كشفت تقارير طبية، نهاية الأسبوع المنصرم، تداولتها الصحافة الوطنية في استغراب، أن 35 بالمائة من الشعب الجزائري يعاني من ارتفاع ضغط الدم، كما نشرت الكاتبة أحلام مستغانمي على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي ''الفايسبوك''، بأن عدد المجانين في الجزائر تجاوز عدد شهداء الثورة التحريرية، أي تعدى رقم مليون ونصف المليون مجنون.. وقد عدّد المختصون أسباب ارتفاع الضغط عند المواطن الجزائري وكيفية الوقاية منه وإيجاد حلول لذلك، والأكيد أن هذه الدراسات كلفتهم جهدا كبيرا. في الواقع.. كان على المختصين أن لا يبحثوا كثيرا في أسباب ارتفاع ضغط دم الجزائري، وأن لا يقيسوا ضغط الدم لديه، بل كان عليهم فقط النزول إلى الشارع، إلى الطرق والمستشفيات والمدارس والأحياء الشعبية والأسواق، وأن يقيسوا ضغط الدولة الذي ارتفع على المواطن الجزائري، ليصيبه بكل أنواع الأمراض الجسدية، من القُرحة المعدية، إلى القولون، إلى ضغط الدم وارتفاع السكر والمرّ والعلقم.. والاجتماعية من السرقة والرشوة والكذب وشهادة الزور.. والنفسية من جنون وانفصام وهستيريا وغيرها.. ويجب أن ندق ناقوس الخطر ونحذر من ارتفاع ضغط الدولة على المواطن البسيط، قياسا مع ارتفاع مستوى الفساد فيها إلى درجة جنونية.. كيف لا يصاب المواطن الجزائري بضغط الدم والجنون والموت قهرا، وهو يرى دولته العزيزة وهي تسهر على راحته، ولا تنام الليل، إلا في فنادق خمس نجوم للوقوف على مستقبله، دولة تصرف ملايير الدينارات على لجان مراقبة الانتخابات والحملات التحسيسية، لحثه على الانتخاب، لكنها تعجز أو تتقاعس أو تغض الطرف عن مراقبة جنون هؤلاء المنتخبين بعدها، في استغلال منصبهم لخدمة مصالحهم الشخصية وجنون المافيا المالية والاقتصادية والسياسية التي تسيّرها، في نهب المال العام، بلا رادع ولا حسيب ولا رقيب. كيف لا يرتفع ضغط الجزائريين وهم يرون كيف توزع ثروات الجزائر، يمينا ويسارا، شرقا وغربا، داخلا وخارجا، بينما يرتقب المواطن البسيط، كل شهر، ذلك الراتب الزهيد، ليوزعه على مُستدينيه، من البقال، إلى الخباز، إلى الجار، على فاتورة الغاز والكهرباء والحليب وو.. والأكيد أنه لا يحلم أبدا بشراء اللحم، في انتظار عيد الأضحى، الذي أصبح غمة الأضحى للجزائريين هذا العام.. حتى الفرحة احتكرتها الدولة في الجزائر.. كيف لا يصاب المواطن الجزائري بالجنون يا أحلام يا مستغانمي وهو يعيش كل هذا، بينما يسمع في الوقت نفسه، بالأرقام المخيفة لمستوى السرقة والاختلاس والصفقات المشبوهة.. كيف لا يجنّ من تحوّل المشاريع الضخمة والتي صُنّفت بمشاريع القرن إلى نكبات متتالية، تذهب أموال إنجازها إلى مصاصي دماء الجزائريين، وكلّما هدأت عاصفة فضيحة، إلا واهتزت الجزائر بفضيحة أقوى، من فضيحة الخليفة إلى سوناطراك، إلى الطريق السيار، إلى الأدوية، إلى الزكاة إلى... وما خفي أعظم. كيف لا يُجنّ الجزائري، وقد حرمته هذه الدولة الفاسدة، حتى من الترفيه عن نفسه، وحتى وإن أراد ذلك، ارتطم بما يجعله ''يخرج عن عقله'' ويكلّم نفسه. ألا يدعو ما حدث مع الفريق الوطني في ملعب 5 جويلية إلى الجنون والخروج من الملعب، وأنت تلعن الكرة ومن اخترع الكرة، ومن وضع العشب وتلعن حتى المطر الذي سقط بقوة ذلك اليوم وكشفت المستور..؟ كيف لا يرتفع ضغط المواطن الذي يعيش ربع حياته في الانتظار، بسبب سوء التسيير والتقدير والإهمال والتسيب.. انتظار سيارة الأجرة بالساعات.. انتظار الحافلة.. انتظار القطار.. الانتظار القاتل في حركة السير خاصة إذا مرّ أي مسؤول.. انتظار دوره عند الطبيب.. انتظار دوره في السكن.. انتظار دوره في الزواج....انتظار دوره أمام السفارات.. انتظار دوره في المطار.. انتظار دوره عند محاولة مقابلة أي مسؤول إن استطاع إلى ذلك سبيلا.. انتظار دوره حتى في ''الحرفة''، ولم يبق إلا أن يصبح الجزائري ينتظر دوره في الدفن يوما ما، على شساعة مساحة الجزائر.