سجل المشهد النقابي الوطني أمس (الأحد) ولادة مركزية نقابية جديدة خرجت من رحم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وأتى هذا المولود الجديد عقب اختتام المؤتمر التأسيسي أمس بالدارالبيضاء، لما كان اصطلح عليه من طرف المنشقين عن الكونفدرالية ب"البديل النقابي" الذي لم يعرف لحد مساء أمس كاتبه العام، أو الاسم النهائي الذي اختير له، على الرغم من أن بعض المصادر اتفقت على أن المؤتمرين ربما يختارون ل"البديل" اسم "الفيدرالية الديمقراطية للشغل". ويبدو أن الاتحاديين يراهنون بشكل قوي على المركزية الجديدة في الدعم والمساندة، لذلك بدا واضحا الحضور المكثف لقياديي حزب الاتحاد الاشتراكي في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي، يتقدمهم الكاتب العام للحزب عبد الرحمان اليوسفي، كما حضر من جانب آخر ممثلون عن حزب الاستقلال، والتقدم والاشتراكية، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وعدد من المنظمات السياسية والنقابية والحقوقية، وغيرها. كما سجل حضور الهاجس الأمني بقوة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر دائما. ويرى أصحاب المركزية النقابية الجديدة، الذين يتزعمهم الموالون للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن القيمة المضافة التي ستزيدها نقابتهم في الشعار المختار للمؤتمر النأسيسي المذكور، والذي تواصلت أشغاله على مدى ثلاثة أيام، "من أجل نقابة ديمقراطية حداثية، مساهمة في التنمية وداعمة للنضال الديمقراطي، وقادرة على مواجهة تحديات العولمة". وزادت السكرتارية الوطنية لمجلس التنسيق الوطني لتأسيس البديل النقابي عن هذه الأهداف قولها، في بيان سابق، إن النقابة الجديدة "ستجسد قيم المواطنة وستعكس وعيا متقدما، سواء من حيث استقلاليته أو من حيث تبنيه الشراكة منهجا وآلية للعمل". والواقع أن زعماء الانشقاق عن الكونفدرالية كانوا أطلقوا قبل مدة غير يسيرة سلسلة تصريحات تفصح عن دوافع الانشقاق من جانب رؤيتهم، حيث ما انفكوا يتهمون فيها المكتب التنفيذي للمركزية الأم ب"البيروقراطية والزعاماتية والشعبوية والعدمية"، على حد قولهم، وهو الأمر الذي كان دفعهم نهاية الصيف الماضي بإطلاق مبادرة ما وصفوها ب"الحركة التصحيحية" داخل الكونفدرالية، خصوصا بعد أن قام المكتب التنفيذي للمركزية الأم بحل العديد من الاتحادات المحلية، فسرها المنشقون بمحاولة "إقصاء" المنضوين تحت لواء الاتحاد الاشتراكي من هذه الاتحادات وسحب البساط من تحت أرجلهم حتى يستفرد التابعون لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي بإحكام السيطرة على الكونفدرالية. بالمقابل، اختار المكتب التنفيذي للمركزية الأصل وضع اللامبالي بما يجريه المنشقون، ويستشف ذلك من خلال ما أكده عبد القادر الزاير، عضو قيادي من المكتب نفسه، في تصريح ل"التجديد" من أن "الذين خرجوا عن الكونفدرالية ما عاد أمرهم يهم مركزيتنا النقابية"، وأن الأخيرة "لا يشغلها الآن إلا الوضع العربي والعدوان الأمريكي البريطاني على العراق الشقيق، وما يعانيه الشعب الفلسطيني يوميا جراء الاحتلال"، مثلما هي منشغلة، وفق قوله، بمناقشة القانون الداخلي للكونفدرالية. أما الاتهامات التي يطلقها المنشقون على المكتب التنفيذي للمركزية النقابية الأصل فليست بالنسبة إلى الزاير إلا محاولة يسعى من ورائها المتهمون "البحث عن مسببات لما أقدموا عليه"، وأنها "لا أساس لها من الصحة". بل يرد الزاير عليها بالقول إن "ما يعيبه المنشقون عن المركزية من بيروقراطية وغيرها، يتحملون مسؤوليته بعدما قضوا في تسيير المركزية سنوات عدة". وفي انتظار تعميم البيان الختامي للمؤتمر التأسيسي لما سمي "بديلا نقابيا"، والذي حضره حسب المنظمين ما يناهز ألف مؤتمر يمثلون قطاعات التعليم، والصحة، والفوسفاط، والفلاحة وغيرها، الواضح أن النقابة الجديدة ستتخذ شكل فدرالية تضم مجموعة نقابات. وكانت بهذا الخصوص أكدت السكرتارية الوطنية لمجلس التنسيق الوطني لتأسيس "البديل" أن ما عرف ب"الحركة التصحيحية أصبحت تضم 24 نقابة وطنية وأزيد من 50 اتحادا محليا وكثيرا من المراكز العمالية". يونس البضيوي