتحقيق المناصفة على مستوى الأجهزة القيادية". وفي ختام البرنامج، عبر مقدمه جامع كلحسن عن امله في أن يكون هذا اللقاء، بداية تقليد سياسي وإعلامي لمتابعة النقاش داخل كل التنظيمات السياسية والحزبية في المغرب. *تعليق الصورة: المرشحون للكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي، أثناء مساهمتهم ليلة أمس في برنامج " مباشرة معكم".