من المنتظر أن يدق المؤتمر الوطني الثامن للنقابة الوطنية للتعليم آخر مسمار في نعش العلاقة بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وحملت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي انطلق أول أمس (الثلاثاء) بالدار البيضاء، مؤشرات عدة على هذا الطرح من خلال الشعارات المرفوعة والتصريحات النارية التي أطلقها بعض قياديي النقابة الوطنية للتعليم (الفصيل الاتحادي) والتي تنحو في اتجاه وحيد مؤكد على طرح الانفصال عن الكونفدرالية وتأسيس بديل نقابي آخر. وجاء في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر التي قرأها عبد الرحمن شناف، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، أن "الوضع الذي أصبحت عليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد انفراد جهازها القيادي، الذي أبى إلا أن يعرقل المسار الطبيعي للعمل النقابي ويخلق متاعب لكل القطاعات لحسابات ضيقة وذاتية، لا تخدم في شيء مصالح الطبقة العاملة، بل وتضرب، على حد قوله، في تلك المبادئ التي أسس من أجلها البديل النقابي". ويقصد شناف في ذلك بديل الكونفدرالية المنفصل عن الاتحاد المغربي للشغل في 1978 والذي أسسته النقابة الوطنية للتعليم ونقابات أخرى بعد تأزم العلاقة بين الجناح النقابي فيها والجناح السياسي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وإن كان يرى بعض قيادي النقابة الوطنية للتعليم التابعين للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن التاريخ يعيد نفسه داخل الكونفدرالية التي تأزمت، على حد زعمهم، العلاقة داخلها مجددا بين الجناح النقابي والجناح السياسي التابع هذه المرة لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي وضرورة تأسيس بديل "مستقل وديمقراطي عن الجناح السياسي"، فإن آخرين متتبعين لمسار الصراع القائم داخل الكونفدرالية يعتبرون أن البديل الذي تطرحه النقابة الوطنية للتعليم بمعية نقابات أخرى "لن يسلم بدوره من سيطرة الجناح السياسي عليه، والذي لن يكون إلا حزب الاتحاد الاشتراكي"؛ وقد بدا ذلك واضحا من خلال حضور أغلب قياديي الحزب يتقدمهم الكاتب الأول فيه عبد الرحمن اليوسفي ونائبه محمد اليازغي للجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني، كما تحدث المنظمون أيضا على أن أزيد من 08 بالمائة من المؤتمرين فيهم من حزب الاتحاد الاشتراكي والباقون يتوزعون بين المنتمين إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي وجبهة القوى الديمقراطية واليسار الاشتراكي الموحد. في السياق ذاته، يؤكد أنصار الكاتب العام للكونفدرالية محمد نوبير الأموي داخل النقابة الوطنية للتعليم والذين أسسوا بدورهم نقابة تعليمية موازية أن البديل النقابي الذي يطرحه الاتحاديون لن يكون إلا "دكانا نقابيا لخدمة المصالح السياسية لحزب الاتحاد الاشتراكي"، حسب تصريحات كانت استقتها "التجديد" سابقا. لكن الفصيل الاتحادي بالنقابة الوطنية للتعليم يصر في مقابل ذلك على القول إن "بديلهم النقابي الذي يطرحونه سيشكل بكل استقلالية وشفافية وسيأتي خلاصة للحملة التي أطلقوها داخل الكونفدرالية والمتعلقة بما اصطلح عليه بتصحيح الوضع النقابي بالمركزية النقابية". وكانت تعبأت من أجل "الحملة التصحيحية" داخل الكونفدرالية كل من النقابة الوطنية للصحة العمومية والنقابة الديمقراطية للفوسفاطيين والنقابة الوطنية لقطاع "فرتيما" وغيرها، فضلا عن النقابة الوطنية للتعليم واجتمعت لهذا الغرض أخيرا في لقاء وطني تنسيقي جمع النقابات الوطنية المذكورة بالمكاتب الموحدة والاتحادات المحلية والجهوية والمراكز العمالية، وأعلنوا في بيان لهم، عن "شروعهم في التحضير لبلورة بديل نقابي ديمقراطي جماهيري مستقل وتقدمي وحدوي وحداثي يستهدف تجاوز أزمة العمل النقابي القائمة بالمغرب". كما سجل البيان في هذا الصدد أن "المكتب التنفيذي للكونفدرالية، وعوض التجاوب مع دواعي مبادرة الحركة التصحيحية، فإنه تعامل بسلبية ولامسؤولية جسدتها تصريحات أعضائه المؤكدة على تشبثهم بالخط الانحرافي والنهج البيروقراطي، كما تجسدت في قرارات الطرد التي استهدفت العديد من الأطر النقابية المساندة للحركة التصحيحية"، طبقا للبيان المذكور. وتأجج الصراع داخل النقابة الوطنية للتعليم أكثر صيف هذا العام بعد أن دعم المكتب التنفيذي للكونفدرالية مبادرة تأسيس نقابة تعليمية أخرى سميت بالإسم نفسه للنقابة الأولى وطرد عبد الرحمن شناف من الكتابة العامة. كما أقدم المكتب التنفيذي للمركزية النقابية أيضا على حل عدد من الاتحادات المحلية والمراكز العمالية في خطوة اعتبرها الفصيل النقابي الاتحادي معززة لنية أنصار الأموي في "إقصاء الاتحاديين وقيادييهم من المركزية النقابية وتهميشهم على صعيد الاتحادات المحلية". يشار إلى أن المؤتمر الوطني الثامن للنقابة الوطنية للتعليم، الذي ستتواصل أشغاله إلى غاية اليوم (الخميس)، حضره إلى جانب قياديي ووزراء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (عبد الرحمن اليوسفي ومحمد اليازغي والحبيب المالكي ومحمد عابد الجابري ومحمد الكحص وغيرهم)، الكاتب العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي عيسى الورديغي وممثلين عن اليسار الاشتراكي الموحد (من أنصار عبد الرحمن شناف) وحزب جبهة القوى الديمقراطية وكذا ممثلين عن هيئات نقابية عربية مماثلة. يونس