في إشارة لا تخلو من معاني سياسية ونقابية، انفتحت جريدة" الاتحاد الاشتراكي" المغربية، على نقابة اكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي خرجت من معطف الحزب في عقد الثمانيات، على يد مؤسسها محمد نوبير الأموي، احتجاجا ورفضا لوصاية الاتحاد المغربي للشغل، أول نقابة في المغرب، على الطبقة العاملة. ونشرت الجريدة في عدد اليوم الأربعاء، نص الكلمة التي ألقاها "الأموي" في الدارالبيضاء، في مناسبة الاحتفال بعيد العمال، وإلى جانبها في الصفحة المقابلة كلمة عبد الرحمن العزوزي الكاتب العام لنقابة" الفدرالية الديمقراطية للشغل" التي اضطر ت قيادة الاتحاد الاشتراكي لتأسيسها نهاية التسعينيات، بعد تعذر الحوار والتفاهم مع ا"لأموي" الذي كان يمثل التيار النقابي في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، ثم انسحب منه ليؤسس تنظيمه الحزبي الخاص به "المؤتمر الوطني الاتحادي" الذي انقسم بدوره إلى حزب جديد ونقابة أخرى. وشكل موقع النقابة في العمل السياسي، محور وجوهر الخلاف التاريخي بين الاتحاد الاشتراكي وقيادة الاتحاد المغربي للشغل، ممثلة في زعيمها الراحل المحجوب بن الصديق ، الذي كان يدافع لأسباب غامضة وغير مبررة دائما، عن استقلال الطبقة العاملة ويعارض بشدة الزج بالنقابة في المعترك السياسي، بينما رأت قيادة الاتحاد الاشتراكي في ذلك "خيانة " للطبقة العاملة و"تواطئا" ضمنيا أو مكشوفا، مع النظام السياسي الذي مارس الاضطهاد ضد الاتحاديين، بينما التزمت النقابة بتأثير بن الصديق، الحياد السلبي التام، ما دفع جناحا بزعامة الراحل عمر بن جلون و الأموي وآخرين، إلى تأسيس نقابة بديلة، اعتبرت رديفا سياسيا لحزب الاتحاد الاشتراكي، فخاض النضال موحدين ولم يدم شهر العسل كثيرا بين قيادة الاتحاد ونقابته الوليدة، فبقدر ما وحدتهما المعارضة في وجه النظام، دب الخلاف بينهما بعد أن قرر الاتحاد الاشتراكي، الدخول إلى الحكومة التي ترأسها أمينه العام عبد الرحمن اليوسفي الذي فوجئ بمعارضة شرسة وغامضة من "الأموي" فجرت في الحقيقة الصراعات الداخلية بين الأجنحة والتيارات المتجاذبة في صفوف الاتحاد، انتهت بفراق الطرفين. ولوحظ أن جريدة "الاتحاد الاشتراكي" بدأت في الانفتاح التدريجي على "الأموي" منذ تنحية محمد اليازغي، عن الأمانة العامة للحزب الذي طالما اعتبره "الأموي" الخصم الرئيس، وانتقال إدارة الجريدة إلى عبد الهادي خيرات، رفيق الأموي في المعارك النقابية التي أودت بكليهما إلى السجن لكن الأول دافع دائما عن الشرعية السياسية والتاريخية للحزب مفضلا أن يرفع صوته المنتقد في صفوفه وليس بالانشقاق عليه. وبرأي ملاحظين، فإن نشر كلمة "الأموي" يندرج ضمن الخط التحريري المنفتح الذي تسلكه الجريدة، وإن كان لا يخلو من مغازلة سياسية ونقابية، رما تمهد إلى إعادة اللحمة إلى الأسرة الاتحادية المغربية بشقيها السياسي والنقابي، فقد أدركوا كلهم حكمة المثل المأثور "الاتحاد قوة" خاصة وأن مكونات اليسار المغربي برمتها تدعو إلى وحدة الصف وتجاوز الخلافات الذاتية والتنظيمية التي أدت إلى تراجع صورتها وصوتها لدى الرأي العام المغربي. لكن جل المحللين، يعتقدون أن المسار طويل وصعب يلزم التحلي بأخلاق سياسية لا تتحلى بها جميع الفعاليات والمكونات .