على الرغم من أن هولندا تشهد وجود حزب من أعتى أحزاب اليمين القومي المتطرف الذي يطالب بطرد المهاجرين المسلمين وهو 'حزب الحرية'، كادت سياسية هولندية من أصل مغربي خديجة عريب أن تترأس البرلمان في هذا البلد الأوروبي بعدما نجح سبعة نواب من أصل مغربي في التواجد فيه في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وإن كانت جذورهم للمغرب تقف حائلا دون مزيد من التقدم سياسيا. وكانت هولندا قد شهدت انتخابات تشريعية سابقة لأوانها يوم 13 ايلول (سبتمبر) الماضي، 'حيث حصل الحزب الليبرالي على 41 مقعدا بزيادة عشرة مقاعد عن سنة 2010 وبمعدل يقارب 27' من الأصوات، وسيتولى مارك روته تشكيل الحكومة المقبلة. وحقق حزب العمل ثان أكبر الأحزاب الهولندية 39 مقعدا بقرابة 25' من الأصوات ويعود الفضل في هذه النتيجة الى زعيمه الشاب ديدريك سامسون. ودائما في إطار نتائج الانتخابات، حصل الحزب المسيحي الديمقراطي على 13 مقعدا وخسر ثمانية مقارنة مع 2010، وحافظ الحزب الاشتراكي على 15 مقعدا التي كانت عنده، وأصبح لحزب الديمقراطيين 12 مقعدا، والحزب المسيحي بخمسة مقاعد وحزب الحيوانات بمقعدين، وهي تسمية مثيرة للغاية. ' وكانت أكبر مفاجأة في هذه الانتخابات هو التراجع الكبير للحزب الشعبوي 'من أجل الحرية' حيث حصل على 10' من الأصوات المعبر عنها بحوالي 15 مقعدا بينما كان قد حصل على 24 مقعدا في الانتخابات التشريعية لسنة 2010. ومقابل التراجع الذي سجله حزب الحرية الذي جعل من مواجهة الهجرة المسلمة وخاصة المغربية منها هدفا له، حملت هذه الانتخابات معها دخول سبعة هولنديين من أصل مغربي الى البرلمان الهولندي وهو رقم قياسي في تاريخ هذه المؤسسة التشريعية الأوروبية خاصة في ظل مهاجمة الهجرة من طرف أحزاب يمينية متطرفة وحى معتدلة. ينتمي خمسة من النواب من أصل مغربي إلى حزب العمل وواحد الى الخضر ونائب آخر من حزب الشعب والحرية ذو التوجه الليبرالي. وكانت المفاجأة الثانية هي ترشح البرلمانية خديجة عريب من حزب العمل اليسار الى رئاسة البرلمان منذ يومين، ورغم أنها لم تفز بالمقعد إلا أنها حصلت على 56 صوتا مقابل 94 لمرشحة من الحزب الليبرالي. وهذه ول مرة تترشح سياسية أوروبية من أصول مغربية الى برلمان دولة أوروبية. وفي حالة ما إذا كانت قد فازت، فوقتها كانت خديجة أعريب ستتولى المنصب الثالث في هولندا بعد الملكة ورئيس الحكومة وأعلى منصب كان سيحققه مواطن أو مواطنة من أصول مغربية في تاريخ السياسة الأوروبية بعد كل من رشيدة الداتي كوزيرة العدل في فرنسا سابقا ونجاة بلقاسم الناطقة حاليا باسم الحكومة الفرنسية. وشهدت قبة البرلمان الهولندي قبل التصويت على اختيار رئاسة هذه المؤسسة التشريعية منذ يومين نقاشا قويا بين خديجة أعريب وممثل عن حزب الحرية الذي اعتبر أن وصولها الى البرلمان نكسة للسياسة الهولندية، متهما إياها بالولاء المزدوج للمغرب وهولندا. ويعمل حزب الحرية على توظيف الولاء المزودج في خطابه السياسي منذ اعتقال شرطي هولندي من أصول مغربية يعمل لصالح المخابرات المغربية. وكان ذلك الحادث منعطفا بعدما وجه عدد من المثقفين والفاعلين في مجال الهجرة والسياسة في هولندا من أصول مغربية رسالة مفتوحة الى الملك محمد السادس يطلبون منه وقف اعتبار الهولنديين من أصول مغربية بمثابة رعاياه.